لم يكن والدي عليه رحمة الله مشجعا لكرة القدم بالشكل المعروف، لكنه كان يحب الكرة ويعشق لاعبا واحدا، يتحدث عنه بحب غريب كأنه ابنه، هذا اللاعب كان هو "الأسطورة" محمود الخطيب.
ويبدو أنني مثلما ورثت عن والدي بعض الصفات، قد ورثت أيضا حب هذا الرجل، فهو عندي أعظم من داعب الكرة من بين المصريين والعرب، ومن أجله ارتديت الرقم 10 طوال مراحل ممارستي للعبة، رغم أنني طبعا لم أكن على الإطلاق في مثل مهارته الفذة.
وعندما عملت بالصحافة وتوليت تغطية أخبار النادي الأهلي منذ عام 1994، كان من بين أمنياتي أن أجلس مع "بيبو" وأن أحاوره، وبالفعل تكرر ذلك أكثر من مرة، وفي كل مرة كنت أزداد حبا واحتراما وتقديرا له.
بعد فترة من الابتعاد عاد الخطيب إلى الساحة من جديد، ومن حسن حظنا أنه في الأيام الماضية عاش بيننا لبعض الوقت في الإمارات بحكم العمل في برنامج "القاهرة أبوظبي"، وبالتزامن مع ذلك تجدد الحديث على الساحة الرياضية المصرية عن قرب ترشحه لرئاسة النادي الأهلي في الدورة المقبلة كحلم آن أوان تحقيقه.
رئاسة الخطيب للأهلي هي حلم الجماهير الحمراء قبل أن تكون حلم الخطيب نفسه، وهو الذي قال لي في حواري معه لجريدة الوفد عام 2007 أن أمنيته الوحيدة قبل موته "أطال الله في عمره" أن يشاهد مباراة للأهلي من مدرجات ملعبه الجديد. رئاسة الأهلي حلم مشروع لابنه البار وللجماهير العاشقة أيضا للكيان والاسم اللامع.. الأهلي يليق بالخطيب، كما أنه يليق به.
كل هذا لا مشكلة فيه، لكن المشكلة في أن الخطيب قد لا يليق بهذا الزمان الذي نعيشه، فهو الذي منحه الله موهبة كروية فذة، لكنه لا يملك مهارة شراء الأبواق الإعلامية "الرخيصة" إن كانت هذه أشياء يمكن أن تسمى مهارة.
وما استفزني بشدة هو ما سمعته على لسان الكابتن مصطفى يونس في تسجيل عبر "يوتيوب" وهو يتحدث عن انتخابات الأهلي، وكيف أنه يرى مصلحة النادي في بقاء واستمرار محمود طاهر، وهذا بالطبع حقه كعضو جمعية عمومية له حرية الاختيار، لكن صدمتي كانت في طريقة كلام يونس عن زميله وصديقه محمود الخطيب، عندما قال بالنص: لا يهمني من ينجح، سواء محمود طاهر أو محمود الثاني. تخيلوا يقول عن زميله وصديقه محمود "الثاني"، رغم أن الكابتن مصطفى وغيره يعلمون أن "بيبو" هو محمود "الأول" في كرتنا المصرية والعربية.
وكذلك عندما قال نصا أيضا: سبق وأن فشل الراحل صالح سليم أمام الفريق مرتجي، وهو صالح سليم وليس "عبدالحليم حافظ"، وكان الكابتن مصطفى يقصد أيضا هنا الخطيب.
يمكن لمصطفى يونس وغيره أن ينحاز لمن يريد، لكن دون الوصول إلى هذه المرحلة الفجة في الحديث عن الطرف الذي لا ننحاز إليه، أو من لا نجد مصلحتنا عنده، فكيف وهو يتحدث عن زميل وصديق!
كل الآراء الخاصة لا تعنيني فهي ملك لصاحبها ولا تدينه إن كانت خالصة دون أهداف، وإن كنت أرى في الحديث بهذه الطريقة "خيانة"، حتى وإن أصاب الكلام "كبد الحقيقة" وهو بكل تأكيد غير ذلك.
لا يمكن لأحد أن "يقاتل" من أجل فوز اسم ما في أية انتخابات، دون أن تحكمه مصلحة بعيدا عن الكلام "الهلامي" عن الخوف على مصلحة النادي، وأرى أن من يقاتلون ليبقى طاهر، ومن أجل أن يتعثر الخطيب كل يوم في ازدياد لسبب واحد مشترك بينهم، هم يعرفونه جيدا.
وعن نفسي مثلا رغم حبي واحترامي وتقديري لشخص محمود الخطيب، لا يمكن أن أقاتل من أجل فوزه برئاسة الأهلي، وإن كنت أتمنى ذلك بكل صدق.. وذلك لأن الخطيب نفسه لن يقاتل من أجل هذا الكرسي الذي يتمناه ويستحقه، وأثق أنه سيتعامل مع الأمر في النهاية بتقدير كبير لإرادة أعضاء النادي، فإن اختاروا أن يكونوا معه فألف أهلا وسهلا وفخرا برئاسة النادي العريق، وإن كانت إرادتهم عكس ذلك فلن ينقص ذلك من حبه للكيان الكبير ومن ينتسب إليه مثقال ذرة.. هذا هو "القتال" الذي تعودنا عليه من الخطيب، والذي لا يعرفه يونس وشركاه!