علاء بيومي
باختصار حوار مرسي المنتظر مع القوى السياسية وقادتها هذا الأسبوع هو أشبه بالمهمة المستحيلة للأسباب التالية:
أولا: غياب مجلس الشعب
فالحوار أقل من الشراكة السياسية، والشراكة السياسية في الديمقراطية تأتي من خلال الانتخابات والمؤسسات التنفيذية والتشريعية، ومن خلال قواعد واضحة جدا، فالدستور يحدد من يحصل على من ومتى وكيف.
وللأسف ليس لدينا دستور ولا برلمان ولا قوى سياسية راضية بمواقعها الحالية.
ثانيا: رفض الشراكة
بعض قوى المعارضة كالتيار الشعبي وحزب الدستور ترفض الشراكة السياسية وفقا للنظام الحالي من خلال التعيين في رئاسة مرسي، فالتيار الشعبي يرفض الشراكة وينتظر الانتخابات المقبلة، وحزب الدستور يريد إعادة انتخاب الجمعية التأسيسية، وهي مواقف مشروعة تماما، ولكنها صعبة.
وفي غياب البرلمان والدستور والشراكة في الرئاسة والحكومة ستظل المعارضة خارج السلطة وتزداد حالة الاستقطاب التي يغذيها الجميع من خلال ممارسات وخطابات سياسية محتقنة.
ثالثا: الحوار آلية ضعيفة
فأهم منه هو الشراكة في السلطة من خلال آليات واضحة كما شرحنا، وللأسف بدون إعداد جيد يضمن إعداد الأطراف السياسية والمجتمع لمقتضيات الحوار والتزاماته سوف يظل الحوار آلية ضعيفة، وربما يزيد من المشاكل، فسوف يأتي قادة المعارضة بمطالب كبيرة إلى الحوار، وقد يخرجون شاعرين بالإحباط لو لم يتم تنفيذ بعض مطالبهم، ويظل الحوار في ظل غياب المؤسسات قضية ذاتية يصعب تقييم مدى نجاحها بدون التزامات واضحة.
ونلاحظ هنا أن الحوار المنتظر بين مرسي وقادة المعارضة مثل البرادعي وصباحي وأبو الفتوح ومرسي هو حوار طال انتظاره، ولكنه لم يعلن عنه ولا عن أهدافه وآليته بشكل واضح، وسوف يظل خلف أبواب مغلقة، وقد يخرج الأطراف بعد الحوار بآراء أكثر تشددا أو مرونة، وسيظل غالبية الناس بدون حد أدنى من المعلومات الموثقة عما دار خلف الأبواب المغلقة.
رابعا: المدة الزمنية والسياق
فالحوار يتم بعد أربعة أشهر من تولي الحكم، وفي ظروف اقتصادية وسياسية صعبة، وحالة استقطاب شديدة، ويتناول قضايا محورية مثل الدستور، والذي يطالب أحد التيارات بإعادة انتخاب الجمعية التي تكتبه، كما أن الفترة الزمنية المتاحة للتوافق قصيرة للغاية، ونحن مازلنا نعيش فترة انتقالية صعبة.
المخرج
ولكن هل يعني ذلك أن مرسي أخطأ في الدعوة للحوار، بالعكس، نحن نعتقد أنه تأخر، وأن الحوار هو الوسيلة الوحيدة المتبقية في الظروف الراهنة، ولكنها آلية صعبة للغاية للأسباب التي شرحناها أعلاه.
لذا قد يتطلب الأمر ترتيب سياسي وإعلامي مكثف لتوضيح محتوى الحوار وأهدافه وأسلوبه، وربما تغيير لغة الخطاب السياسي والإعلامي من قبل الأطراف المختلفة، وقد يتطلب الأمر أكثر من لقاء واحد أو لقاءين، فقد نحتاج إلى مبادرة أكبر للحوار مع التيارات المعارضة الرئيسية، يعني إطلاق شيء أشبه بآلية للحوار الدائم بين تيارات القادة الكبار الذين سوف يجتمعون مع مرسي هذا الأسبوع بالإضافة لقادة التيار السلفي لضمان نقاش أكبر عدد من القضايا من الآن وحتى انتخاب مجلس الشعب القادم، والله أعلم، ما رأيكم!؟