توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سُحِقت الإنسانيّة.. فمات الإنسان

  مصر اليوم -

سُحِقت الإنسانيّة فمات الإنسان

أمل انور

يُؤلمني أن أشعر كل يوم بأن الإنسانيّة قد سُحقت وماتت لدى غالبية البشر، ولم يعد يُميّزنا نحن كبشر شئ، ولن أتحدث عن مصر بلدي فقط، بل عن البشر كلهم في العالم، أصبحت الإنسانيّة شعارًا وميزة، تُستخدم مع من تتصالح معنا مصالحه، وبغير ذلك تصمت الإنسانيّة ثم تُسجن ثم تُعذَّب ثم تُقتل، فالحياة أفضل بكثير من دون إنسانيّة بالنسبة إلى هؤلاء .
ومن دون شعارات وكلمات مدوية، فمفهومي البسيط للإنسانيّة هي أن أُقدم كل ما أملك من خير من دون مقابل، من دون تميّز، وما يدفعني لذلك فقط الإنسانيّة التي تجمع بيني وبين الآخر في الظروف كافة، وحتي تكون الصورة واضحة من دون العبارات المحفوظة، والتي سبق ترديدها سأناقش مواقف بعينها انعدمت فيها الإنسانيّة، ونبدأ بموقعي محافظة سوهاج، محافظة بها أكثر من 5 مليون نسمة، هي ثان أفقر محافظة على مستوى الجمهوريّة، يوجد في الـ 5 مليون أكثر من نصف مليون مغترب، وأكثر من 3 مليون تحت خط الفقر، نرى هؤلاء في الشوارع، منهم من يفترش الأرض لبيع مستلزمات بسيطة، وآخرون يقفون في إشارات المرور، وأكثرهم يستوّلون، وتبقى النظرة إلى هؤلاء بكل عدم إنسانيّة ومن دون شفقة، وتبقى الكلمات "نصابين"، "بيتمسكنوا"، "تلاقي على قلبهم قد كده"، "ده تلاقي الواد ده مأجراه تشحت بيه"، وكأننا نسينا بأن هؤلاء بشر مثلنا، ومن دون قصد وضعتهم الظروف في هذا المكان، ون كانت الظروف تعلم بأنهم سيكونوا مع بشر مُنعدمي الإنسانيّة وأقسى عليهم منها، لكانت (الظروف) رفضت إعطاءهم منها ظرفًا كهذا!
يوميًّا.. في المكان ذاته، مشاجرات وخصومات ثأريّة، وتستقبل المستشفيات عشرات الجرحى والوفيات، وعن السبب نجد آلاف المُبرّرات، ولكن السبب واحد، وهو انعدام الإنسانيّة، أصبح كل شخص لا يُمانع في إصابة أو قتل الآخر، لا يتردد في أذية أخيه الإنسان الذي ولد من والده الواحد آدم، وهنا تناسي البشر الإنسانيّة، ولا أقبل أو أفهم أي سبب مهما كان، يُعطي الحق لآخر بقتل إنسان أعطيت له الحياة.
أما من الناحية السياسيّة، فلا استطيع أن أُبرّر لأي إنسان في السلطة أو مواطن  خارج السلطة، الاعتداء على إنسان آخر خارجها أيضًا أو داخلها ، فالإنسانيّة يجب أن تمنعني عن أذية الإنسان، حتى وإن كنت اختلف معه في كل شئ، ولكن علي أن أتذكر بأنه تجمعني به أكثر الأمور أهمية، وهي الإنسانيّة، وحتى أكون أكثر واقعيّة، أريد أن أفكر ما الشئ الذي يستحق أن يُقتل من أجله شخص آخر؟، أو يتسبّب في ذلك؟ هل السلطة .. المال..العرق..اللون..الجنس.. الدين..البلد..القبيلة..الشرف المجتمعي.. التعليم.. المستقبل.. الماضي.
في الحقيقة، عجزت لا أعلم أو عقلي الصغير لا يستوعب ما الذي يستحق أن يُقتل من أجله إنسان آخر، فلا أفهم أو أعرف شيئًا يجعلني أوافق أن يتخلى إنسان عن إنسانيته من أجله، فقد أصبح المشهد في مصر بمحافظاتها كافة وفي العالم العربيّ، غالبية دوله، وفي العالم أجمع، المشهد مليئ بالدماء، والقلوب مليئة بالألم، والأفواه مليئة بالصراخات، والسبب هو انعدام الإنسانيّة، وكل شخص أصبح يبحث عن تنفيذ رغبته ومعتقده وما يراه صحيحًا بالدماء، وبكل نقطة دماء تُسحق الإنسانيّة.
نعم.. فالجميع أسقط إنسانيتّه في جوانب الحياة كافة، حيث تم إسقاط الإنسانيّة
"اجتماعيًّا"  في كل شخص محتاج نراه ولا نساعده، و"سياسيًّا " في العنف من أجل السلطة وأغراضها، و"دينيًّا" في كُره واعتداء وقتل كل إنسان على غير ديني، و"أخلاقيًّا" في كل فتاة يتم التحرّش بها وتُغتصب جسديًّا وحقوقيًّا، نرى ذلك ونصمت ونشارك، أو طفل لا يستطيع الدفاع عن نفسه، ونقف نحن مكتوفي الأيدي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سُحِقت الإنسانيّة فمات الإنسان سُحِقت الإنسانيّة فمات الإنسان



GMT 15:32 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 15:22 2023 الأربعاء ,23 آب / أغسطس

سأغتال القصيد

GMT 11:37 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

البشر تصبح كالخرفان في مجتمعاتنا التي يحرّم فيها التفكر

GMT 12:46 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ضفضة_مؤقتة

GMT 12:57 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 16:19 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

فلسطين بين رمضان والفصح المجيد

GMT 12:09 2023 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

مجانية الالقاب على جسر المجاملة أهدر قدسية الكلمة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon