علاء بيومي
(قراءة في تقرير مؤسسة راند الأميركية الصادر في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2012 بعنوان "الأخوان المسلمون، شبابها، وتبعات للتواصل الأميركي").
الموضوع باختصار يا عزيزي القارئ هو أن الجماعة كانت محظورة في مصر وأميركا معًا، وأن الأميركان كانوا يخشون رفع الحظر عن الجماعة حتى لا يغضبون مبارك ونظامه.
كما أن الإخوان جماعة معارضة لأميركا وسياستها في المنطقة أصلا، فهي تدعم جماعات مثل حماس، وتعارض سياسات أميركا في العراق وتعارض تدخل أميركا في شئون مصر والدول العربية الداخلية، وتريد سياسة مصرية أكثر استقلالا عن أميركا.
وإذا كان الأمر كذلك فماذا حدث!؟ وهل تغيرت العلاقة!؟ نعم تغيرت، منذ العام 2005 تقريبا، وبسبب فوز الجماعة بخمس مقاعد مجلس الشعب المصري، وقتها رأى الأميركيون إن عليهم التواصل مع الجماعة إذا كانوا يريدون التواصل مع الشعب المصري وممثليه ومستقبله.
فالأميركان ناس عمليون، وهم رأوا في فوز الإخوان دليل على شعبية حقيقية ومستقبل سياسي في ظل نظام مبارك الهرم.
الإخوان أيضا كانوا يريدون الاعتراف الدولي بوجودهم السياسي، ولكنهم كانوا يخشون من تصوير مبارك لهم على أنهم مخلب لأميركا في مصر.
لذا بدأت العلاقة بحذر، وفي العام 2007 التقى وفدان أميركيان مختلفان بقيادة أعضاء بالكونغرس بقيادات للإخوان المسلمين في البرلمان وعلى رأسهم سعد الكتاني، فقامت الدنيا داخل نظام مبارك ولم تقعد، وتوقفت الاتصالات الأميركية بالإخوان.
العلاقة بعد الثورة
واستمر التردد سمة العلاقة بعد الثورة لأن الإخوان كانوا يخشون الضغوط الشعبية وتصويرهم على أنهم أقل ثورية ورفضا للسياسات الأميركية من غيرهم أو تصويرهم على أنهم يحظون بدعم سياسي أميركي، والأميركان أيضا كانوا يخشون من ردة فعل الكونغرس والجمهوريين واللوبيات المعارضة للتواصل مع الإخوان.
ولكن يبدو أن الواقع "الثوري" الجديد كان أقوى من الجميع، الأميركان – وفقا لتقرير راند – تفاجئوا بضعف المعارضة الداخلية لتواصلهم مع الإخوان، وظهر قادة جمهوريون كبار مثل جون ماكين يشجعون هذا التواصل.
الأميركان أرادوا التواصل مع القادة الجدد في مصر لمعرفة مواقفهم تجاه إسرائيل وقضايا الديمقراطية والحريات، والإخوان أيضا أراضوا الشرعية الدولية والتواصل حول مواقف أميركا من مستقبل مصر.
لذا ظلت العلاقة بين الأميركان والإخوان في حالة تردد، وخوف من اللقاء حتى آب/ أغسطس 2001، ومن ساعتها أصبح الإخوان أكثر الأحزاب السياسية لقاءا مع الأميركان – كما تقول الدراسة.
شباب الإخوان
ولكن هل انتهت القصة عند هذا الحد!؟ لا يا سيدي، القصة مازالت في بدايتها، فالتقرير يقول أن ما يحدث حاليا من تواصل بين الأميركان والإخوان "هو ثورة في السياسة الخارجية الأميركية" لأنه أمر لم يكن متصورا من قبل بهذه الصورة أو الكثافة.
والثورة مازالت في بدايتها في مصر وفي سياسة أميركا التي تريد أن تعرف كل ما يمكنها معرفته عن قادة مصر الجدد وعلى رأسهم الإخوان لأنهم الجماعة الأقوى والأكثر فوزا في الانتخابات حتى الآن، التقرير يقولون أنهم يركزون هذه المرة على شباب الإخوان، وينصحون غيرهم بالتركيز على دور المرأة داخل الإخوان، وغيرها من الفئات الإخوانية.
الأميركان يريدون فهم الإخوان جيدا وفهم الفاعلين الرئيسيين وسطهم بما يمكن المسؤولين الأميركيين من التأثير عليهم.
ولكن لماذا البداية بالشباب، لأن الشباب فرض نفسه خلال الثورة كما فرض الإخوان أنفسهم من خلال الانتخابات، الشباب كان طليعة الثورة و"عضلات" الميدان والمظاهرات والإخوان كما يصفهم التقرير، الشباب هم "جنود مشاة" الإخوان وفقا للتقرير أيضا، فهم من يشاركون في المظاهرات بكثافة وينظمون الحملات الانتخابية وينظمون أنشطة الجماعة الخيرية ويوزعون المظاهرات.
الشباب يمثلون 35 – 50% من الإخوان أو حوالي أكثر من 200 ألف إخواني - كما يقول التقرير وهم القطاعات الأكثر حماسة وقابلية للتغيير، لذا الأميركان يريدون التواصل معهم لكي يضمنوا بناء علاقات مع مستقبل الإخوان.
ماذا يعرف الأميركان عن شباب الإخوان!؟
قليل جدا، كما تقول الدراسة، التي ترى أن الأميركان لا يعرفون الكثير عن الإخوان أو شبابهم، لذا يرون أن عليهم البداية بالدراسة المتعمقة، وهنا يشرح التقرير مؤسسات الجماعة المعنية بالشباب، وكيف تتضمن برامج للأشبال وزهرات دون العضوية الكاملة، ثم تضمهم كطلاب من المرحلة الإعدادية، ثم ينشط الإخوان كثيرا وسط طلاب الجامعات، وبعد ذلك يترقى الشباب كأعضاء عاملين في الجماعة بعد سنوات طويلة من العضوية والتعليم الديني في مقررات الإخوان.
ولكن الجماعة تقول أن شباب الإخوان مظلوم داخل الجماعة فهم المشاة والعضلات ولكن تمثيلهم في القيادة ضعيف، وخاصة على مستوى قيادات الجماعة والحزب، فمتوسط عمر قيادات مكتب الإرشاد هو 61 سنة، وأقل أعضائه سنا عمره 49، أما أصغر أعضاء النواب الإخوان في البرلمان المصري فهو 41 سنة.
هذا يعني أن الإخوان لا يصعدون شبابهم لمواقع القيادة بشكل كافي على الرغم من أن حسن البنا أسس الإخوان وهو في الثانية والعشرين من عمره كما يشير التقرير، وعلى الرغم أيضا من دور الشباب في الثورة المصرية، وربما دفع هذا عدد من أفضل شباب الإخوان لترك الجماعة قبل وبعد الثورة، وهنا يرصد التقرير قصة المنشقين عن الجماعة، ولكنه يعود ويؤكد أن أغلبية الشباب الإخواني ملتزم بقواعد العمل داخل الجماعة، ولم ينشق بعد.
المنشقون عن الجماعة
ما هي حكاية المنشقين عن الجماعة!؟ وما علاقة الأميركان بهم!؟ المثير هنا هو أن التقرير يدعو صانع القرار الأميركي لعدم المبالغة في تقدير أهمية المنشقين.
فهو يرى بالأساس أن المنشقين مجموعة من الارستقراط داخل الجماعة وأن أغلبية شباب الجماعة مازال داخلها ومتعايش مع نظمها الداخلية بل ربما يدعم توجهها المحافظ، ويقول أن أهمية المنشقين هو أنهم يمثلون عامل ضغط على الجماعة لتبني أجندتهم ولو بعد حين.
وهنا يشير التقرير إلى أن شباب الجماعة يقدرون بأكثر من 200 ألف عضو، ويبقى السؤال حول عدد المنشقين ونسبتهم لمجمل أعضاء الجماعة من الشباب.
وهنا يشير التقرير لبعض الشباب الذين انشقوا عن الجماعة قبل الثورة بسنوات قليلة مثل إبراهيم الهضيبي حفيد أحد مرشدي الجماعة، وعبد المنعم محمود الصحفي حاليا، ومصطفى النجار النائب في مجلس الشعب المنحل عن مدينة نصر، ويقول أن الثلاثة يمثلون جيلا من المدونين الأكثر ذكاءا وإبداعا داخل شباب الجماعة وأنهم خرجوا منها لشعورهم بانغلاق الجماعة وضعف المساحة الممنوحة للقيادات الشبابية وللاختلاف.
أما الجيل الثاني من المنشقين فيمثله إسلام لطفي ومحمد القصاص ومحمد عباس وهو شباب لعبوا دورا قياديا في قيادة شباب الإخوان في الثورة ومثلوا حلقة ربط قوية بين الجماعة وشباب الثوار وخرجوا من الجماعة لشعورهم بترددها في الانفتاح وتوفير مساحة كافية للشباب والاختلاف السياسي داخلها.
ويقول أن الفريقين هما أحدث أجيال الجماعة المنشقة، فقد سبقهم إلى ذلك قيادات حزب الوسط، الذي استقلوا من أكثر من عقد من الزمن، ولكن الفارق الكبير بين الأجيال الجديدة هي أنها تنتمي لأجيال التسعينيات في حين قيادات الوسط تنتمي لجيل السبعينيات وهو جيل الوسط الذي ينتمي إليه غالبية القيادات السياسية للإخوان حاليا.
ويقول أن ما يميز المنشقين الجدد هو أنهم يقودون أنفسهم كشباب في حين أن هناك حوالي 5 أحزاب موجودة على الساحة المصرية حاليا يقودها منشقون عن الجماعة مثل الوسط والنهضة والسلام والتنمية والريادة، ولكنها أحزاب يقودها جيل السبعينيات أما الجيل المنشق الجديد فيقود نفسه، حيث يقود إسلام لطفي (34 سنة) حزب التيار المصري، الذي يقوم على شباب في الثلاثينيات والعشرينيات من أعمارهم.
مشكلة المنشقين أمران، أولهما ضعف تمثيلهم السياسي، فالتيار المصري لم يفز بأي مقعد في انتخابات البرلمان الأخيرة، والوسط لم يفز إلا بعدد قليل جدا من المقاعد، مقارنة بالإخوان الذين يفوزون بمقاعد بالمئات.
وهذا يعني أن المنشقين عن الجماعة ظاهرة ضعيفة الوزن سياسيا، وإن كانت تمثل عامل ضغط مهم على الجماعة لتبني أجندتهم الأكثر انفتاحا على قضايا الحريات والأقليات والأكثر رغبة في الفصل بين الدعوي والسياسي، فالتقرير يقول أن الجماعة تتحرك ببطء نحو تبني أجندة المنشقين، ولكنهم لا يمثلون ثقلا سياسيا يذكر حتى الآن مقارنة بالجماعة.
السبب الثاني لضعف المنشقين وهو حقيقة أنهم يمثلون ظاهرة ارستقراطية، فالتقرير يقول أن أعدادهم قليلة للغاية مقارنة بعدد شباب الجماعة، وهم يمثلون الشباب الأكثر انفتاحا وهم شباب القاهرة والإسكندرية والمدن الكبرى.
أما شباب الأقاليم فهو دائما ما يعود بعد سنوات الجامعة – لو حدث ودرس في جامعة قريبة من العاصمة المنفتحة – ليجد واقعا محافظا، يطيع الجماعة وقياداتها، ويستفيد مما تقدمه الجماعة لأعضائها من خدمات، مثل شبكة التواصل الاجتماعي، والخدمات الاجتماعية، وكذلك ما تقدمه الجماعة من أهداف ورؤية للقضايا المختلفة، وقيادات وتنظيم لأعضائها.
وهنا يقول التقرير أن الأميركان عليهم التواصل مع الشباب المنشق الأكثر انفتاحا وكاريزما ولكن عليهم أيضا التواصل مع قيادات الإخوان بالجامعات ومع شباب الإخوان المحافظ الموجود في الأقاليم، وذلك لو كان الأميركان جادين في التواصل مع شباب الجماعة.
أجيال الجماعة
وهنا تستعين الدراسة بكتابات الباحث المصري خليل العناني عن الجماعة في محاولة لفهم أجيالها والعلاقة بين التيارات المختلفة، ويمتلك العناني كتابا عن الجماعة يعتبر من أفضل وأحدث الكتب الميدانية التي كتبت عن الإخوان مؤخرا.
ويقسم العناني الأجيال داخل الجماعة إلى أربعة أجيال، وهي أجيال الستينيات، والسبعينيات، والثمانينيات، والتسعينيات، والمثير هنا أن العناني يرى أن أجيال الستينيات والثمانينيات داخل الجماعة هي أجيال محافظة، وهذه قضية على درجة عالية من الأهمية لا يفسرها التقرير بالدقة الكافية.
جيل الستينيات محافظ لأنه جيل المحنة التي تعرض لها سيد قطب والإخوان في تلك الفترة، وهو جيل محافظ يخشى الانفتاح، يحاول الحفاظ على كيان الجماعة ويميل للسرية والعمل المركزي ويخشى الاختلاف الداخلي وإظهاره للعلن، ويمثل هذا الجيل حاليا داخل الجماعة مرشدها محمد بديع.
الجيل الثاني هو جيل الوسط أو جيل السبعينيات، وهو الجيل الأكثر انفتاحا من الناحية السياسية والعلاقة مع الشباب، ويمثله عصام العريان وعبد المنعم أبو الفتوح وأبو العلا ماضي، وخيرت الشاطر، وبالطبع بعضهم ترك الجماعة وبعضهم مازال متمسكا بها، وهو الجيل الذي تربى سياسيا في السبعينيات في فترة انفتاح سياسي نسبي وتسامح مع الإخوان ومع قيادات العمل الديني لذا تجده أكثر انفتاحا على الشباب وقضاياهم.
أما جيل الثمانينيات فهو محافظ كما تشير إليه الدراسة وفقا لتقسيم العناني، ولا تشرح لماذا، ويبدو أنه الجيل الذي تربى في أوائل عصر مبارك بما عرف عنه من جمود سياسي والذي تأثر أيضا بصعود التيار السلفي المحافظ في مصر.
أما الجيل الجديد جيل الشباب والمدونون فهو جزء من جيل التسعينيات وليس كله، ويمثل طليعة هذا الجيل والفئة الأكثر انفتاحا، ولكن هناك قطاع واسع من الجيل نفسه محافظ، فالتكنولوجيا التي يستخدمها الجيل الجديد تحمل رسائل محافظة كما تحمل رسائل سياسية تعددية ومنفتحة، كما أن الجيل الأكثر انفتاحا داخل شباب الإخوان هو منفتح داخليا بالأساس على قضايا الحريات والعمل السياسي والأقليات ولكنه ليس أكثر تقاربا من السياسة الخارجية الأميركية أو انفتاحا عليها – كما يحذر التقرير.
ويبدو أنه جيل الثوار والمدونين محاط بقيادات الستينيات المحافظة وأجيال الثمانينيات المحافظة كذلك، ويرتبط هؤلاء الشباب ببعض قيادات السبعينيات المنفتحة، وهنا يقول التقرير أن الجماعة حاولت مؤخرا إطلاق مبادرات للتقارب من الشباب مثل مبادرة لخفض عمر المنضمين لمكتب الإرشاد إلى 25 سنة خاصة وأن حسن البناء أسس الجماعة وعمره 22 سنة، ويقود هذه المبادرة خيرت الشاطر، ولكن لا أحد من الذين قابلتهم الدراسة داخل الإخوان يعرف تفاصيلها على وجه الدقة ولا متى ستنفذ.
ماذا تفعل أميركا!؟
بناء عليه تقدم الدراسة مجموعة من التوصيات لصانع القرار الأميركي في كيفية الانفتاح على الجماعة وشبابها.
التوصية الأولى: هي أن على صانع القرار الأميركي الانفتاح على مختلف فئات الإخوان وشبابهم، فالإخوان عادة ما يقدمون للمسؤولين الأميركيين عدد قليل من قياداتهم مختارين بعناية للقاء معهم، وهم قيادات سياسية منفتحة وبعضها شباب يجيد الإنجليزية ويمتلك رؤى سياسية معتدلة ويدرك كيف يخاطب الغرب.
الأميركيون يريدون تخطي هؤلاء والبحث عن والوصول إلى شباب الإخوان في الأقاليم، الشباب المحافظ التقليدي، الأميركان يريدون التعامل مع فئات الإخوان كما هي بلا تجميل.
ثانيا: الأميركان لا يريدون إغضاب قيادات الجماعة ولا الأحزاب والتيارات السياسة الأخرى، فهم يريدون إحداث توازن بين انفتاحهم على الجماعة وغيرها من الجماعات والحركات في مصر، فليس هناك مبرر للانفتاح على الإخوان سوى حجمهم السياسي النسبي، ويجب الانفتاح على آخرين وفقا لحجمهم السياسي أيضا.
كما أن قادة الإخوان سوف يعارضون الانفتاح غير المنظم على شبابهم أو الانفتاح دون علمهم، لذا يوصي التقرير صانع القرار الأميركي بالتواصل مع قيادات الإخوان أولا بخصوص هذا الأمر حتى لا يمنعوا شبابهم من التواصل مع الأميركيين.
أما التوصية الثالثة، فهي ضرورة الانفتاح الذكي والمنظم من خلال مبادرات من الدبلوماسية الشعبية، تركز على الشباب، أو بالأخرى تفعيل مشاركة شباب الإخوان من مختلف الخلفيات ضمن برامج الدبلوماسية الشعبية الأميركية المطبقة في مصر، وبهذا يضمن الأميركان إصابة أكثر من هدف بحجر واحد، فهو انفتاح منظم، وشعبي يتخطى المسؤولين، ويحدث بشكل علني، ويوفر فرص للتواصل مع الشباب وتغيير رؤاهم تجاه أميركا وسياساتها.
خلاصات
وفي النهاية وبعد عرض محتويات التقرير، نريد أن نطرح على القارئ الكريم قضيتين مرتبطتين بموضوع الدراسة.
القضية الأولى هي أن مختلف المؤسسات السياسية والاجتماعية المصرية في حاجة للانفتاح على شبابها بشكل منظم والسماح بمساحة من الاختلاف الداخلي، يعني يجب تغيير القوانين الداخلية في تلك المؤسسات للسماح باعتلاء الشباب مواقع القيادة مبكرا، ويجب السماح أيضا بالظهور العلني لأجنحة مختلفة داخل الجماعات مادامت تلتزم بالقيم العليا للجماعة، فليس من المنطقي أن يكون الطرد مصير من يختلف سياسيا مع الجماعة.
ثانيا: تبدو الدراسة في بعض جوانبها أكثر موضوعية في التعامل مع الإخوان مقارنة ببعض ما يشاع عن الإخوان في الجدل السياسي المصري الداخلي، فناشر الدراسة هو مؤسسة راند الأميركية وهي مؤسسة بحثية تميل إلى اليمين الأميركية ولم تسلم من النقد السياسي في الماضي، ولكن مع ذلك قامت بعمل بحثي جيد وموضوعي إلى حد كبير عن الإخوان سعيا لفهمهم بشكل جاد بهدف التأثير عليهم بما يحقق مصالح أميركا.
وخرجت الدراسة ببعض الصور الإيجابية عن الإخوان دون تجميل، فهي تقول أن الجماعة متنوعة داخليا، وتتطور وتريد التركيز على مصالح المصريين الرئيسية وعلى رأسها الاقتصاد وتتعامل مع الأميركيين بحذر خوفا على سمعتها الداخلية والتزاما بقضايا المصريين.
وبهذا تبدو راند أكثر موضوعية من أقلام مصرية لا تتردد في نقد الجماعة بصفات مبالغ سعيا لإحراجها سياسيا بغض النظر عن الحقيقة والموضوعية وتبعات ذلك من استقطاب، ويبدو أن حرص الأميركيين على الفهم الجيد للأطراف المختلفة يمر عبر بوابة الموضوعية، في المقابل الصراع السياسي الدائر بين التيارات المصرية قد يمنعهم من الفهم الجيد لبعضهم ومن ثم يعيق التواصل والتأثير والتأثر، والله أعلم.