بقلم: محمد فؤاد
يتجدد اللقاء وتعود السفينة المغربية للرسو على ميناء العالمية، وهذه المرة بشراع ودادي سيبحر بالأحلام الحمراء على ضفاف الخليج العربي، في ثان سفر خارجي بعد الأول للمركب الرجاوي قبل 17 سنة بالشواطئ البرازيلية النائمة على وسادة المحيط الأطلسي.
رابع مشاركة مغربية في كأس العالم للأندية والثانية بعيدا عن التراب الوطني، ستحمل وداد الأمة لأول مرة إلى برج العالمية، هناك حيث أبطال القارات الست يجتمعون سنويا للتباري على لقب إمبراطور الكرة الدولية، في حدث كوني بقيمة محترمة ووازنة، رغم أنه لا يوازي ثقل بطولات كأس العالم للمنتخبات واليورو وكوبا أميركا.
المغاربة سيحضرون الموندياليتو لثاني مرة بقبعة بطل إفريقيا، والوداد سيحمل على عاتقه أربع مسؤوليات في عرس أبوظبي، تشريف وطنه وناديه فقارته ثم قوميته، مما يجعل الفرسان الحمر فوق مائدة طبق المتعة المحشو بالضغط والمسؤولية.
وحتى لا نزيدهم ضغطا وتوثرا فأبطال إفريقيا غير مطالبين بشيء غير تشريف المغرب والبصم على حضور مقنع، فمن الجنون أن نطالب رفاق بنشرقي بالمنافسة على اللقب أو بلوغ المباراة النهائية، ولا يمكن أن نضغط عليهم بإنجاز الرجاء عام 2013 والذي تم في سياق غير مشابه وفي ظروف وسيناريوهات مثالية للنسور، إلا أن نشوة ولذة اللعب مع الكبار تكفي الوداديين للعب الكل للكل دون مركب نقص أو حسابات مسبقة.
من حسنات مشاركة الوداد وامتيازاته في النسخة 14 لكأس العالم للأندية أنها ستُقام في بلد عربي صديق يضم جالية مغربية مهمة، وخدمته القرعة كثيرا حينما جنبته الوقوع أمام ريال مدريد في نصف النهاية، هذا إن تجاوز طبعا خصمه الأول باتشوكا المكسيكي الذي يبقى خبيرا بالمسابقة التي لعب ثلاث نسخ منها سابقا، لكنه فريق متوسط وغير مخيف، ويكفي متابعة نتائجه في البطولة المكسيكية التي إحتل فيها المرتبة 12.
وأنا على يقين تام بأن وداد الأمة لو لعب بالطريقة الإيطالية المعهودة على مدربه الدفاعي الحسين عموتا، ولو أغلق المنافذ وانضبط تكتيكيا كما إعتاد في المواعيد الكبرى، ولو تحلى بالفعالية الهجومية القصوى سيعبر دون شك العقبة المكسيكية العادية، مع وجوب رفع منسوب اللياقة الذهنية وشحن البطاريات والتخلي عن العقلية الهاوية في المحطة الموالية، حيث سيلاقي في المربع الذهبي بطل أمريكا اللاتينية غريميو البرازيلي ثالث البطولة المحلية والمُكتشف بدوره لأول مرة غمار الموندياليتو.
على الوداديين فريقا وجمهورا أن لا يضعوا سيناريوهات أولية وأن لا يكثروا من التفاؤل أو التشاؤم، عليهم أن لا يفرطوا مبكرا في حلم ملاقاة ريال مدريد في النهائي، لأن ذلك سيضعهم أمام فوهة الإقصاء والإحباط المبكر، وسيضيع عليهم أحلى فرصة لدخول التاريخ العالمي من البوابة الرسمية.
كل ما يتوجب على القلعة الحمراء من حارسها إلى حاكمها أن تفتح الأبواب للمجد والمتعة، أن تدق طبول الأفراح والاستمتاع بالحضور والتباري مع أبطال العالم، أن تمتعنا وتدهشنا كمغاربة بالمردود والقتالية وتلقين الدروس للخصوم.
يا رجال، حان وقتكم ولا شيء عليكم، العبوا واستمتعوا ولا تتهاونوا، أكدوا للعالم أجمع أنكم أبطال المغرب وأفريقيا عن جدارة واستحقاق، وقدّموا لزين الدين زيدان الذي قال أنه لا يعرفكم بطاقة هويتكم، لعله يتوجس ويضعكم في الحسبان، قبل أن يلاقيكم إن شاء القدر وشئتم.