القاهرة - أحمد عبدالله
يبذل البرلمان الكثير من المجهود في كثير من الملفات لتأتي الحكومة وتهيل عليه التراب بمنتهى السهولة، يتقدم النواب بالكثير من طلبات الإحاطة المعيشية، لترد الحكومة برفع الأسعار، يطرح الأعضاء روشتات لعلاج الاقتصاد، ليفاجئوا بقرارات مصيرية كتعويم الجنية .
الأمر لا يحله فقط تحقيق مستوى عال من التنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وإنما متعلق بدرجة أكبر بنظرة "الحكومة" إلى البرلمان، التي تفتقد الهيبة والمهابة، فشريف إسماعيل ووزراءه يتعاملون مع المجلس بنظرية "السور المنخفض"، فبسهولة يتخطونه وبيسر يمرون عليه دون حسيب أو رقيب.
الأمثلة كثيرة على مجهود واضح للبرلمان يبذله وتقوم الحكومة بتكفينه في النهاية، فطوال أربعة شهور ماضية، عملت اللجنة التشريعية والدستورية بجهد خلال سلسلة من الاجتماعات واللقاءات من أجل توفير حزمة تشريعات تسرع إجراءات التقاضي وتقدم الإرهابيين بسرعة ناجزة إلى العدالة، وما كان من الحكومة إلا أنها رفضت التجاوب مع البرلمان، وتباطأت بشدة في إرسال رؤيتها أو أحد ممثليها إلى لجان المجلس ومناقشاته.
وصل الأمر برئيس اللجنة التشريعية بهاء أبو شقة بإمهال الحكومة 3 مرات، وأهدرتها الحكومة كلها، ليهدّد أبو شقة بالتقدم برؤية النواب فقط في تعديلات مصيرية على قانون "الإجراءات الجنائية"، حتى سبق الإرهاب الكل وضرب كنيستي طنطا والإسكندرية، لينفضح التكاسل والتراخي الحكومي، ويمرر البرلمان تشريعات تسريع التقاضي ويوافق عليها عموم النواب.
أعضاء اللجنة الاقتصادية تكبدوا عشرات الساعات من المناقشات حول قانون الاستثمار، وأظهروا ما به من ثغرات ونقائص، وتغلبوا عليها، واستدعوا كافة ممثلي الحوار المجتمعي حول القانون من أجل الخروج بأفضل صيغة له، إنقاذا للاقتصاد وإنعاشا للأحوال بالداخل التي تعاني بفداحة، وما كان من الحكومة إلا التعجيل بالطوارئ وإقرارها، لتنشغل لجان البرلمان بتمرير "الطوارئ" التي زاحمت "قانون الاستثمار" وأهدرته بمنتهي المباشرة .
أعضاء لجنة الإسكان يجتمعون بشكل دوري ويضعون يدهم على المشكلات، ويقوموا باستدعاء المسئولين والتنفيذيين بسبب إهدار مال هنا أو فساد بالغ هناك، وما يكون من الحكومة وممثليها إلا رفض الحضور وعدم الاستجابة لدعوات البرلمان، وإن حضروا فإنهم يحفظون التوصيات جيدا ويحتفظون بها، حتى يصلوا لأقرب "سلة مهملات" ويقوموا بإلقائها كاملة.
البرلمان عليه أن يوصل رسالة واضحة للحكومة مفادها: يجب أن تضعونا في الاعتبار، يجب أن تنسقوا معنا بشكل استباقي، يجب ألا تهدروا مجهوداتنا