توقيت القاهرة المحلي 18:47:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التقاعد يعني الموت

  مصر اليوم -

التقاعد يعني الموت

بقلم: محمد فؤاد

في قاموس المدربين الكبار وعبر محطاتهم الكروية والتدريبية، هناك فعلا فجوة تطل في أي وقت لتنهي مسارهم المهني في ملاعب الكرة مثلما حدث مع المعمر السور أليكس  فيرغوسن بنادي مانشيستر يونايتد ومثلما يقترب ذلك مع أرسين فينغر مدرب الأرسنال . صحيح أن فيرغوسن (76عامًا) عندما أنهى القطيعة مع المران، لم يتقاعد عن الكرة في مجراها الخاص بالمتابعة والمشاهدة بداخل الملاعب وليس عبر التلفاز معتبرا في ذلك أن مهنته لا تموت إلا بعد وفاته رغم أن الكرة لن تموت على الإطلاق جيلا بعد جيل. وفيرغوسون الذي عمر طويلا في المان يونايتد قرابة 30 عاما محققا أرقاما قياسيا في الألقاب، حمل معه كتابًا تاريخيًا حول هذه المدة الزمنية التي راكم فيها نجوما كبيرة من إنجلترا وربوع أوروبا وأسيا وأمريكا اللاتينية ولو أن العلاقة الخاصة لأي مدرب في العالم لابد وأن يكتب لتاريخه الكروي سيرة ذاتية تؤرخ لمساره وحياته الخاصة بهذا الارتباط المستميت بالكرة وسياق تطورها بين فترات التاريخ التي راكمها فيرغوسن أو غيره. واليوم عندما يخرج الرجل الثاني بإنجلترا الفرنسي أرسين فينغر بتصريحات حول مستقبله الغامض ما بعد الأرسنال التي عمر فيها لـ21 عاما مشددا على أنه بعد انتهاء عقده سيتقاعد رسميا، ولكن في ذلك يأس مطلق ووفاة جوهرية بعد توقف المهام، ولكن فينغر الذي أعلن في وقت سابق أنه اتخذ قرار التخلي عن الأرسنال في مؤشر البحث عن فريق آخر بداعي سوء أحوال نتائج الفريق وابتعاده عن اللقب أو المراكز الأمامية التي يسرق منها المطاردون مكانا في عصبة أبطال أوروبا، لا يريد التوقف نهائيا عن التدريب حتى آخر نبض فيه، ولا يرى مانعا رغم وصوله لسن 67 عامًا في مواصلة المشوار مع فريق آخر حتى لا يشعر بحسرة التوقف. وفي ذلك رسالة جوهرية واعتيادية يصعب على أي مدرب مشهور أن يبتعد عن هذه الشهرة حتى الموت وكأنها مهنة أخرى تسلط عليه الأضواء وتنضاف لمسلسل التواصل مع الجمهور والإعلام والأحداث العالمية، وبمعنى آخر يمكن أن نصنف مهنة هذه الشهرة الكروية لاعبا أو مدربا بمثابة وزير لا يريد أن ينهض من كرسي الريادة أو مسؤول تربى على البقاء في كرسي البذخ .

ورغم أن هذا التعبير المجازي لا يقارن بين الأمرين، إلا أن كرة القدم هي مجال للإبداع والسخاء والمتعة والإنتاج وراء طموح الألقاب، ومن يبتعد عنها مطلقا سيمرض وسيعجز حتى عن الحركة مثلما هو الحال عندنا في المغرب من لاعبين ومدربين أنهوا مسارهم الكروي بأشكال مختلفة بين الغنى والفقر والحاجة والهشاشة، بل هناك من مات بمرض عضال وهناك من وضع في خانة النسيان، ومنهم من لا يرى في الكرة أنها منحته شيئا في زمن الفرجة بلا مال. وفي كرة القدم بالمغرب هناك مدربون ماتوا تحت الضغط وعلى الضغط، وهناك من تلقى الضربات العنيفة وبعضهم من عانى الأمراض، وهناك من مات في صمت أو بالفجأة أو بالحرقة على غير عادة ما يعيشه مدربو العالم. ولكن لم نسمع مدربا أنه تكلم بنفس طلقة فينغر كون التقاعد عن الكرة يعني الموت، ما يعني أن الموت في أي لحظة لابد وأن ينتهي مع الكرة وربما فوق الرقعة أو في بنك الاحتياط أو في المران أو في اجتماع خاص. هو هذا التصور الذي يبني عليه فينغر وغيره من كبار المدربين الذين وإن انتهوا من العمل والممارسة اليومية تراهم يزاولون مهام التحليل أو الإدارة التقنية أو التكوين أو غير ذلك من أصناف الاجتهادات المخولة لأي مدرب لا يريد تقاعده في الكرة مثل تقاعد موظفي الدولة، ولكن لا بد من التأكيد على أن جمالية هذا المسير الكروي يجب ان يكرس مبدأ الكتابة التاريخية للسيرة الذاتية التي لا نجدها بمطلق العبارة لدى مدربينا في مكتباتهم على الأقل للتوثيق التاريخي. ولذلك يرى فينغر أن التقاعد يعني الموت، ومن لا يريد الموت عليه أن يكتب تاريخه أولا في كتيب كما يفعل الشعراء والأدباء والمؤرخون، وينساق ثانيا مع العمل التقني بكل تجلياته ليس في الرقعة فحسب، ولكن في جميع دواليب الكرة أيا كان اختصاصها.
 
أما آن الأوان لينتهي هذا الهراء بين رونار وزياش عبر ردود أفعالهما وتناوبهما الدائم عبر التصريحات غير المسؤولة كان فيها رونار هو البادئ مجددا في سياق استفزاز اللاعب حكيم على أنه ليس أولوية بهولندا على النقيض من الأسماء التي قد تحمل القميص الوطني دون زياش، مع أن الأخير رد بصرامة كذلك موحيا أن العمل مع هذا الرجل مستحيل جدا ما دام ناخبا للمنتخب المغربي في إشارة إلى أن رونار لن يوجه له الدعوة في مباراة هولندا وكان على زياش أن يرد عليه بنفس الطابع السخري وكأننا أصبحنا في سوق المجادلة الفارغة في وقت يتحتم على الناخب أن يكون عاقلا في الرد على الأمور ولا يجرح اللاعب رغم سياقات العقاب الذي فرضه رونار على زياش حتى ولو فعل ما فعل، لأنه لغاية الأسف، لم يسقط الرجل من ذهنه حكيم زياش ولا زال يتوعده في أي لحظة يقترب فيها الفريق الوطني من دخول الرهانات. ولذلك أرى من منطق العقل أن ينزل رونار من تعنته ويلعب دور الرجل الحكيم لا الرجل المستفز الدائم، وحتى إن كان لا يريد اللاعب وإن وجهت له الأسئلة بنفس النسق، لابد وأن يراعي نفسية اللاعب لأنه بعيد عنه ولا يطلق العنان للرد إلا إذا رأى في ذلك تجريحًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقاعد يعني الموت التقاعد يعني الموت



GMT 14:37 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

مرج الفريقين يتفقان!

GMT 08:55 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الوزراء والكرة

GMT 10:22 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أسقطوك يا "عميد"

GMT 00:12 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

وداد الأساطير

GMT 06:26 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

استثناء في غابة الرياضة المصرية

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon