الحوار الذي نشرته جريدة "الوطن" مع المستشار ناجي شحاتة كشف لنا الوجه الآخر من فلول القضاة، والذين لهم توجه سياسي يجاوز حدود مهنة القاضي، واحترام القاضي منصة القضاء، وقدسية القضاء، الذي يجب أن يكون نزيهًا وبعيدًا دائمًا عن الشبهات.
تصريحات المستشار ناجي شحاتة لا تختلف كثيرًا عن تصريحات "قضاة من أجل مصر"، الذين كان لهم توجه سياسي يساند جماعة "الإخوان" الإرهابية.
والآن يتكرر السيناريو مرة أخرى، لكن هذه المرة مع قاضٍ عليه الكثير من علامات الاستفهام، بالإضافة إلى حديثه عن ثورة 25 يناير، وأنها كانت 25 خسائر، كما وصفها.
وهذه كارثة؛ لانه ليس من المعقول ان يكون هذا كلام قاضٍ يجلس على منصة القضاء، ويأتي بحقوق الناس وحقوق الضعفاء،
وهذا يفتح الباب بشأن تعامل القضاة مع ثورة 25 يناير، وحق الشهداء في قضايا قتل المتظاهرين ومن قتل الشهداء في الميادين.
القاضي ناجي شحاتة فتح أبواب جهنم على القضاة بتصريحاته غير المسؤولة، وهو يحاول تدارك هذه الكارثة لكن استيقظ متأخرا بعد ان اصبحت القضية امام الراْي العام.
وللأسف المستشار ناجي شحاتة سبقه وزير العدل احمد الزند، الذي كان يتحدث ايضا في السياسة، رغم ان وضعه كان لا يسمح له بذلك.
ويبدو أن النهج نفسه يسير عليه المستشار ناجي شحاتة الآن، ونسي انه قاضٍ وليس رئيس حزب.
حتى الإعلام لم يرحمه، وتحدث بطريقة خاطئة ووصى نفسه على الناس من يجب ان نشاهد، ومن هو الاعلامي سيئ السمعة، ومن هو الاعلامي البرادعاوي الخائن.
وكأنه اصبح خبيرًا في الاعلام، وتحول من قاضٍ الى خبير اعلامي ومصلح اجتماعي ايضا؛ لانه تحدث عن الحياة الخاصة للاعلامي تامر امين بطريقه جارحة وتسيء الى سمعته.
نحن الآن أمام كارثة كشفها لنا حوار "الوطن"، لكن هذا الحوار سوف يفتح الكثير من الملفات في الأيام المقبلة، اذا لم يمر الامر مرور الكرام.
وهنا أتساءل: من هم القضاة الذين شاركوا في تزوير الانتخابات في عصر مبارك لصالح الحزب الوطني؟ وهل كان المستشار ناجي شحاتة واحدًا من هؤلاء القضاة الذين زوروا الانتخابات؟
خاصة بعد وصفه ثورة 25 يناير بانها ليست ثورة وأنها كانت 25 خسائر.
وأيضًا اتساءل: ماذا حدث في دائرة الدقي والعجوزة التي كان يشرف عليها المستشار ناجي شحاتة في الانتخابات البرلمانية 2015م، ولماذا خسر المرشح الدكتور عمرو الشوبكي؟ هل لانه كان من انصار ثورة يناير؟
أتفهم السبب الذي جعل المستشار ناجي شحاتة يطلق على ثورة يناير "خسائر".
وأعتقد أن الجميع يعرف السبب؛ لأن القضاة كانوا يقوموا بتعيين ابنائهم في القضاء، رغم ان بعض ابناء القضاة لم يحصلوا على تقدير في كلياتهم، وهناك من هو احق بالتعيين في هذا المنصب.
لكن كما قال وزير العدل السابق المستشار محفوظ صابر ان ابن الزبال لا يمكن ان يكون قاضيا.
هذه حقيقة مرة يجب ان نعترف بها، واذا قامت جهة او منظمة من المنظمات الاحصائية بعمل احصائية عن عدد ابناء القضاة في وزارة العدل فسوف يجدون نسبة مرتفعة، سواء من الذكور او الاناث من ابناء القضاة.
وهذه قصة اخرى تتعلق بالمحسوبية والفساد في التعيين، وهي من وجهة نظري يجب ان تكون مسؤولية رئيس الجمهورية.
جريدة "الوطن" بحسب رئيس تحرير "الوطن"، الكاتب الصحافي محمود مسلم نشرت تسجيلًا صوتيًّا للحوار على موقع "الوطن" للمستشار ناجي شحاتة، وأن جريدة "الوطن" قامت بحذف اجزاء من الحوار تحدث فيها المستشار ناجي شحاتة بشكل سيئ عن محكمة النقض، وبعض زملائه من القضاة، كانت من الممكن ان تثير ازمة في الوقت الجاري، ورأت الوطن عدم نشرها افضل.
وهدد رئيس تحرير "الوطن" الكاتب الصحافي محمود مسلم أنه اذا استمر المستشار ناجي شحاتة في اتهامه لـ"الوطن" بالتحريف والتلفيق؛ فإن جريدة "الوطن" سوف تذيع الحوار الصوتي كاملا ومدته 107 دقيقة.
وبصراحة أتمنى ان يذيع الكاتب الصحافي محمود مسلم الحوار كاملًا حتى نعرف ما هي الكوارث الاخرى التي تحدث فيها المستشار ناجي شحاتة، ولماذا تراجع بعد ان اتهم الجميع في كلامه لـ"الوطن".
للأسف الجميع تأخذه العزة عندما يتحدث في حوار صحافي، وعندما يصبح هذا الحوار مثيرًا للجدل، ويتحدث عنه الرأي العام يتراجع أي شخص عن تصريحاته، ويتهم الصحافة بالتلفيق.
لكن جريدة "الوطن" لديها خبره في ذلك، واخذ الزملاء في "الوطن" احتياطهم، وقاموا بتسجيل الحوار حتى لو لم يعرف انهم كانوا يقوموا بالتسجيل.
المعركة المقبلة قد تكون بين الاعلام والقضاء بسبب تصريحات المستشار ناجي شحاتة، لكن السؤال المهم الان بعد هذا الحوار وهذه الضجة: متى يتم تطهير القضاء من فلول قضاة عصر تزوير الانتخابات، وفلول قضاة اتهام ثورة يناير بانها كانت خسائر.
نتمنى ان تحاسب الدولة الجميع اذا كنا فعلا نعيش في دولة المؤسسات ودولة القانون.