توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زوجة رجل مهم" بدون مقر أو عنوان !

  مصر اليوم -

زوجة رجل مهم بدون مقر أو عنوان

بقلم : عزيز البودالي

 جاء اليوم الذي تتذكر فيه " أمي فاطمة خير" أرملة الهرم الرياضي العربي الزاولي، أنها لا تملك في هذه الدنيا بيتا أو عنوانًا.. جاء اليوم الذي ربما ستلتفت فيه مناجية محدثة زوجها: "ارتح يا العربي..على الأقل لك مقر وعنوان، لك قبر يأويك.. !

لم تعد لها حتى القدرة على الصراخ..ولا على الاحتجاج، بل وتكاد لا تقوى على النطق للتعبير عن خيبة أملها، عن حسرتها.. لا تستطيع العثور على كلمة لتوجيه العتاب..ليس لوطن خذلها، فقد تذكرت أنها عندما احتاجت لوطن يحميها، يدفئها، لم تجده.. بحثت عن كلمات عتاب لترسلها لزوجها هناك في السماوات العليا تذكره بأيام انصهر في العمل الرياضي، في تكوين اللاعبين، في تربية الصغار على حب الرياضة وحب الوطن، ناسيا متجاهلا أن لديه أسرة وأطفال، يحتاجون لبيت قار، لمورد عيش كريم.. لم يهتم حينها بتنبيهاتها فحسب، بل جرها لمشاركته هم العمل في الملعب، نزع عنها ثوب الزوجة ربة البيت، ليضعها في قائمة المستخدمين، طباخة للأطفال وللصغار والكبار من اللاعبين، ومن ربة بيت إلى ربة ملعب ترعاه وترعى من يلجه كأنها ترعى أطفالها.

تذكرت أنها شاركته أيضا في نقل "عدوى" حب الرياضة لأبنائها، ساهمت معه في الدفع بهم إلى خدمة " الطاس" والحي المحمدي، غير مبالين بدورهم بالبحث عن التحصيل الدراسي أو البحث عن وظيفة، ليجدوا أنفسهم وقد اعتقلتهم متاعب الحياة بدون مورد مالي قار، بدون بيت أو عنوان، وبدون اعتراف أو شكر!

عندما كان الراحل العربي الزاولي يفرح لاكتشاف لاعب موهوب، كانت تفرح معه.. عندما كان يحزن لهزيمة أو لتواضع فريق الطاس، كانت تحزن معه. شاركته السعادة حين كان يسعد بتألق لاعبي الطاس وهم بألوان القميص الوطني، وحملت معه هم " التخمام" والقلق والسهر في انتظار أخبار هذا اللاعب أو غيره اختفى للإصابة أو للمرض.. تحملت بؤس المكان والزمان، بيت مهترئ، بنيانه متساقط، ثقوب جدرانه قنوات لتصريف مياه المطر، وفتحات لأشعة شموس حارقة.

لم تشتك، صمتت إلى أن فقدت القدرة على الصراخ.. لكنها نطقت أخيرا وهي تكتشف أنها تحتاج لوطن غير الوطن الذي خذلها وأسقطها من برجها ،وهي التي ألفت أن تعتليه بوصفها " زوجة رجل مهم"!

انتظرت إلى أن أصبحت في عقد الثمانين لتكتشف أنهم يريدونها بلا وطن يحميها، بلا عنوان وبلا مقر ولا بيت يأويها..بجرة قلم في مكتب دافئ، حكموا عليها بالتشرد.. نزعوا عنها هويتها..تنكروا لها ما قدمته وما أعطته من شبابها ومن أحلى سنوات الزوجية في سبيل فريق حي المقاومة وأبناء المقاومة.

غدا، ستغادر هذا البيت بعد ستين سنة من حياة وسط ملعب للكرة.. ستفتقد عنوان شريط من الصور عاشتها هنا في " الحفرة"..ستفارق مكانا رعت فيه مئات، بل آلاف الأطفال منحتهم بطاقة الانتماء لوطن تذكرت أنها ليست منه، أو أنهم هناك من مكاتبهم الدافئة، جعلوها تظن أنه ليس لها وهي لا تنتمي إليه.

هن بالمئات إن لم نقل بالآلاف مثل " مي فاطمة خير" لا يتذكرهن أحد..أمهات وزوجات نجومنا الرياضيين، يقمن بأهم دور في حياة الرياضيين.. يسهرن ويشرفن على إعداد كل الظروف للرياضي، يعشن معه القلق كثيرا، ويقاسمنه الفرح لماما.. يهملن ذواتهن، يغسلن الملابس، يعددن الأكل، يوفرن كل شروط الحياة.. ويقفن خلف الستار يتفرجن.. المحظوظات منهن من تمنح الرياضة لذويهن أفضل مقابل، وكثير منهن يعشن البؤس ويعانين القهر والتجاهل.. !

مي فاطمة خير أنت واحدة منهن، منحت كل الخير لهذا الوطن، ومستحيل يخذلك وطنك.. صنعت لأبناء الحي المحمدي وكاريان سانطرال بيتا للمقاومة.. وأكيد كل أبناء الحي بيتك ووطنك..

مي فاطمة خير، با العربي الزاولي يذكره التاريخ كهرم في الرياضة الوطنية، والمنطق يقول أنك هرم على نفس " هرمية" زوجك..

مي فاطمة خير، تقارب سن الثمانين، ربما هي تلتفت ،اليوم، لزوجها تغبطه، تحسده، على الأقل له مقر وعنوان، له قبر يأويه..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زوجة رجل مهم بدون مقر أو عنوان زوجة رجل مهم بدون مقر أو عنوان



GMT 01:50 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

عموتة يغادر والناصري يتحمل

GMT 01:42 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

نقطة نظام

GMT 23:00 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

لغز البدري بين الإنجازات والجماهير

GMT 04:28 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

هادي فهمي ودمار كرة اليد المصرية

GMT 16:04 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فرحة المونديال

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 13:42 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أغنى قطة في العالم تمتلك ثروة تفوق ضعف ثروة توم هولاند

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 16:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بنزيما يرشح كاسيميرو وعوار وفقير للانضمام لـ اتحاد جدة

GMT 23:51 2019 الأربعاء ,22 أيار / مايو

شركة آسوس تطلق هاتفها الذكي Zenfone 6 الجديد

GMT 12:48 2019 الإثنين ,20 أيار / مايو

نقل سولاف فواخرجي للمستشفى بعد حادث أليم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon