توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سحر "البينسات"..

  مصر اليوم -

سحر البينسات

بقلم يونس الخراشي

"البينسات"، وهي عبارة عن تذكارات صغيرة جدا، بسلك لاصق، تعلق على الأقمصة أو في القبعات أو يحتفظ بها، حضور مثير للغاية في كل المنافسات الرياضية العالمية الكبرى، لا سيما منها الألعاب الأولمبية، إذ تشكل في حد ذاتها حدثا ضمن الحدث، وتصير أعز طلب من لدن كثيرين، بل إن هناك من يقم لها سوقا خاصا بها، حيث تابع بعضها بأثمان باهظة.

في دورة ريو، التي كنا ننتقل ضمنها من مكان إلى مكان كي نغطي الحدث، وبخاصة منه كل ما يتصل بالرياضيين المغاربة، فاجأنا الطلب المتجدد لأغلب من التقيناهم لـ"بينس" يمثل المغرب، حتى إن بعض من كانوا لا يبتسمون لنا في الأيام الأولى، سرعان ما تواضعوا، وجاؤوا يطلبون منا "بينسات"، بكل تودد، والابتسامة تعلو وجوههم.

وحين طلبت من رئيس البعثة، وقد زارنا مساء أحد الأيام في فندق "أوبتيون"، أن يوفر لنا "بينسات" إن أمكنه ذلك طبعا، بدا الأمر غير ذي بال في حينه، غير أن الزملاء ما فتئوا يلاحظون، وقد توفرت "البينسات" لاحقا، وإن بعدد قليل جدا، 11 لكل فرد منا، إلى أي حد هي ذات أهمية كبيرة، خاصة أنها جعلتنا نستجيب لطلبات كثيرين، وفتحت لنا أبوابًا مغلقة، وهيأت لنا فرصًا طيبة للحوار، والنقاش، وجعلتنا نستحق الشكر أيضا.

ففي مرة كنا نعود من رحلة بعيدة إلى المركز الإعلامي، ونرغب في الذهاب بأقصى سرعة إلى الفندق، حتى نستريح بعض الشيء، ثم نواصل العمل، غير أننا وجدنا أنفسنا ننتظر مجددا حافلات "الباك وان" العجيبة، والتي تتأخر أكثر من اللازم. ولم يكن من الزميل نور الدين بلحسين، المصور الساخر، سوى أن يهدي "بينسا" للمشرف على الحافلات، والذي ظل يناديه "دوستي"، لنرى عجبا يحدث أمامنا.

هل تعرفون ما الذي فعله "دوستي هذا"؟

لقد طلب منا، ببرتغالية لم نفهم منها سوى إشارات يديه، أن ننتظر قليلا. وانطلق مسرعا نحو حافلة كانت تصل لتوها، وتبرز منها إشارات ضوئية في الجانب الأيمن، وأخرى في أعلى زجاجتها الأمامية، تدل على أنها ليست تعنينا، ليطلب من سائقها تغييرا فوريا على خط "الباك وان"، وأن يعجل بالاقتراب من محطتنا، لنركب، وننطلق فورا، فيما كان الرجل ما يزال يتلمس "البينس" المغربي، فرحا به مثل طفل أهديت له للتو لعبة عجيبة، وكنا نحن نقول لبلحسين:"أنت متهم بإرشاء"، ونضحك.

في الأيام التالية صارت "البينسات" التي نملكها عملة نادرة وغالية الثمن، لأن الزملاء شاهدوا بأعينهم قدراتها السحرية في تغيير تعامل الناس، وكيف تفتح الأبواب المغلقة، وكذلك الأفواه التي لا تبتسم عادة، وهو ما صار يقينيا حين كانوا يهدونها إلى من يطلبها، فيلاحظون أن الأسارير تتغير فورا، وتنطلق الوجوه، فتصدر الابتسامات، ويصبح الحديث لبقا، وأكثر مرونة، حتى مع من يفترض فيهم أن يبقوا وراء المكاتب، ولا يتزحزحون منها؛ ولكن دائما في حدود المقبول، ودون أي تسلط أو خروج على القانون.

في صباح اليوم الذي كنا نستعد فيه لتغيير الفندق نحو "بلا سريو" بكوباكابانا، تحدث معي المسؤول عن المطبخ لأول مرة، إذ أشار لي بأنه يرغب في "بينس"، وقلت له انتظرني للحظات، سأعود إليك بعد حين، مما جعله يسر. أما حين عدت إليه بالمطلوب، فقد طار من الفرح، ولم يعد يعرف بأي شكل يشكرني، في وقت تقدمت فيه خادمات المطعم كلهن نحوي، وقد كن تعودن على وجودي في ساعة مبكرة جدا كل يوم، ليطلبن بدورهن "بينسات"، وهو ما استجبت له، وبعض الزملاء، ليعم الفرح في المكان، خاصة ساعة الرحيل.

أما وقد كنا بصدد مغادرة مطار ريو دي جانيرو، في اليوم الأخير لوجودنا هناك، نحو مطار ساو باولو، ومنه إلى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، فقد فوجئت بمسؤولة عن التدقيق في الجوازات تسرع بطبع جواز سفري، ثم تمدني به وهي تطلب مني، والابتسامة تعلو وجهها، "بينسا". أما حين أهديت لها تذكارا مغربيا، فقد قالت لي:"أرجو ألا يكون في الأمر أي إزعاج لك"؛ أي أنني لا أرى في ذلك استغلالا للموقف، فقلت لها على الفور:"بل هو للتذكري أن المغاربة أهل كرم فقط"، فانطلقت إلى وجهتي، وكلمة "أوبريغادو" تلاحقني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سحر البينسات سحر البينسات



GMT 04:24 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

"الفار المكار"..

GMT 16:13 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

يوميات روسيا 23

GMT 13:53 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

"الحبة والبارود"..

GMT 14:47 2018 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

ثمانون مليارا لموسم واحد..

GMT 13:04 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

يوميات روسيا13

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon