بقلم حسن المستكاوي
** المنشطات فى الرياضة غش وسرقة لعرق وجهد المنافسين. ومهما كانت حدود القدرة البشرية، فإن هذا العمل الإجرامى يمثل تحديا غير إنسانى لقدرة الإنسان. والعالم الآن يعيش فضيحة المنشطات الروسية، التى أكدها تقرير للمحامى الكندى ريتشارد ماكلارينو اعترف بها علماء وخبراء روس.
** لقد كانت الرياضة ومازالت طرفا فى حرب الحضارة والكبرياء والتفوق بين الأمم ومهما علت صيحة الإطاحة بالسياسة خارج الملاعب، فإنه منذ الحرب الباردة بين الشرق والغرب فى الخمسينيات ظلت السياسة تزاحم الرياضة. وأبعد من ذلك فيما قبل الحرب العالمية الثانية استخدم النازى هتلر الرياضة من أجل الدعاية لأفكاره ولفكرة تفوق الجنس الآرى. والمنشطات سلاح أساسى من وسائل تلك الحرب الخفية تتدخل فيه أجهزة دول ومخابراتها، كما حدث فى ألمانيا الشرقية فى الخمسينيات من القرن الماضى بتدخل الإشتازى، أو الشرطة السرية الألمانية، وكما حدث أخيرا وفقا لتقرير المحامى الذى أكد فيه تورط المخابرات الروسية بفضيحة تنشط ممنهج لرياضييها.
** فى حقبة التسعينيات من القرن العشرين وتحديدا فى بطولة العالم عام 1993 حطم عدد من العداءات الصينيات بإشراف المدرب ما جون رين الأرقام القياسية فى المسافات المتوسطة والطويلة بصورة مبالغ فيها فتوجهت إليه أصابع الاتهام باللجوء إلى استخدام المنشطات.. ولكن المدرب الذى اشتهر فريقه باسم «جيش ما» أعلن أنه يعتمد فى تدريب العداءات على إعداد خليط من الأعشاب ودماء السلاحف والفرشات المتحولة إلى ديدان.. ولم يقتنع العالم بهذا التفسير، واستبعدت الصين نفسها العداءات من المشاركة فى دورة سيدنى الأوليمبية فى سياق حملتها لدورة بكين 2008، ولكن ظل شبح المنشطات يطارد الرياضيين الصينيين خاصة أنه ثبت فيما بعد أن للصين مدرستها فى تعاطى المنشطات على مستوى ألعاب السباحة أيضا.
** المنشطات وفقا للروح الأوليمبية عمل إجرامى وغير أخلاقى، يندرج تحت بند الغش، ويخوض العالم حربا شرسة ضد التعاطى، إلا أن كل حرب تصنع حربا مضادة. فكلما تقدم مستوى العلم فى استخدام منشطات غير معروفة ويصعب اكتشافها، تدور عجلات البحث فى المعامل، لاكتشاف مواد تسهل من الكشف على الجديد فى المنشطات.. والحرب شأن كل حرب تصنع تقدما حضاريا وعمليا يفيد البشرية فى مجالات أخرى.
** روسيا قررت معاقبة المتورطين فى فضيحة المنشطات، والغرب بقيادة الولايات المتحدة وكندا وألمانيا يشن حملة لحرمان البعثة الروسية من المشاركة فى الألعاب الأوليمبية. والبرازيل من جهتها تطالب بمشاركة الجميع، بينما حذر بوتين من لعبة السياسة فى الألعاب، وهدد بمقاطعة شرقية لها فى تكرار لمرات سابقة حين قاطع الغرب ألعاب موسكو 1980، بسبب غزو أفغانستان، وحين قاطعت إفريقيا ألعاب مونتريال 1976 بسبب سياسة جنوب إفريقيا العنصرية.. ولو وقعت المقاطعة ستتأثر ألعاب ريو دى جانيرو بشدة وستفقد الألعاب روحها العالمية.