بقلم – احمد عوض
آفة من آفات المجتمع المصري عدم التخطيط للمستقبل واستعجال النتائج الإيجابية حتى وأن كانت خادعة.
بدأ الموضوع معي منذ ستة أعوام بعد نهائي أمم أفريقيا 2010 أمام غانا، عندما فاز المنتخب المصري 1/ 0 ، وقتها شعرت بإحباط شديد وأخبرت من شاهد المباراة معي بذلك فاتهمنا بالتشاؤم والجهل.
وأبدًا لم اكن متشائم ... فقط اعتدت أن احسب للمستقبل .. وعندما حاولت أن احسب مستقبل المنتخب بالورقة والقلم بعيد عن التكهنات أو الغيبيات شعرت بكارثة قادمة لا محاله. والمعطيات لدي كانت تقول إن منتخب غانا في هذه المباراة تسيد الأحداث ..تناقل الكرة بشكل أفضل ..نسبة الاستحواذ كانت أفضل .. معدل اللياقة البدنية أعلى .. كل الأمور كانت تصب في مصلحة المنتخب الغاني.. ماعدا عامل واحد فقط وهو الخبرة .. الخبرة التي حسمت اللقاء.
كل هذا لا يقلق في حد ذاته لأنه من الوارد أن يتبادل فريقين تسيد المباراة خلال لقاءات مختلفة حسب جاهزية اللاعبين .. لكن ما اقلقني وقتها أن إعمار المنتخب الغاني كانت تتراوح ما بين الـ 20 والـ 22 عامًا .. بينما تخطى منتخب مصر بكامل لاعبيه تقريبًا حاجز الثلاثين عامًا .. هذا يعني أنه في خلال عامين أو ثلاثة سيكون منتخب غانا أكثر خبرة .. وأكثر فاعلية ..بينما منتخبنا .. لن يكون للأسف.
ولن يكون هنا ليست مبالغة، تخطى جميع اللاعبين السن الذي يسمح لهم بالعطاء .. وعندما بحثت عن اللاعبين الشباب لم أجد لاعب واحد يمكن أن يكمل المسيرة ..لذلك انتظرت كارثة إذا ما تقابل المنتخبان بعد عامين مره أخرى ..فمنتخب غانا سيصبح أكثر شراسة ومنتخبنا أكثر وهنَ. مخطئ من يظن أن توقف النشاط الكروي فقط هو السبب فحتى لو كان الدوري في أفضل حالاته لانهزم المنتخب المصري
ما الدافع لكتابة مقال كهذا مضى عليه زمن ؟؟
الحقيقة هي حالة لم تنته بعد فمازلنا نفكر بهذا المنطق العقيم رغم تبدل الظروف، وفما كان في الماضي يحدث اليوم ولكن عكس ما كان .. فقد أصبح لدينا منتخب واعد مبشر بمستقبل قوي جدا .. لدينا منتخب معدل إعمار لاعبيه ثلاث وعشرون عامًا .. لدينا لأول مره لاعبين محترفين في أفضل أندية العالم .. لدينا مدرب كبير .. ولدينا جيل أصغر يستطيع أن يكمل الحلقات المفقودة أن وجدت.
لكن ... لدينا نفس العقليات التي تبني الوهم الكاذب وتحطم الواقع الجميل، كثيرًا ما أجد هجوم على المنتخب .. فإذا فاز يقولون كان يلاعب فريق ضعيف، وهل يعقل أن نهاجم المنتخب بعد الفوز على نيجيريا وندعي أن نيجيريا فريق ضعيف ؟ّ!!!!!
وتكرر الأمر الأربعاء والثلاثاء، عند لقائي الأهلي والزمالك .. فلأول مره لدينا مديرين فنيين عالميين بشهادة أكبر أندية العالم ..حتى نحن عندما كنا نشاهدهم من بعيد نقول أين نحن منهم ..والان نهاجمهم .. بل أن الأغرب من هذا أن تجد شخص لا يعلم شىء عن كرة القدم يقول لك أن هذا المدرب لا يعلم شيء عن التدريب .. ولا تدري وقتها ما هو الرد الأنسب على هذا البغبغان.
لقد تابعت طريقة ماكليش الدفاعية خارج أرضه التي نفذها بعبقرية ..حتى أشد ما هاجمه الجمهور عليه أن لعب بكهربا في مركز رأس الحربة ويلومونه لأن كهربا قد أضاع فرصتين .. أي عقل هذا .. المدير الفني غير مسؤول عن عدم توفيق لاعب ..لكنه مسؤول عن توصيل اللاعب للمرمى وفعل مره واثنتان أثناء اللقاء . حتى كهربا الذي يسجل من أنصاف الفرص نجد من يتهمه بأنه لاعب فاشل لمجرد أنه لم يكن موفق في هذه المباراة رغم أنه أفضل المهاجمين المصريين في الوقت الجاري والجميع يعلم ذلك وعلى رأسهم من يهاجمه ... لاعب سريع يجيد الالتحام واللعب بالرأس والقدمين ويجيد داخل وخارج منطقة الجزاء .. لماذا لا أجربه كرأس حربه وحيد في مباراة كهذه .. والله أني لأكاد اجزم أن هذا أفضل ما فعله ماكليش في هذه المباراة .. ومن يتابع بدقه أكبر كيف أوقف كهربا تقدم المساكين بسبب خوفهم من سرعته سيفهم ذلك بشكل أكبر ..ولو وفق كهربا في الفرصتين لاختلف الحكم تمامًا فنحن جمهور تعودنا أن نحكم بالقطعة.
أما مارتن يول فتجد الهجوم عليه على استحياء بسبب اسمه الكبير .. لكن الذي يهاجم لم ينظر لتميز يول في تطبيق بعض الجمل مثل اللاعب السنيد الذي يستطيع أن يعمل كمحطة لنقل زميله الذي يمتلك الكرة .. قام اللاعبون بتنفيذ هذه الجملة كثيرًا بشكل جميل لكن اللاعبين بشكل عام لم يكونوا موفقين بالأمس ولم يكونوا في فورمة المباراة.. لكن الجمل التكتيكية تظهر حتى وأن انهزم الفريق ..هنا يقوم الجمهور الواعي بحساب ما تغير في أداء الفريق قبل وبعد تولي المدير الفني .. حتى وأن انهزم الفريق كما قولت لا تسأل هل انهزم أم فاز ولكن اسال هل تغير الأداء أم لا ..وإن تغير فهل معدل التغير هذا يسمح له في المستقبل القريب أن يكون فريق قوي أم لا ... هذا فقط ما اتمناه من الجمهور .. أن يفكر من منظور أوسع وأعمق عندما يشاهد فريقه يلعب .. لعل المستقبل الكروي يكون رائع أن تركناهم يعملون الآن . وإنى لأراه كذلك بإذن الله.
فقط اتركوهم يعملون