محمد فتحي
عن أيام الكشف عن الحقائق يقول الشاعر طُرفة بنُ العبد
ستُبدي لكَ الأيّامُ ما كُنتَ جاهلاً ويأتيك بالأخبارِ من لم تزوّد
ويأتيك بالأخبار من لم تبع له بتاتاً ولم تضرب له وقت موعد
نعم ستكشف الأيام المقبلة عن تفاصيل كثيرة في حياة الشعب المصري، بعد سقوط من كانوا في سدة الحكم، مبارك ومرسي، وسيحكم التاريخ عليهم، وستظهر حقائق جديدة، وسنعرف تفاصيل أشياء كثيرة، قد تبدوا لنا خيالاً، أو ضربًا من ضروب الخيال، في كل المجالات.
سنعرف تفاصيل مؤامرات عديدة على هذه البلاد العربيّة، والتي تقوم بها مجموعة من أبنائنا، وسنعرف كم كان هؤلاء مخلصين أو خائنين، لأنَّ الإعلام العربي، بصفة عامة، إعلام إملاءات فقط، كل شيء يملى على تلك الشعوب المقهورة، عبر الظلم والفساد، وغياب الحقائق.
ستكون الأيام المقبلة أيّام صدمات إعلاميّة للمجتمع المصري، لأنَّ حقائق الحكم سوف تظهر، وسنعرف أسرارًا جديدة، لم نكن لنعرفها، ونعرف الهدف من قيام الثورات العربيّة، لأنَّ الحقبة التاريخيّة التي أعقبت ثورة "25 يناير" هي حقبة "سوداء"، غابت عنها الحقائق، والكل يسرد التاريخ حسب ما تقتضيه مصلحة أصحاب القرار (الحكّام)، وخير دليل على ذلك موضوع النشطاء والثوّار، الذين ظهرت حقائقهم الثوريّة، وطبيعة ما ثاروا من أجله.
أعتقد أننا في حاجة ماسّة لأن نؤسّس لدولة جديدة، نسمّيها "دولة القانون"، وجميعنا سنكون مع النظام القانوني، الذي يساوي بين البشر، وللحقيقة، منذ اندلاع ثورة "25 يناير"، أصبحت كل يوم أسأل نفسي آلاف الأسئلة، ولا أجد إجابة، أهمّها "أينَّ الحقيقة في كل الأحداث التي مرّت بها مصر؟"، و"لماذا لا تظهر الحقائق؟"، و"كيف يكتب التاريخ في هذا العهد؟"، و"من الوطني ومن الخائن؟؟".
هذا الشعور ليس شعوري وحدي، ولكن هو شعور غالبية الشعب المصري، بعد سقوط نظام مرسي و"الإخوان" في أقل من عام.
الكل يتحدث عن الفساد والخيانة، حتى من كنّا نمجدهم ونضرب بهم الأمثال في الوطنية باتوا من بين المتّهمين، نعم لقد اختلط الحابل بالنابل، حتى الإعلام أصبح إعلام مصالح، ولم ينصلح حاله، بل عادت الدكتاتورية تطلُّ برأسها من جديد، فيما أصبحت العديد من الصحف الصفراء تمجّد في أشخاص بعينهم، وعاد من جديد من أطلقت عليهم الصحافة في العهد السابق "أعداء الوطن"، ليكونوا اليوم "الأبطال" و"الوطنيين".
كل الأشياء في مصر حتى الآن تمشي على نمط واحد، وهو "العشوائيّة".