بقلم - صبري علي
لا تجمعني به أي علاقة.. لا أعرفه ولا يعرفني.. ولم أتعامل معه من قبل، ولكني وجدت نفسي سعيدًا للغاية بخبر انتقاله للعب في ستاد الإمارات في العاصمة البريطانية لندن، وعشت بسببه ما يشبه مشاعر الانتصار، على من أو ماذا؟.. هذه هي القضية .
لم يكن انتقال محمد النني إلى أرسنال الإنجليزي مجرد خبر تابعته مثلما أتابع كل أخبارنا الرياضية، أو حتى مجرد "نبأ سعيد" يخص لاعبًا مجتهدًا حقق لنفسه ولاسم بلده نجاحًا مميزًا بالانتقال إلى معقل أحد أكبر الأندية في "البريميرليج"، فالأمر ليس كذلك فقط .
توحدت مع النني لأسباب أخرى غير حبي لكرة القدم وفخري بكل ما من شأنه إسعاد ولو فرد واحد في مصر، وذلك لأني وجدت في نجاحه الذي أتمنى أن يستمر درسًا لنا جميعًا في العمل بصمت، والتقدم في هدوء، والتدرج المنطقي المقبول دون محاولة للقفز مرة واحدة إلى ما لم نستعد إليه .
ما فعله النني "الفاشل" هو أنه خرج وابتعد عن بيئة لم ترحب به، فأقنع هذا اللاعب "الفاشل" المدرب "الفاشل" آرسين فينجر، بأنه لاعب يملك من المقومات ما يؤهله للعب مع أحد كبار الدوري الإنجليزي.
الأمر ليس مجرد نجاح لاعب في الوصول إلى قمة مستويات الاحتراف، وبالطبع أدرك أن التجربة قد تستمر بنجاح إلى النهاية أو تتوقف أو تفشل، لكن قضيتي هي كيف نحكم على الأمور عندنا في مصر؟، وكيف يكشف الآخرون جهل بعضنا في إصدار الأحكام؟، ليس في ملاعب الكرة فحسب، بل هي صورة تتكرر مع طفل مخترع، أو موهبة صحفية ناشئة، أو مع شاعر يبحث عن طريق، أو غير ذلك من ميادين الإبداع .
السبب في الأحكام الخاطئة واحد في كل الحالات، وهو أن الأمور توكل عادة إلى غير أهلها، فلا يستطيع من يقود إصدار حكمه لأنه لا يملك مؤهلاته، وإن كان عادل عبدالرحمن كان سببًا في خروج النني من الأهلي وانتقاله إلى المقاولون ثم بازل ثم الأرسنال، فمثل الكابتن عادل كثيرون في أماكن عدة، لكن "المطرود" في مجالات أخرى قد لا يملك إرادة النني في التعبير عن ذاته، أو قد لا يجد من يرعى موهبته ويقف بجواره، وقد لا يقابل فينجر يوما ما .
آخر لمسة:
ركزوا ودققوا في اختيار المعلم والمدرب والمسؤول قبل أن تركزوا في اختيار من يتعلم أو يتدرب أو يعمل.. فاقد الشيء لا يعطيه أبدًا أبدًا .