القاهرة – أحمد عبدالله
"شأن يثار بشأنه جدل، يشعر نواب البرلمان بمسئوليتهم، يشرعوا في اتخاذ خطوات تجاه ذلك، يعلنوا عما توصلوا إليه من نتائج" هو التسلسل المنطقي لمشهد طبيعي في بلد بها مؤسسات ولا سيما المؤسسة التشريعية الأبرز، المعنية بأدق التفصيلات التي تجري في البلاد.
هناك خلل ضارب في عدد من مراحل تلك المعادلة، والأمر لا تستطيع أن تهضمه في كثير من الأحيان، فهناك تقصير يمكن التغاضي عنه، او تقاعس تتفهم أبعاده وأسبابه، ولكن الكثير من القضايا التي أثيرت في البلاد مؤخرا، تثير طريقة تعامل البرلمان معها أقصي أنواع الاستغراب.
حينا يتغافل النواب عن التفاعل مع قضايا حياتية ومصيرية، وتارة يتباطآ بشكل ملحوظ في ردة فعله وتجده متأخرا للغاية في اتخاذ القرار المناسب، وتارة يستوعب الموقف ويتحرك سريعا ولكنك لا تدري ماذا دار، وما الذي قام به النواب، وماهي النتائج التي أسفر عنها تعاملهم مع قضية أو أزمة ما.
الأمثلة الكثيرة ولا مجال لحصرها ولكن سنكتفي بالإشارة إلي نموذجين، الأول اختفاء السكر من الأسواق المصرية، وثانيا تقرير بريطاني هام ينفي عن جماعة الإخوان المسلمين جنوحها إلي العنف ويدين السلطات المصرية في طريقة تعاملهم مع الجماعة ورموزها.
بخصوص الأزمة الطاحنة التي استيقظ عليها المصريون، وهي اختفاء عدد كبير من السلع الغذائية من الأسواق وعلي رأسها "السكر" استغرق نواب البرلمان قرابة الـ10 أيام كاملة حتي بدئوا في طرح الأمر أو المرور عليه، وبالمناسبة هم حتي الان لم يخصصوا له جلسات مناقشة متأنية للكشف عن الأزمة او المتسببين فيها، وإنما أكتفوا بأحاديث عشوائية داخل عدد من اللجان النوعية، في رد فعل لا يخلوا من "البطء" الشديد والتأخر الواضح، أعرف برلمانات أخري لا تميزها سرعة رد فعلها تجاه الأزمات، وإنما تنبؤها مسبقا بالمشكلات المرتقبة، ويخصصون وحدات ولجان احترافية في ذلك.
بخصوص التقرير البريطاني، تحرك نواب البرلمان سريعا هذه المرة، فبريطانيا الشرك التجاري الأبرز لمصر يتخذ عدد من أبرز نوابها مواقف عدائية تجاه السلطة الحالية في البلاد، وهو ما زاد عليه "تقرير هام" يطالب الحكومة المصرية بإشراك جماعة الإخوان المسلمين في المشهد السياسي، ليتحرك وفد موسع سريعا ويعقد عدة لقاءات غاية في الأهمية، بأجندة برلمانية قيمة ونشاط سريع وفعال، ولكن، هل سمعت شيئا عن نتائج الزيارة، ما الذي تغير قبلها عن بعدها، ما الذي دار من محادثات، كواليس ومتغيرات، لا أحد يعرف.
غياب الشفافية وبطء رد الفعل معضلات معروف أسبابها مسبقا، فثقافة "الحجب" متأصلة في فكر الجيل الحالي من النواب، فأكثر ما يكرهه رئيس البرلمان الحالي علي عبدالعال هو المصورين الصحفيين داخل القاعة، علاوة علي القرار الذي أعلنه في أول أيام عمل المجلس بمنع إذاعة وبث الجلسات، وبالتالي فالانغلاق سمة وعدم الوضوح علامة.
لكي يتجنب البرلمان إهدار مجهوده وفرصه، عليه أن يكون أسرع في تحركاته، وأن يشمل تلك التحركات بأهداف معلنة ونتائج واضحة.