بقلم جمال علم الدين
"التطور المعرفي" يشرح الصدر وينير العقل ويوسع الأفق، فيخرج الإنسان من ظلمات الجهل لأنوار العلم، ومن ضيق التصور لسعته، فيكون له نظرة جديدة لنفسه وللناس وللحياة فيتعاطى مع نفسه بهدوء، ومع الناس بمرونة، ومع الحياة بتجدد، فلا يظل ذاك الشخص الغرائزي أو الأناني أو المتحزب لفكرة، أو المولع بركوب الموجات بل هو باحث ناقد متسلسل في أفكاره بمنطق مطرد في حقله العلمي بمنهج، ووقته عامر بما يغذّي العقل، وينعش الروح، فهو في واد والناس في واد لا يلتقيهم إلا على خير وفي خير ولا يصدر منه إلا الخير، وهذا هو النماء المعرفي الحقيقي والذي يتواطأ فيه الحال والمقال والعلم والعمل.
ونعلم اليوم أن المعارف والعلوم تتجدد بسرعة مذهلة فما كنا نعلمه قبل عشر سنوات تغير 70 % منه الآن وهكذا، فالواقف على رسوم قديمة أو محطات علمية عتيقة نقول له: قم وانهض وانفض عنك غبار السنين، فالمعرفة جاوزتك منذ زمن بعيد وأنت تجتر معلومات عفا عليها الدهر، وعليه فأنت مطالب بالتأسيس الجيد للحقل المعرفي محل اهتمامك وموضع درسك وبعد إحكام الأصول التفريع عليها بقواعد منضبطة بمنهج علمي مع متابعة كل جديد، وإصدار وفتح علمي في مجالك ولا تكتفِ بذلك فإن العلوم والمعارف اليوم في حالة من التقارب والتداخل لم يشهدها الوعاء العلمي من قبل فلا بد من التعرف على العلوم المقاربة لمجالك والتي تحتاجها أحيانًا في بحثك، ولن تتمكن من الإضافة الحقيقية للعلم الذي تدرسه إلا بهذه فإذا كانت العلوم تتداخل ويحتاج بعضها بعضًا لأن الزمن تغير وتداخل وتعقد فكيف التجديد والإضافة وأنت لا تحسن سوى المجال الذي تخصصت فيه.
وبالفعل.. لماذا لا تفكر في الإضافة للعلم الذي تدرسه، أو وضع مقدمة للتجديد فيه، أو بذر فكرة يأتي من يسقيها يومًا ما، ولو تصورنا أن كل بارز في فن من الفنون اليوم أعطى فكرة واحدة ثم جمعت تلك الأفكار وعمل عليها في المؤسسات الفكرية والأكاديميات العلمية على حسب مجالها واهتمامها لفتحنا آفاقًا أوسع في كل علم.