أحمد المالكي
كيف تستقر مصر وتتقدم إلى الأمام؟، سؤال علينا التفكير فيه بعمق، بعيدًا عن الأحداث والأفكار المشوهة، وعن أيّ تشويش مقصود أو غير مقصود، وعلينا وضع رؤى تكون واضحة أمام الجميع، لذلك هناك ثلاث خطوات، لابد من اتّباعها، إذا كنا نريد استقرار مصر وتقدمها، ويخطئ كل من يظن أنَّ مصر سوف تستقر بحكم شخص لها، ولكن لابد من تعاون الجميع، وتكاتفهم، حتى نصل بمصر إلى برِّ الأمان.
وتتمثل الخطوة الأولى في الاعتراف بالخطأ، هو ما يعدُّ أهم مرحلة في الطريق الصحيح إلى المستقبل، الذي ننشده ونحلم به، لأنّنا جميعًا، بلا استثناء، أخطأْنا في حق بلدنا مصر، ولا أحد يعتقد أنه فوق هذا الخطأ، ْبداية من الفرد، إلى الجماعات والأحزاب والسلطة، ورجال الجيش والشرطة، كلنا ارتكبنا أخطاء أدت في النهاية إلى الانقسام المجتمعي، حيث أصبح هناك حالة ترقب دائمة للآخر، وعلينا الآن، ودون تردد، الاعتراف بهذا الخطأ، ْبداية من الفرد الذي يهمل في عمله، ويهرب من العمل، ومن أداء وظيفته، قبل انتهاء مواعيد العمل الرسميّة، ومرورًا بجميع فئات المجتمع، سواء كان طالبًا يهمل في استذكار دروسه، أو مدرسًا يتكاسل طوال الوقت، ويوفر جهده للدروس الخصوصية.
وإذا أردنا إصلاح هذه المنظومة، التي يعتقد البعض أنه يمكن إصلاحها بالملايين من الاموال، إلا أنَّ هذا غير صحيح، حيث أنَّ الإصلاح يبدأ من الاعتراف بالخطأ، يتبعه تقويم النفس، ومراعاة الضمير، فعلى المدرس أن يراعي ضميره، وعلى الطالب إدراك أنّه لا فائدة من الغش، لأنه يصنع إنسانًا فاشلاً، ومجتمعًا ضعيفًا.
ولابد أن نعترف بأنَّ الأحزاب، والجماعات السياسية، أخطأت في حق نفسها، وحق بلدها، وهذا الخطأ دفع الشعب ثمنه، لاسيما الشباب الطاهر، الذي استشهد في الميادين، فيما كانت الأحزاب تسعة إلى تحقيق المكاسب الفرديّة عقب ثورة "25 يناير"، عوضًا عن البحث عن حل حقيقي، والتكاتف، حيث اختارت النخبة السياسية طريق الخلافات، وتركت الهدف الأساسي، المتمثل في بناء مصر الجديدة، مصر "العيش" و"الحرية"، و"الكرامة"، و"العدالة الاجتماعية".
هذا ما كنا ننتظره بعد ثورة "25 يناير"، ولكن للأسف حدث ما حدث، وراحت الثورة، واستغلها الإخوان، عوضًا عن أن يكونوا فصيلاً فاعلاً في المجتمع، والحياة السياسيّة، إذ أصبحت الجماعة نسخة من نظام مبارك، بل وأسوء منه.
والاعتراف بالخطأ ليس بعيدًا عن رجال الشرطة والجيش، وهنا لا أقصد الكل، حتى لا أظلم أحدًا، ولكن أتحدث عن بعض النفوس الضعيفة، حيث يعتبر بعضهم نفسه فوق القانون، ويعتقد أنَّ القوة المفرطة سوف تجعل الناس تخاف منهم، وهذا غير صحيح، لأنَّ ثورة "25 يناير" كسرت حاجز الخوف لدى المواطنين، لذلك علينا أن نعترف بالخطأ، ونفتح صفحة جديدة، مع الوضع في الاعتبار أنَّ من تلوثّت يده بالدماء عمدًا يجب أن يحاكم، وهنا يكمن دور القضاء، الذي تقع عليه مسؤولية كبيرة، لاسيما أنّه المناط به تحديد الجرم وعقوبته.
الاعتراف بالخطأ شيء عظيم عند الله أولاً، وعند الناس ثانيًا، وعلينا جميعًا أن نعترف بالخطأ، مهما كانت العاقبة، لأنَّه يعدُّ الخطوة الأولى في بناء مصر الجديدة، بعد ثورتين.