توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في مسألة حرية الفكر و الإبداع

  مصر اليوم -

في مسألة حرية الفكر و الإبداع

أحمد حبر

خلق الله عز و جل الإنسان و استخلفه في الأرض ليعمرها، و تلك هي المقاصد العليا للخلق، فلا عجب أن يطلق الإنسان العنان لعقله المخلوق، حتى يستخدمه أحسن استخدام في أكمل الصو، و من هنا، فمن العجيب أن يضع الله حدودًا للعقل الذي خلقه على صورة مقدرة، تتيح له إطارًا من التفكر و الإبحار في نواميس الكون، بغية الوصول إلى الحقيقة الكاملة، التي لا تدع بعدها مجال لشك أو لريب، و تكون الشرائع التي أنزل على عباده هدى لمن يريد التفكر، و قانونًا كافيًا وافيًا لمن يحجم عن تلك العبادة الأرقى بين العبادات.إن مسألة الإبداع و قيود العقيدة جدلية قديمة حديثة لا تنتهي، غالبًا ما يقع فيها طرفي العملية الإبداعية من أصحاب الأسلوب المحافظ في الحياة، سواء المبدع أو المتذوق للإبداع على حد سواء. و يقيني أنه لا تضاد أو علاقة عكسية بين إطلاق العنان للعقل البشري في التأمل و التعبير عن الخيال بأدوات حسية، كأن يكتب أو يرسم أو يصور، و بين إكتمال إيمانه و إستسلامه على المستوى العقائدي، إنما هي علاقة طردية تصب في مصلحة القلب و العقل معًا.بقلم أحمد جبر وهنا يأتي السؤال، لماذا إذن الجدل بشأن تلك المسألة، و لماذا يعتبر معظم الفقهاء و من يتبعهم من المتدينين أن التفكر في القضايا الكونية الكبري قد يصل بالمتفكر إلى الشك، أو حتى إلى الإلحاد، وأنه من الأفضل للمؤمن أن يسلم بما قاله الأولون من علماء الدين و الفقهاء، كي يتقي شر فتنة قد تصل به إلى الجحيم الأبدي، فضلاً عن أنه لن يفيده في الحياة الدنيا. إن هذا الخوف من الضلال إنما هو إنتقاص من خلق الله الذي أنعم به على عباده و ميزههم به عن سائر المخلوقات الأدنى مرتبة، إنه العقل البشري الذي مازال العلم يحتار في أمره حتى يومنا هذا. فقد أخبرنا الله عز و جل أن الإيمان محله القلب، و إنما العقل للتفكر و النظر في شؤون الدنيا و التساؤل عن مجرياتها، و إنما الإنسان ليسأل حتى يعلم، و يعلم حتى يوقن، و يوقن حتى يؤمن بقدرة الله الذي لا قدرة مع قدرتة، و لا حول إلا بإذنه. بسم الله الرحمن الرحيم وَمَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ والله بكل شيء عليم ((التغابن)) بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ((فاطر)) صدق الله العظيم. وللمسألة بعد فلسفي في رأيي، فعندما يستقر الإيمان في القلب حق استقراره كما مراد الله، فأنه سوف يشكل إطارًا أوسع و أشمل، يتعدى أطر العقل الإبداعية، إطارًا لا محسوس و لا مقيِد، يشعر المبدع أنه يتحرك بعقله داخله بمنتهى الحرية، فلا حدود يراها، ولا قيود يستشعرها، وهو في الحقيقة يتحرك داخل إطار بعيد، أوسع من إدراكه، فلا يشعر حينئذ بأنه يخضع لقيد كريه يكبل عقله و يحد تفكيره. أما أن يضع المبدع بإدراكه إطارًا عقليًا لإبداعه بحجة العقيدة، يتحسس جدرانه، ويتقي صوانه، فهذا ما سيشعره حتمًا بالتضييق و المحدودية الكريهة لنفسه و عقلة، و يصبح كالصانع الذي يصب الماء في قالب من قماش، فلا هو شكل الماء على ما يجيد، ولا هو التزم بالقالب الذي يريد، مما سيضطره وقتـًا ما إلى أحد أمرين، فإما أن يتمرد على القيد العقائدي بحجة حرية الإبداع و التفكير و ينتصر لعقله، وإما سيهجر الإبداع و التفكر بحجة إلتزامه بحدود الفكر التي ألزمته بها عقيدته كما يتصور. وأخيرًا، فإن العقل المبدع يبدأ بالتساؤل و النقد، و ينتهي إلى أحد أمرين، فإما اليقين المكتمل الذي لا ريب فيه، و إما الرفض الكامل لكل ما لم يجد له برهانًا عقليًا يشفي صدره و يسكت عقله. اللهم إني أسألك اليقين بك

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مسألة حرية الفكر و الإبداع في مسألة حرية الفكر و الإبداع



GMT 15:32 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 15:22 2023 الأربعاء ,23 آب / أغسطس

سأغتال القصيد

GMT 11:37 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

البشر تصبح كالخرفان في مجتمعاتنا التي يحرّم فيها التفكر

GMT 12:46 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ضفضة_مؤقتة

GMT 12:57 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 16:19 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

فلسطين بين رمضان والفصح المجيد

GMT 12:09 2023 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

مجانية الالقاب على جسر المجاملة أهدر قدسية الكلمة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon