توقيت القاهرة المحلي 20:57:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهوية والجذور

  مصر اليوم -

الهوية والجذور

محمد أديب السلاوي

اللغة، أي لغة، سواء كانت حية أم ميتة، علمية كانت أم عاطفية "لهجوية"، تبقى من أخص خصائص الأمم والشعوب، غداء لعقلها وروحها ولعاطفتها، وإحدى مقوماتها الأساسية المرتبطة بأنسيتها، وهويتها وحضارتها وفكرها.

اللغة إذن هي الهوية، هي جذور الماضي والمستقبل، كل إهمال لها ينعكس سلبًا على الأمة، ومتى أصبحت هذه اللغة مستلبة، تخلفت الأمة في بنائها الحضاري والفكري والعسكري والسياسي، ذلك لأنها هي المؤشر، الميزان، والقاعدة والاستثناء في هذا البناء.

وقد لا نتصور أبدًا، أن تكون أمة متحضرة اقتصاديًا وعلميًا وثقافيًا، حاضرة وكاسحة وفاعلة، ولغتها مستلبة أو ميتة أو متراجعة.

لغتنا العربية، وهي بالنسبة للعالم الحديث، لغة متراجعة، لأنها لا تخرج عن نطاق المدرسة الأولية / الابتدائية، ولا تتفاعل مع الشارع العربي العام، ولا مع التعليم العالي والدراسات العلمية، ولا مع الاختراعات ولا مع المطامح التنموية والتكنولوجية للإنسان العربي.

لغتنا العربية، بالنسبة للعالم الحديث، لغة متراجعة، ليس فقط لأنها لغة أمة مستلبة في مناهجها التربوية، وفي اقتصادها وصناعتها وعلومها وحضورها الدولي، ولكن أيضًا لأنها لغة أمة تخلفت في كثير من جوانب حياتها إلى درجة الفوضى، والجنون، ومازال الفسق والفساد يتحكم في قراراتها الإدارية والسياسية.

إن لغتنا الجميلة بكل مقاييس الجمال، تعاني في عصر العلم والتكنولوجيا، وفي عصر النفوذ العسكري والمالي، من سلسلة من السلبيات في علاقتها بالإنسان العربي، وفي تفاوت التطور التركيبي بين الإنسان العربي ولغته، إضافة إلى سلسلة أزمات هذه اللغة في المصطلح العلمي، والترجمة والتعريب والنحو والأدوات القاموسية، والتعابير اليومية إلى آخر اللائحة الطويلة.

وفي نظر علماء اللغة، وعلماء التاريخ، أن التبعية الحضارية، التي تعني التخلف الاقتصادي والعلمي، لا تزيد عن كونها فصيلة من التخلف اللغوي، فمتى أصبحت اللغة مستلبة، أو متخلفة، متراجعة في الشارع والمدرسة والإدارة وفي المؤسسات العسكرية والصناعية، وفي مخابر العلم ومراكز التقنية، أصبحت الأمة في تبعية مطلقة، لأمة أو أمم أخرى، وتلك هي بوضوح مشكلتنا مع اللغة / الهوية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهوية والجذور الهوية والجذور



GMT 15:32 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 15:22 2023 الأربعاء ,23 آب / أغسطس

سأغتال القصيد

GMT 11:37 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

البشر تصبح كالخرفان في مجتمعاتنا التي يحرّم فيها التفكر

GMT 12:46 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ضفضة_مؤقتة

GMT 12:57 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 16:19 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

فلسطين بين رمضان والفصح المجيد

GMT 12:09 2023 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

مجانية الالقاب على جسر المجاملة أهدر قدسية الكلمة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon