باسم فضل الشعبي
من المستفيد مما يحدث في أبين؟ سؤال صريح ومرير في آن، إذ لا يمكن أن نجد حلاً لما يحدث في هذه المحافظة المائزة والمتفردة بموقع هام على ساحل بحر العرب إن لم نجب على مثل هذا السؤال، كما هو الحال مع كافة مشاكل اليمن، إننا في أمس الحاجة لطرح أسئلة نقدية وكاشفة لما يحدث في كل جزء من أجزاء يمننا الحبيب إذا ما أردنا الانتقال به من الماضي إلى المستقبل..
إلى متى ستظل أبين جرحًا مفتوحًا؟ سنوات مرت والصراع في أبين يتخذ يومًا عن يوم أشكالاً مختلفة، وكلما قلنا تخلصنا من الشر، فتح الشر أبواب جديدة، حادثة فجر الجمعة التي استهدفت اللواء 115 في مديرية شقرة الساحلية محافظة أبين أعادت إلى الأذهان سلسلة هجمات شهدتها المحافظة بداية العام الماضي 2011 استهدفت المعسكرات والوحدات العسكرية وراح ضحيتها العشرات من الجنود الأبرياء بين مستشهد بحزام ناسف وبين مستشهد برصاصة أو ذبحًا بسكين!
ماذا تريد "القاعدة" من أبين ومن تحارب هناك؟ ثم من أين لها بكل هذه الإمكانات (أطقم عسكرية-ملابس عسكرية من كل نوع للتمويه-أسلحة رشاشة-مصفحات، أحزمة ناسفة...وما خفي كان أعظم) أتساءل عن ذلك مفترضًا أن كل القوى السياسية المتواجدة في البلاد ترفض وتدين الإرهاب وتنفي صلتها به أما إذا كان كل هذا يتم وبهذه الطريقة البشعة والمكشوفة ويستمر بهذه الوتيرة، فإننا سنعيد السؤال السابق:من المستفيد مما يحدث في أبين؟.
هل هو صراع إقليمي؟ أم هو صراع محلي يستدعي قوى إقليمية ودولية إلى ساحته؟ متى سينتهي هذا الصراع وتستعيد أبين عافيتها وكذا كل اليمن؟ ما علاقة ما يجري في جنوب البلاد من احتجاجات مستمرة بما يحدث في أبين؟ ثم ما علاقة ذلك بإسقاط النظام؟.
مراقبون يصفون ما يجري في أبين "باللعبة الغامضة" ولا يستبعدون أن تكون قوى محلية متصارعة"مراكز قوى" لها علاقة بما يجري تقف خلفها قوى إقليمية أو دولية، مشيرين إلى أن استمرار هذا الوضع لا يخدم الاستقرار في اليمن بل يساهم في إنهاك الدولة وإمكاناتها ويبقي الوضع رهنًا لقوى متصارعة لطالما مثلت عائقًا أمام بناء الدولة في اليمن وهي اليوم تحاول تعيد نفس السيناريو ولكن بأدوات أكثر خطورة وشراسة، وفي حال عجزت الدولة في القضاء عليها أو التوصل إلى حلول مرضية تعلن فيها القوى المتطرفة توبتها وتلقي سلاحها ومن ثم يفتح أمامها الباب للمشاركة في الحوار فإن الصراع سيستمر ما دام هناك من يغذيه بالسلاح والعتاد بصور مباشرة أو غير مباشرة، وستطول اللعبة، الأمر الذي قد يعيق تحقيق الانتقال إلى الدولة في اليمن في المدى المنظور ما لم تحدث معجزة..
وقال المراقبون "إنه لا يمكن استبعاد ما يجري بما يحدث في( جنوب البلاد) لا سيما وقد ظهرت عدد من المؤشرات عند اغتيال اللواء سالم قطن قائد المنطقة الجنوبية وهذا المعطى الجديد يسير بمسارين الأول:أن هناك قوى مركزية ترى أنها من خلال لعبة القاعدة وانتشارها في الجنوب سوف تعيق مشروع القوى الانفصالية إذ أنه في حال أصرت القوى الداعية للانفصال رفض الحوار والتمسك بخيارها فإن البديل في الجنوب سيكون القاعدة..
المسار الثاني:هناك قوى انفصالية متطرفة ترى أن وجود القاعدة في الجنوب يوفر خدمة لها من خلال تحقيق ما عجزت عنه ويتمثل ذلك بإسقاط المدن وتكبيد قوات الجيش خسائر كبيرة..
ويصف مراقبون المسارين إذا ما ثبتا والذين تنتهجمها تلك القوى بالكارثيان على اليمن وأمنه واستقراره ولا يخدمان مصالح الشعب اليمني ولا مشروع إعادة بناء الدولة على أسس سليمة تحقق تطلعات كل اليمنيين في العدالة والمواطنة بقدر ما يجعلان البلاد رهنًا لمجهول غير محسوب العواقب قد لا يجدان معه يمنًا).) يختلفان عليه.
وتكشف معلومات وجود معطى جديد برز للتو مع انطلاق الثورة الشبابية الشعبية وهذا المعطى يرجح تورط نظام الرئيس"المخلوع" واتباعه بدفع الأوضاع نحو الفوضى انتقامًا من قوى التغيير وثورة الشباب وإعاقة العملية الانتقالية وعملية التحول في البلاد مستفيدًا من وجود بعض العناصر المتطرفة في الجنوب وما يعزز هذا المعطى هو نفي الحراك الجنوبي المستمر علاقته بالقاعدة وكذا إصرار القوى الجديدة بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي في استئصال القاعدة من الجنوب واليمن عمومًا..
لم يقتنع كثير من المحللين والمراقبين السياسيين بأن ما يحدث هو نشاط قاعدي محض وخالص إذ يشككون بوجود قوى تقف خلفه ومستفيدة منه فيما يرى آخرون أن جزء مما يحدث هو من صنيعة مركز القوى ولا يستبعدون وجود تنظيم القاعدة ذا التوجه الفكري المتطرف والذي يشن حربه على الجميع ويقاتل اليهود و الأميركان على أرضي يمنية ويسفك دماء يمنية وفي كل الأحوال يبقى الخاسر الأكبر هو اليمن!!
وفي الوقت الذي تبدي فيه قوات الجيش واللجان الشعبية تفاؤلا كبيرًا بالقضاء على تنظيم القاعدة وتجفيف منابعه في الجنوب لا سيما بعد الانتصار الذي تحقق في كل من أبين وشبوه في وقت سابق من العام الجاري 2012، فإن المراقبون يحذرون مراكز القوى وبعض القوى الداعية للانفصال من اللجوء إلى توظيف ورقة القاعدة في أي صراع سياسي ويرون أن الحوار وحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً هما المخرج الوحيد للبلاد وأن التخلص من الجماعات المتطرفة ينبغي أن يكون هدفًا مشتركًا لكل اليمنيين جنوبًا وشمالاً في قادم الأيام في حال رفضت إعلان توبتها وإلقاء سلاحها وأصرت على الاستمرار في انتهاج العنف.
وطالب المراقبون الحكومة اليمنية بدعم اللجان الشعبية وعدم جعلها هدفًا سهلاً لمن تبقى من عناصر القاعدة الذين يحاولون الانتقام منها نضير دورها البارز في دحر التنظيم في أبين مستدلين بمحاولات الاغتيال المتعددة لقائدها عبد اللطيف السيد وحادث تفجير مجلس العزاء في جعار منتصف رمضان الفائت والذي أودى بالعشرات وعدد من العمليات التي استهدفت عناصر اللجان في مناطق متفرقة من أبين.
كما يطلبون الجيش بتأمين المناطق المحررة في كل من أبين وشبوة وقطع الطريق أمام عودة التنظيم مرة أخرى وتمكين النازحين من العودة إلى مدنهم وقراهم وتعويضهم التعويض العادل حتى لا تظل أبين جرحًا مفتوحًا