باسم فضل الشعبي
أعتقد أنَّ الشعب اليمني أصبح أكثر وعيًا من ذي قبل، الثورة السلمية الحضارية الممتدة من الجنوب إلى الشمال تؤكد تنامي الوعي الاجتماعي والشعبي، الأمر الذي يجعلنا نطالب النخب السياسية بالارتقاء إلى مستوى هذا الوعي وعدم الاستهانة بتضحيات الجماهير.
ما يحتاجه شعبنا الآن بعد اجتراحه لكل هذه التضحيات التي قدمها من أجل الحرية والعدالة والمساواة هو إعادة ترتيب أولوياته سيرًا به صوب بناء دولة المستقبل المنشودة لا العودة به إلى ماضي الصراعات العقيمة والمفلسة التي تعوق تقدمه وتنتقص من تضحياته والتي لا مبرر لها سوى أن العقليات التي تنتجها ما تزال تعيش في الماضي وأصبحت عاجزة عن مغادرته.
الثورة السلمية الحضارية.. تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنَّ شعبنا اليمني قد غادر مربع الماضي وأصبح يوظف أدوات حضارية ومدنية في نيل مطالبه المشروعة والسعي صوب تغيير نمط حياته وعيشه وبناء دولته، غير آبه بالأسماء والمسميات قدر اهتمامه بالمعايير والمضامين وقيم وثوابت الدولة الجديدة التي يجد الجميع أصدقاء وحلفاء وخصوم فيها تطلعاتهم المشروعة مع احترام التنوع والتعدد والخصوصيات.
والمطلوب هو خطاب سياسي وإعلامي مسؤول يبتعد عن التضليل والخداع وينفتح بكل شفافية على آلام ومعاناة الناس وعلى الأخطاء التي ارتكبت وعلى تطلعاتهم إلى المستقبل من دون وصاية أو تمييز أو استخفاف بقضاياهم أو اللعب بها كأوراق سياسية لتحقيق أهداف شخصية أو حزبية أو عصبوية.
أعتقد أنَّه من الواجب على السياسيين والنخب السياسية الابتعاد عن التحريض والعنف في خطاباتهم والاتجاه صوب الإعلاء من شأن الحوار والسلام والمحبة والقبول بالآخر، فاليمن يتسع لجميع أبنائه مهما كانت الشعارات التي يرفعونها أو المطالب التي يطالبون بها، في الأخير علينا أن نفكر من أجلهم جميعًا وكيف نصنع لهم وطنًا جديدًا يشعرون فيه بالأمن والأمان، يجتذبهم هو إليه، ويرتبطون هم به، وبالدولة التي يفترض أن تعيد صياغة وظيفتها بما ينسجم وحاجة الشعب أولاً وأخيرًا.
عيد وأكرر مخاطبًا زملائي الصحافيين والإعلاميين بالقول: من سيصنع مستقبل اليمن هي "الكلمة"، فالكلمة قادت ثورة وستبني الدولة، فهي أمانة عليكم أن تؤدوها بحق، ولنكون إلى جانب شعبنا ونرفض كل المهاترات والخصومات التي يريد من أدمنوا الصراع على حساب مصالح شعبنا أن يأخذنا إليها