توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ملاعب منسية

  مصر اليوم -

ملاعب منسية

بقلم - حسن البصري

كلما أطلق المنتخبون اسم لاعب على ملعب لكرة القدم إلا وأعلنوا وفاته..كلما وضعوا اسم مدرب أو مسير على مدخل فضاء لممارسة كرة القدم إلا وحولوا اللوحة إلى شاهد قبر..كلما قصوا شريط التسمية إلا وسرقوا المقص وحولوه إلى خنجر يذبح الرموز من الوريد إلى الوريد.
إذا تأملنا أسماء ملاعب الكرة في بلادنا سنكتشف حجم الجحود، وسنستحضر موقف أبناء المراحيم الذين يعيشون تحت خط القهر، كل ما يملكون لوحة كتبت بخط معتل تذكر برجل مات دون أن يجد كفن الكرامة.
وضع اسم اللاعب الدولي العربي بن مبارك على ثلاث ملاعب في الدار البيضاء ومراكش وفي الصحراء، لكن لا أحد من اللاعبين الممارسين يعرفون تاريخ العربي ولم يجرؤ أحد من المؤطرين على تخصيص حصة لتلقين النش درس في التاريخ عنوانه “المؤسس الحقيقي للكرة في المغرب”، كي لا يظل إدريس الأول ويوسف بن تاشفين ومحمد بن تومرت هم مؤسسو البلاد.
لو تقدم حفيد العربي بن مبارك إلى الملعب وطلب الانتماء للمدرسة لطالبه مسؤولو الفريق بشهادة الحياة وواجب الانخراط وصور وشهادة الخلو من الأمراض المعدية، دون اعتبار لتاريخ جده ورمزية الاسم الذي كان أسطورة زمانه.
ذات يوم توجه حفيد الأب جيكو مؤسس الرجاء البيضاوي إلى إدارة النادي وأعلن رغبته في الانضمام لمدرسة الفريق، فوضعوا أمامه لائحة الحاجيات وأسعار الحصص وشيك للدفع المسبق كأنه سيرقد في مصحة خصوصية، التمس المجانية استنادا إلى تاريخ الأب جيكو فطالبوه بملتمس كتابي باسم الرئيس وشهادة الحياة الجماعية وتصريح بالشرف، فعاد أدراجه خائبا يصادر دموعه ويمني النفس بنزع صورة الفقيد من إدارة النادي.
يحمل ملعب الراسينغ البيضاوي إسم الأب جيكو، رغم أنه لاعلاقة للاسم بالمسمى، لم يلعب للراك ولم يدربه وكل ما يقتسم معه مساحة أربعة أمتار خصصت لاسمه، بينما منطق الأشياء يقتضي إطلاق اسم أحمد النتيفي على الملعب.
مسكين العربي باطما، فقد أطلق مجلس مقاطعة الحي المحمدي ذات يوم اسمه على ملعب الحفرة، تساءل أبناء كريان سنطرال عن العلاقة بين عازف وملعب، فقيل إنه كان يشغل قيد حياته مهمة كاتب عام للفريق، قالوا آمين..لكن ذات صباح حضرت القوة العمومية واستبدلت الإسم وانتزعت اللوحة في ما يشبه غارة من غارات تحرير الملك العمومي.
انتزعت “اليافطة” وهدم الجدار، وحين قرأ قائد لمخازنية في عيون أبناء الحي نظرة عتاب، ردد على مسامعهم: “ما هموني غير لرجال إلا ضاعوا لحيوط إلا رابو كلها يبني دارو”. أما العربي الزاولي الذي وضع اسمه على ملعب الفريق فقد تحول نصف الملعب إلى مخزن لحافلات النفايات، بينما أصبح أفراد أسرة الزاولي يفكرون في اللجوء لملعب يحمل اسم والدهم تجنبا لإفراغ آت لا ريب فيه.
في برشيد يمكن لملعب لكرة القدم أن يحمل إسم عالم “الرازي”، ربما لقربه من مستشفى الرازي للأمراض العقلية، وفي تطوان يصر المنتخبون على أن يبقى ملعب المدينة باسم المنطقة “سانسة الرمل”، بالرغم من المطالب التي آمن أصحابها بأنهم يصبون الماء في الرمل.
باستثناء ملعب الأمير مولاي عبد الله، فإن كل الملاعب التي تشرف عليها سونارجيس بلا إسم ولا عنوان، وكأنهم أطفال متخلى عنهم مجهولو الأصول لا يتوفرون على دفاتر الحالة المدنية. لهذا يجد كثير من الصحافيين حرجا في تسمية ملاعبنا فيصفونها بالملاعب الكبرى.
قال أحد المحققين في أعمال شغب عرفها ملعب مراكش، إنه وجد نفسه في موقف حرج وهو يبحث عن تسمية لمسرح الجريمة، وحين وصفه بالملعب الكبير نبهه رئيسه إلى ضرورة إضافة كرة القدم لأن أكبر ملعب في مراكش هو ملعب الكولف.
يصر أهالي طنجة على تسمية ملعبهم “ملعب ابن بطوطة”، لكن المستندات الرسمية لسونارجيس تعتبره بدون إسم أو لقب، وتكتفي بالاسم المتداول “الملعب الكبير”، ليس لأن ابن بطوطة لا علاقة له بالكرة، بل لأن التسمية تحتاج إلى قرار من مجلس المدينة وتزكية من وزارتي الداخلية والشباب والرياضة وموافقة من أسرة الرحالة ومسطرة معقدة جعلت نصف ملاعبنا “بلدية”. كما يصر أهالي أكادير على تسمية ملعبهم “الكبير” بملعب أدرار وتعني بالأمازيغية الجبل، لكن الشركة “طلعت للجبل” وأصرت بدورها على تسمية الملاعب بأحجامها لا بتاريخها أو جغرافيتها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملاعب منسية ملاعب منسية



GMT 09:52 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

صدق الحضري

GMT 11:09 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

جيل لن يخذلنا

GMT 11:21 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياضة للمتعة والترويح .. فلا للتعصب

GMT 10:52 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

هل يعود المعلم ؟ نتمنى أن يكون صالحاً وصادقاً

GMT 11:20 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

صور روسيا 2018

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon