محمود حساني
مجلس النواب أو البرلمان المصري يتكون من 568 نائبًا من عامة الشعب، أختير من قبل نفس الشعب عبر آليات ديمقراطية، وعلى مدى حقبة من الزمن تمثل تاريخ الحياة النيابية المصرية، بدءًا من عام 1866، تعاقبت على البلاد سبعة نظم نيابية تفاوت نطاق سلطاتها التشريعية والرقابية من فترة لأخرى ليعكس في النهاية تاريخ نضال الشعب المصري وسعيه الدؤوب من أجل إقامة مجتمع الديمقراطية والحرية.
والبرلمان هو السلطة التشريعية في جمهورية مصر العربية ويتولى اختصاصات مختلفة ورد النص عليها في الباب الخامس من الدستور القديم، فوفقًا للمادة 86 من الدستور المصري المُعدل في عام 2014 ، يتولى البرلمان ، سلطة التشريع، ويقر السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
ومن حق أعضاء البرلمان استجواب ومحاسبة الحكومة ابتداءً من رئيسها مرورًا بالوزراء وإلى أدنى وظيفة في الدولة وحسب القانون وليس عشوائيًا أو انتقامًا، ومن حقه أيضاً سحب الثقة عن أي مسؤول في الدولة، وهذا مقر في جميع بلدان العالم المتحضرة والتي تعمل تحت خيمة الديمقراطية، عضو البرلمان يمثل عددًا معينًا من أبناء منطقته التي ترشح عنها ومن كافة الشرائح، يمثلهم في البرلمان ويطالب بحقوقهم ، حينما يخرج العضو عن الأطر والقوانين والنظام الداخلي للبرلمان يصوت عليه داخل قبة البرلمان لحجب الثقة عنه ورفع الحصانة ومن ثم يحال إلى القضاء ليحاسب على جريمته وحسب القانون والديمقراطية أيضاً.
السؤال، إذا ماتهاون العضو المنتخب أو قصر بواجباته تجاه ناخبيه بدفاعه عن مظلوميتهم وإمتناعه القيام بالعمل الموكل إليه وخيانته للثقة التي منحه إياه الناخب، من سيحاسبه على ذلك؟ الحكومة أم القضاء؟ أم المجلس نفسه؟ لاأعتقد أن يقوم أحد من هؤلاء بمسآلته.
في عدد من الدول المتقدمة، أعطى الدستور، للمواطنين أو الناخبين الحق في سحب الثقة عن نائبهم في البرلمان، حال إخلاله ببنود العقد المبرم بينه وبين الناخبين، ونقصد بالعقد هنا، ما قاله النائب قبل فوزه في الانتخابات، وما قطعه على نفسه من وعود لناخبيه، وما تضمنه برنامجه الانتخابي، فإذا أخل به، كان للناخبين حق سحب الثقة منه مُجدداُ، وهو ما يعرف بـ " الرقابة الشعبية " على النواب.
وواقع الحال في مصر، ليس هناك طريقة محددة كفيلة لمحاسبة البرلمان ونوابه حال إخلالهم أو الخروج عن مقتضيات وظيفتهم، باستثناء حال ارتكاب عضو البرلمان، فعلاً يُشكل جريمة جنائية ، في هذه الحال هناك طرق معينة تضمنها الدستور ولائحة البرلمان من خلال رفع الحصانة عنه، غير أن ما يهمنا، هو من يُحاسب أعضاء البرلمان، حال إخلالهم بالعهود التي قاطعوها على أنفسهم أثناء جولاتهم الانتخابية أو إخلالهم بواجباتهم تجاه الناخبين.
فما فعلته النائب زينب الشرقاوي داخل قسم شرطة مدينة نصر، وتهديدها لضابط شرطة، فهو يدخل تحت بند استغلال النفوذ، لاسيما أن التحقيقات بيّنت في هذه الواقعة، أن الضابط كان يمارس مهام عمله تجاه ابن شقيتها التي ارتكب فعل يُحاسب عليه القانون، كذلك نفس الحال مع النواب الذي لا يحضروا جلسات البرلمان، الأمر الذي يتسبب بطبيعة الحال في عدم اكتمال النصاب القانوني وبالتالي تعطيل مناقشة التشريعات ومشاكل المواطنين. كنا نأمل ونحن من قمنا بثورتين، تغيير عقيدة الماضي، ويصبح النائب قبل أن يكون مسؤولاً عن مراقبة الحكومة ، مسؤولاً من جانب من انتخبه، وأن ينص الدستور المصري صراحةً على حق الناخبين سحب الثقة من النائب حال إخلاله بواجباته تجاههم.