أحمد المالكي
أثار الإعلان عن زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى السعودية، الكثير من التساؤلات بشأن أسبابها إلى المملكة تحديدًا، وعرض الملفات التي ستتم مناقشتها خلال الزيارة التي تستمر لمدة يومين، والتي تعد الأولى بعد ثورات الربيع العربي، ولاسيما وأن العلاقة بين واشنطن والرياض كانت جيدة، ولكنها تأثرت في الفترة الأخيرة بسبب التطورات التي شهدتها الساحة العربية والدولية، واختلاف الرؤى بين الإدارتين الأميركية والسعودية
ودون شك، فالسعودية لديها قلق من تعامل الإدارة الأميركية مع بعض الملفات، ولاسيما الأزمة السورية التي تراجعت فيها الولايات المتحدة الأميركية بعد تهديدها لنظام الأسد بتوجيه ضربة عسكرية، ولكنها لم تفعل مما أغضب الرياض التي كانت تؤيد توجيه ضربة عسكرية إلى نظام الأسد لمساعدة المعارضة على الأرض حتى تستطيع التخلص من نظام بشار الأسد، وتوترت العلاقة بين الرياض وواشنطن وتحاول أميريكا عمل توازن في العلاقات، ولكنها تبحث عن مصلحتها في الدرجة الأولى، لاسيما في موضوع الملف النووي الإيراني الذي يقلق أيضًا السعودية، ومرتبط بالأمن القومي السعودي وأمن منطقة الخليج ومحاولات إيران المستمرة للتدخل في الشأن السعودي، إضافة إلى التنافس بين السعودية وإيران في الأزمة السورية، ومساندة السعودية للمعارضة السورية، وفي الجانب الأخر مساندة إيران لنظام الأسد وتدعيمه بالسلاح والرجال للقتال ضد المعارضة والجماعات المسلحة، وهناك أيضا تنافس بين السعودية وإيران في لبنان وتدخلهم في الشأن اللبناني، وهذا أثارالكثير من المشكلات على الساحة اللبنانية، كما أن إيران تثير المشكلات في البحرين وفي الوقت نفسه تقف السعودية مع النظام الحاكم في البحرين.
وبلا شك، فهذه الملفات هي سبب زيارة أوباما إلى السعودية إضافة إلى الملف الفلسطيني الذي تتابعه السعودية مع الإدارة الأميركية ومحاولات إيجاد حلول للتفاوض بين الفلسطينين والإسرائيليين، وهذا ظهر في زيارة جون كيري الأخيرة إلى المنطقة، وقام بإطلاع السعودية على أخر التطورات في القضية الفلسطينية.
ويبقي الملف المصري وتوتر العلاقات بين القاهره وواشنطن بسبب ملف جماعة الإخوان الحليف الأساسي والرئيسي لأميركا في مصر وسقوط نظام الإخوان الذي سبب ارتباكًا للإدارة الأميركية وجعلها تتخبط في تعاملها مع الملف المصري الذي تسانده المملكة العربية السعودية ومساندتها لإرادة الشعب المصري في التخلص من نظام الإخوان ووضعت السعودية جماعة الاخوان على لائحة الجماعات الإرهابية مماسبب توتر في العلاقات بين الدوحة والرياض.
وتساند الدوحة جماعة الإخوان والجماعات الإرهابية في تحدٍ لدول مجلس التعاون الخليجي التي ترى أن جماعة الإخوان خطر على الأمن القومي في الخليج، بينما تصر الدوحة على موقفها، بل أنها أعلنت عن شرائها صفقة أسلحة بمبلغ 23 مليار ريال قطري، بما يعادل 8 مليارات دولار أميركي، وهي ليست في احتياج لشراء أسلحة بسبب وجود قواعد أميركية لديها، ولكنه معلوم، لماذا تشتري قطر السلاح من أجل تدعيم الجماعات الإرهابيه وجماعة الإخوان التي يقوم تنظيمها الإرهابي بعمليات إرهابيه في مصر.
فشل أوباما في السياسة الخارجية، ويحاول استعادة الهيمنة الأميركية على العالم والمنطقة العربية، كما أنه تلقى صفعة قوية من روسيا في الأزمة الأوكرانية، التي رجحت الكفة لمصلحة روسيا واستطاعت ضم جزيرة القرم.
ويحاول الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يخفي فشله بأي طريقة، وأي وسيلة ويحاول إرضاء المملكة العربية السعودية التي تنتقد سياسته الفاشلة في الفترة الأخيرة، وعبرت عن ذلك في الأزمة السورية التي رأت السعودية أن أوباما يحاول التلاعب في الأزمة السورية واستخدامها في الملف النووي الإيراني، وحذرت السعودية من ربط الأزمة السورية بالملف النووي الإيراني، كما أن السعودية عبرت عن استيائها من تعامل الإدارة الأميركية مع الملف المصري، لذلك تحاول الآن الإدارة الأميركية إرضاء السعودية، ولكنها قد تفشل وإذا نجحت أميركا في إرضاء السعودية يعتبر ذلك مكسبًا للسياسة السعودية، وانتصارًا لها، ولاسيما بعد عرض أوباما قيام الجيش الأميركي بتدريب عناصر المعارضة السورية للقتال ضد نظام بشار الأسد، وفي الملف المصري أعلنت واشنطن عدم مساندتها لأي مرشح لرئاسة الجمهورية وأنها ستحترم إرادة الشعب المصري في اختيار رئيسه.