أحمدعبدالله
"النغمة الواحدة" المسيطرة داخل البرلمان المصري، لم تعدّ تضيق ذرعًا بالقلة القليلة من الوجوه المعروفة بمشاكساتها ومعارضتها تحت القبة فحسب، وإنما حالة من الرفض الشديد والحساسية المفرطة من أية نوازع لتوجيه سهام النقد أو الخروج عن المألوف تحت القبة، الأمر الذي امتد لأول مرة إلى وكيل البرلمان "سليمان وهدان"، وسبق وأن عبر رئيس البرلمان علي عبدالعال عن أنه يحافظ علي مجموعة من "الثوابت الوطنية" التي يجب أن يسير ورائها الجميع في هذه المرحلة الحساسة من عمر الوطن، في حين أن التجارب التاريخية تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن ترك أرحب المساحات الممكنة من الحرية في أي مؤسسة يحافظ عليها حية، ويسمح بالنقد الذي يصحح المسار ويقوم الأداء دومًا.
وتتبع سير أزمة "وهدان" داخل البرلمان مؤخرًا يجد لها تراكمات تعود لشهر يناير/كانون ثان الماضي، حينما وجه النائب المخضرم والكادر الوفدي سليمان وهدان، ضربة مؤثرة لإئتلاف "دعم مصر" الذي ينتمي إليه رئيس البرلمان علي عبدالعال، وذلك في أولى الجلسات التي شهدت انتخابات رئيس البرلمان ووكيليه، وأطاح وهدان بالقيادي البارز والمتحدث باسم الإئتلاف علاء عبدالمنعم –المقرب من رئيس البرلمان علي عبدالعال- واستطاع إزاحته بعد تربيطات شملت نواب من داخل "دعم مصر" بعدما ثارت خلافات داخلية بالإئتلاف وصلت لتصريحات نارية بين النائب مصطفى بكري وعلاء عبدالمنعم، قبل أن يتم الاستقرار على الأخير لمنافسة وهدان الذي تمكن من حسم أحد أبرز المقاعد القيادية المؤثرة تحت قبة البرلمان.
وتحدث وهدان على مدار الشهور الماضية، باستفاضة عن عدد من الأمور التي اعتبرها رئيس البرلمان من المحظورات، بداية من أزمة المستشار هشام جنينه وجددّ التذكير بالأمر حينما صرح بشأن تشكيل لجنة لدراسة ما أثير حول جنينة قبل إقالته، كانت له مجموعة من التصريحات التي تصدرت أزمة مستشفى المطرية الخاصة باعتداء ضابط على طاقم أطباء في المستشفى، ولايكل ولا يمل من الحديث عن تأثير الغلاء والقرارات الاقتصادية على حياة المواطنين.
وظهر مؤخرًا وكيل البرلمان في أحد القنوات الفضائية للحديث حول الإجراءات الإقتصادية التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرًا بخصوص تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه، حيث وجه نقدًا مباشرًا لإئتلاف الأغلبية "دعم مصر" وقال "إنهم لم يطالبوا بتوفير إجراءات اجتماعية توفر مظلة حماية للطبقات الفقيرة، ليخرج بيان رسمي من الإئتلاف يهاجم وكيل البرلمان بشدة متوعدًا إياه باتخاذ إجراءات قانونية ضده، في أي من الأوضاع السوية السليمة يتعين الاستماع لوكيل البرلمان وملاحظاته، حتي وإن لم يكن من الأغلبية المرضي عنها تحت القبة.
ويجب إتاحة الفرصة له ولملاحظاته، بل وعدم معاداته الأراء المماثلة الصادرة عن الأصوات المعارضة والمستقلة، فبتنوع الأراء وحده، يستطيع البرلمان أن يتجاوز أخطاء السابقين، ويصحح من صورته الذهنية عند جموع المصريين، وعلى رئيس البرلمان الحالي أن يمزق "الكتالوج القديم" وأن يكون حريصًا على ألا يكون صاحب السبق في "ذبح" وكيل برلمانه لمجرد اختلافه في الآراء.