جمال علم الدين
الليل يوشك على الإنتصاف .. السماء مليئة بالغيوم .. والأمطار تتساقط على بغزارة.. إنعكاسات أضواء السيارات على فروع الأشجار سيمفونية جميلة.. صوت أقدامى على الطريق تداوى الصمت ....المحطة بأنوارها تترأى لى من بعيد .. حقيبتى الصغيرة .. تزيد من رهبة طريقى.. تلك الحقيبة التى لا أحمل بداخلها سوى ملابس لكنها تحمل كل جذورى وذكرياتى من هذه البلدة.
إنها بداية الرحلة ...
المحطة فى سكون تام والركاب يرتدون معاطفهم الثقيلة فمنهم من يداعبه النعاس أو يغوص فى النوم والكل ينتظر القطار لايوجد مودعون او مستقبلون فقط يوجد مسافرون.أنوار القطار تظهر من بعيد .. وصوته يحرك أحشاء الصمت.... شريط ذكرياتى يمر أمام عينى..إحساس بالضيق غير مجرى حياتى .. طفولتى وشبابي .. كل هده الذكريات أشعر بها لحظة بلحظة والأمطار تتساقط علي بغزارة.
القطار يقف بالمحطة والكل يجهز حقائبة ويتوارى من المطر ويستعد للسفر الا أنا وجدت نفسي أستمتع بالأمطار لم أحاول أن أتوارى من المياه بل تركتها تفعل بى ما تشاء علها تغسل كل همومي ونفسي.ضربات قلبي فى ازدياد مستمر ، كاد صوت ضرباته يغطى على صوت القطار على صوت المسافرين حتى خيل لى انه سيخرج من بين ضلوعى.
القطار يعلن عن بدء تحركه أقدامى شلت تسمرت على الرصيف والكل ينظر إلى فى ذهول.. تحرك القطار.. وفجأة وبدون شعور، قفزت بداخله فى أخر لحظة .. لكننى تركت حقيبتى على الرصيف، تركت جذورى.. ذكرياتى.. تركت نفسي.