بقلم - عبد العزيز بلبودالي
حاولنا أن نفهم، لماذا وما الدواعي لأن يلعب فريقنا الوطني للاعبين المحليين مباراته الإعدادية التي جمعته بنظيره الكامروني، أول أمس السبت على ملعب محمد الخامس، دون جمهور.. مباراة بالويكلو، بأبواب مغلقة.
ما الحكمة، وما المنطق في أن يحرم فريقنا الوطني من دفء جمهوره التواق لمساندته ولتشجيع لاعبيه؟ أليس هو مطلب الجامعة والمنظمين والمدرب واللاعبين أن يعود الجمهور لملء مدرجات ملاعبنا من أجل ضخ تلك الشحنة التي تدفع لاعبينا إلى تقديم أفضل ما لديهم؟ ألم يناشد فوزي لقجع، في كثير من تصريحاته الإعلامية، الجمهور المغربي لحضور مباريات منتخباتنا الوطنية، خاصة منتخب المحليين الذي هو، بكل تأكيد، في حاجة ماسة لكل ظروف التشجيع، وهو المقبل على خوض مباريات بطولة أمم أفريقيا للمحليين بعد أيام قليلة هنا في بلدنا؟
سيقول قائل إن اختيار اللعب دون جمهور تطلبته الحاجة إلى تفادي شعور اللاعبين بالضغط، وهو قول مردود بكل تأكيد على أصحابه، إذ أن اللاعب وكما يحتاج إلى التمرن على الرفع من طاقته البدنية، وتحسين مهاراته، واستيعاب النهج التكتيكي للمدرب، يحتاج أيضا إلى التعايش مع كل ما يحيط بالمباريات، من حضور جماهيري كبير، من هتافات وشعارات وتصفيق وانتقادات. وسيقول قائل آخر إنها الرغبة في عدم الكشف عن التكتيك وعن منهج اللعب والخطة وكل ما يرتبط بالنظرة أو بالرؤية التقنية لمدرب فريقنا الوطني. هو قول مردود أيضا على صاحبه، فالمنافسون لن يحتاجوا قطعا لمشاهدة مباراتنا مع الكامرون للتعرف على خصوصياته وعلى خطوطه، فعالم الإنترنيت والخزانات الرقمية تعمم كل ما هو خاص أو سري.
الويكلو يعني إقامة مباراة رياضية دون حضور الجمهور، والقرار ينبني عادة على خلفية إجرائية تستمد من سجلات القوانين المنظمة للعبة، كحرمان الأنصار مثلا من متابعة مباريات فريقهم المحبوب عقوبة لهم على سلوك غير عادي صدر منهم في مباراة سابقة، أو في حالة وجود غضب شديد لدى الجمهور يمكن أن يؤثر في السير العادي والسليم للمباراة ويمكن أن يهدد سلامة المتدخلين في نفس المباراة، من لاعبين وأطر تقنية وإدارية، الأمر الذي لا علاقة له البتة بمحيط مباراة فريقنا الوطني للمحليين مع نظيره الكامروني. فلماذا الويكلو إذن؟
في كل البلدان التي تحترم جمهورها الرياضي، وفي أي مناسبة يكون فيها منتخب البلد منخرطا في مباراة إعدادية أو رسمية، يستحيل أن يمنع الجمهور من حقه في متابعة فريقه الوطني ومساندته. في مصر مثلا ونموذجا، ومنذ قيام الثورة في نسختيها الأولى والثانية، أغلقت الملاعب أبوابها في وجه الجمهور، وخاضت الأندية المصرية منافسات البطولة والكأس في غياب الجمهور لدواعي أمنية وتحت تعليمات وزارة الداخلية والأمن، إلا أن الأمر يتغير في كل مباراة يلعبها المنتخب المصري، حيث يسمح للجمهور بحضور المباريات، بل ويشجع على ملء المدرجات، ونفس الحال بالنسبة للمباريات القارية أو الدولية وكذا العربية التي تشارك فيها إحدى الأندية المصرية، وهنا الحكمة في استقدام وتشجيع الحضور الجماهيري الذي يشكل وجوده في الملعب تلك الإضافة التي ترجح الكفة لهذا الفريق على منافسه.
كيف تمنعون الجمهور من متابعة فريقه الوطني في مباراة عادية ونتيجتها غير مؤثرة ولن تخلف، بكل تأكيد، أي شكل من أشكال ردود الفعل التي نعرفها؟ نتمنى أن لا يزيد قراركم، يا من قررتم إجراء المباراة بالويكلو، في الرفع من درجة نفور الجمهور من التوجه لملاعب الكرة، وهو أصلا ( النفور) الذي يتطلب منا جميعا جهدا كبيرا وكبيرا جدا للحد من انتشاره والعمل على أن يستعيد جمهورنا ثقته ليس في ملاعبنا فقط بل وفي كرتنا بالدرجة الأولى.