بقلم : محمد فؤاد
يحيرني أمر من كتب على المكشوف «الأهلي أفضل نادي في الكون» وبالبند العريض والإشهاري على جنبات ملعب برج العرب الذي أقيمت فيه مباراة العودة بين الأهلي المصري ونجم الساحل التونسي دون أن يعرف من هي عظماء أندية الكون في العالم والأقرب إليهم في إسبانيا من الريال الملكي والبارشا الكتالوني وقس عليها من دول أوروبا وأميركا اللاتينية، وكم رصيدها المالي وعدد أنصارها ووووو.
ولا عجب في أن يكون أيضا لسان العشق شوفينيا دون الاكتراث بمن هو أفضل من الأهلي بالمقارنات وكل شيء مع أن طرح مثل هذه العبارات يبقى رأيا خاصا لدى الأشقاء المصريين ولا يمكن الأخذ به مطلقا برغم أن الأهلي هو نادي القرن ومثقل بالألقاب الأفريقية ويشكل فوق ذلك أسطول الفراعنة على الدوام . إلا أن أندية الكون عديدة ولها نجوم من العيار الثقيل ولا تقارن أصلا بنجوم الأهلي مطلقا، وإلا أجزنا القول بأن نجوم الأهلي عبر التاريخ لعبت واحترفت مع عمالقة أوروبا والحال أنه لم يصدق ذلك على الإطلاق.
وبالعودة إلى الرجة التي أحدثها وليد أزارو بلقاء نجم الساحلي والطريقة الهادئة التي تعامل فيها مع التليفزيون المصري برتابة الفرح والفتور الذي أبداه أثناء تسجيله للهاتريك الانفجاري معبرا في ذلك وبإشارة السكوت الموجه إلى منتقديه من الصحفيين والمحللين والأنصار المصريين الذين انهالوا عليه بسياط لا تتناسب مع أهليته وحتى حمله للقميص الأهلاوي محملين إياه مسؤولية ضياع فرص كثيرة اعتبروها بالسهلة ولا يمكن ضياعها من لاعب محترف يحمل قميصا يعد مسؤولية جسيمة مثلما هو حال أحد المحللين حين قال: «قد يكون آزارو لاعبا جيّدا، لكن لا يصح تعاقده مع الأهلي لتعليمه كرة القدم» وهو كلام مستفز وشبه عنصري مع أن الأهلي مر به لاعبين أجانب لسنوات وتجاوبت معهم للدخول في منظومتها وأضاعوا الكثير من الفرص وبمقارنة لا تتناسب مع قصر اندماج وليد أزارو مع ذات الأهلي.
وأيا كانت الاستفزازات التي طالت الدولي المغربي القادم الذي يشكل اليوم بالمغرب نجما صاعدا وليس نجما ثقيل الميزان لكون الأهلي ارتبط بأزارو على أنه وجه محترف لأول مع نادي عربي وأفريقي لأول مرة دون أن يكون معبره الخصوصي إلى أوروبا، فأزارو يعرف أنه اختار بلدا يصعب التأقلم مع إعلامه إلا بالضربات والقفز على حواجز كل الأندية المصرية والقارية صانعا وموقعا لسلة الهدافين، وسيكون من السهل لو أسكت الأفواه تدريجيا لأنه مندمج مع عقلية المدرب واللاعبين وطريقة اللعب التي تسهل عليه معانقة الأهداف، وهنا قد يكون أزارو في نظري قد اختار محطة فعلا هي جميلة لكون الأهلي يصنع اللعب ويلعب على الهجوم وله صناع لعب لم يتعود عليهم بفريقه الجديدي ومع قلة أهدافه بالبطولة المغربية، وأعرف حتما أن ولادة الهداف تكون عادة من قناع توحد منطلقات اللعب الهجومي، ومن يصنع الأهداف ويقرأ أين يوجد القناص أكيد أن هذا القناص سيجل بسهولة، وهذا ما يريده الأهلاويون ويعاتبون به أزارو لأنه أضاع فرصا كثيرة خلال المباريات الأخيرة ، ولكنهم لم يمهلوه لحظات الاستئناس الضروري ولحظات الشحن النفسي الذي ما لقيه أصلا إلا من مدربه حسام البدري كدعم رئيسي في محنته هذه، صحيح أنني قلت ذات يوم أن أزارو وقبل احترافه بمصر أنه سيكون هدافا من الطراز الرفيع وسيعيدنا إلى زمن البوساتي ولغريسي وأنافلوس وغيرهم كثير من خلال محتويات لعبه وطرق تسجيله للأهداف، ولكنه سيكون هدافا حقيقيا لو كان أمامه موزعون وصناع لعب كبير يحفظ من ورائهم كل الطرق المؤدية إلى المرمى، وبالأهلي يجد هذا المعطى الرئيسي وعليه أن يكرس هذا النهج ليكون هداف نادي القرن كما يقال ويبعد نحسه المغبون حتى بعد توطئة الثلاثية التي دشن بها قتل النحس وأسكت بها كل المنتقدين ولكنه أيقظ كل الأنصار بالثلاثية المسترسلة .
وحتى مع هذه الانتفاضة المؤقتة لأزارو، وحتى مع ارتفاع كوتة اللاعب في التأييد الإعلامي، لم يسلم اللاعب من الانتقادات التي سالت من بعض الأفواه وبخاصة من وائل جمعة اللاعب السابق للأهلي عندما وصف أهداف أزارو بالسهلة دون أن يدرك كيف أحاط أزارو بموقعه وسرعته وتموضعه الجيد في تسجيل الأهداف وبخاصة الهدف الثالث الذي سجله هو ومن بنائه الشخصي، ولست أدري كيف يكون هذا الوائل عنصريا إلى هذه الدرجة ولو أن مثل هذه الأهداف السهلة يضيعها نجوم كبار في نفس الموقع لأن الكرة لا تريد أن تدخل وتعاكسك كليا حتى وإن كنت واضحا ومقتنعا أمام المرمى الفارغة ، وأكبر مثال كم أضاع رونالدو أهدافا سهلة في الآونة الأخيرة وحتى بنزيمة وجها لوجه مع الحارس، ولذلك من المفروض أن يسكت وائل جمعة لأن ما يعنيه مقصود وربما حقد دفين على نجوم المغرب، كما هو الحال لأحد المعلقين عندما قال: «تصوروا أزاروا سجل..».
نهاية، ما يعنينا اليوم أن أزارو سجل ثلاثية تاريخية، ومفروض أن يعود إلى نشاطه المعنوي ويفجر كل مؤهلاته القادمة حتى يكون احترافه ألمعيا ويسكت المشككين بكل تلويناتهم.