بقلم : مينا سامي
دائمًا تخلق الأزمة ردود فعل سريعة: تنقلب الدنيا رأسًا على عقب، ينتشر الأمن في كل مكان، تخرج التصريحات المنددة والمهددة والمعزية، تتحرك أجهزة الأمن للبحث عن الجناة، تبدأ في القبض على بعضهم، ويظل البعض الآخر هاربًا.. يستمر الوضع هكذا لمدة أسبوعين وثلاثة، حتى تهدأ الأمور، ثم تعود الأمور كما كانت عليه من قبل.
في مصر، تسير الأمور دائمًا هكذا، كل شيءٍ جاهز، ردود الفعل مجهزة سلفًا، نفس الكلمات، ونفس الانفعالات وردود الأفعال.. إلا الأفعال؛ تظل حبيسة الأدراج والعقول والمنابر التي تطالب بتنفيذها.. لا يتحرك ساكنٌ، ولا يتغير شيءٌ..الجميع يطالب بالتغيير: في الفكر، في الخطاب الديني، في التشريعات، في تكييف المحاكمات والقضايا، في القدرات الأمنية والتأمينية، في كل شيء.. ولكن دون جدوى.
للأسف، وبعد عدد من الأزمات التي وقعت، وآخرها تفجيري الكنيسة المرقسية وكنيسة مارجرجس، وقبلهما تفجير البطرسية، طالب الجميع بعدة أمور، لم يتم التحرك نحوها، وبخاصة من مجلس النواب، المنوط به سرعة البديهة ورد الفعل، كممثل للشعب أو نائب عنه.
أول هذه الأمور، تعديل قانون الإجراءات الجنائية، لتقليص مدة التقاضي والاستئناف في قضايا الإرهاب، وسرعة الفصل فيها، ولم يتحرك مجلس النواب من أجل ذلك حتى الآن، بالرغم من عقده جلسة عامة طارئة في اليوم التالي لتفجيري الكنيستين، إلا أنه قام بعمل كل شيء يمكن عمله (في الخفاء) ووسط الزحمة، عدا النظر في تداعيات ومقتضيات الحدث القائم، والاكتفاء ببيان إدانة.
الأمر الثاني، تعديل الدستور، من خلال إحالة بعض قضايا التعدي على المنشآت الهامة في الدولة لنطاق القضاء العسكري، ولم يتم طرح الفكرة للنقاش من الأساس، والتصويت عليها سواء بالموافقة أو الرفض، بل ظلت (مجرد فكرة واقتراح).
الأمر الثالث، تجديد الخطاب الديني، لتجديد الفكر القائم، والذي كان من المفترض أن يبدأ بالتعليم، بحيث تتخذ وزارتيه قرارات عاجلة بتعديل بعض المناهج، فضلاً عن جامعة الأزهر – الأساس- لنبذ الكتب التي تحمل أفكارًا متطرفة تُدرس للطلبة، وكذلك المنابر التي تحتاج لإبعاد عدد من الشخصيات المتشددة عنها وعن عقول المستمعين إليهم.
الأمر الرابع، إصلاح منظومة الأمن، من خلال رفع كفاءة الأجهزة الأمنية وقدراتها على منع الجريمة قبل وقوعها، بحيث تمنع وقوع الكوارث، ولا تنتظر للبحث عن هوية انتحاري (مقتول بالفعل)، أو من يقفون وراءه.
أسئلة كثيرة، طُرحت، ولاتزال تُطرح بعد كل كارثة تقع، ولكن الجواب مازال واحدًا، هو البطء ثم البطء ثم البطء في اتخاذ أي إجراء حقيقي ملموس- لو كان هناك إجراء من الأساس.