توقيت القاهرة المحلي 13:23:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإصلاح الاقتصادى ..والطبقة المتوسطة

  مصر اليوم -

الإصلاح الاقتصادى والطبقة المتوسطة

بقلم - الدكتورة يمن الحماقى

رغم أنه كان من المفترض أن يتم استكمال مقال «نحو خريطة طريق للعمل التطوعى فى مصر»، فإن مقتضيات الأمور من حيث إقرار الموازنة العامة 2018/2019 من مجلس النواب وما تم الإعلان عنه فى جلسات مناقشة الموازنة من قرارات للحكومة لزيادة موارد الدولة متضمنة تحرير أسعار الطاقة وقرارات تحقيق الحماية الاجتماعية ما يتطلب أهمية تحليل آثار هذه القرارات فى الطبقتين المتوسطة والفقيرة لأهميتهما  فى تحقيق التوازن والاستقرار الاجتماعى، وما لذلك من ضرورة حيوية فى هذه المرحلة المهمة التى تواجه فيها مصر تحديات خطيرة إقليمية ودولية ومحلية، ويتطلب الأمر الإجابة عن سؤالين مهمين:

التساؤل الأول: ما حتميات اللجوء إلى هذه القرارات؟ وهل كانت هناك بدائل أخرى للتخفيف من حدتها؟

التساؤل الثانى: هل إجراءات الحماية الاجتماعية التى تم اتخاذها من قبل الدولة كافية لمواجهة الآثار السلبية لهذه القرارات فى الطبقتين المتوسطة والفقيرة؟

وبالنسبة للتساؤل الأول:

 

فقد أعلنت الحكومة أن سياساتها تعتمد على تحرير أسعار الطاقة ما يعنى خفض الدعم، وأكد مسئولو صندوق النقد الدولى أهمية ذلك لتحقيق الكفاءة الاقتصادية فى استخدام الموارد باستخدام الأسعار الحقيقية للطاقة، ما يعنى أن تنفيذ مصر لالتزاماتها أمام الصندوق يتطلب تحرير الأسعار، ولكن هل هناك أى دراسات تمت حول آثار ذلك فى ارتفاع الأسعار؟، ليس فقط بالنسبة للسلع الاستهلاكية ومدى أهميتها لجميع طبقات المستهلكين من الطبقتين المتوسطة والفقيرة، ولكن أيضا والأكثر أهمية تكاليف الإنتاج وهى أساس لتنافسية الإنتاج التى تعول عليها مصر فى زيادة الصادرات، مع الأخذ فى الاعتبار أن تحرير الأسعار سيشمل جميع أنواع الوقود ومن ثم تكلفة النقل التى تلعب دورا مهما فى التأثير فى دخول المواطنين الحقيقيين وكذلك نقل السلع ما يسهم فى ارتفاع أسعارها.

 

وقد زامن توقع رفع أسعار الطاقة فى القريب العاجل رفع أسعار المياه والصرف الصحى وزيادة رسوم تراخيص السيارات والمحمول والجوازات، ما يعنى أنه بالنسبة للطبقة المتوسطة فإن تكلفة المعيشة سترتفع بنسبة مؤثرة، وإذا ما أضفنا إلى ذلك عدم كفاءة السوق المصرية والتى يترتب عليها فى معظم الأحيان أن الزيادات الحقيقية لارتفاع الأسعار فى السوق عادة ما تفوق الزيادة المقدرة من الحكومة، يأتى هذا فى توقيت صعب لم يحقق فيه الإنتاج تعافيا من آثار تحرير سعر صرف الجنيه المصرى، حيث مازالت قضية المشروعات المتعسرة لم تجد حلا حتى الآن وهى تمس الطبقتين المتوسطة والفقيرة بشكل مؤثر، كذلك لم تتم الجهود الكافية لتحويل القطاع غير الرسمى إلى القطاع الرسمى، يضاف إلى ذلك عدم استغلال الطاقات العاطلة فى شركات قطاع الأعمال العام والتى يمكن أن تكون مجالا مهما لإتاحة فرص عمل للطبقتين المتوسطة والفقيرة ورفع مهارات العاملين فى هذه الشركات، ما يمكن أن ينعكس فى زيادة دخولهم، فهل قامت الحكومة بدراسة آثار هذه التداعيات؟ وهل تم حساب آثار ذلك على المستوى الكلى حيث يمكن أن يترتب على ارتفاع الأسعار رفع الفائدة مرة أخرى للحفاظ على الودائع، ما ينعكس سلبا على فرص الاستثمار التى بدأت تتحسن بالاستفادة من المشروعات القومية الكبرى.

 

إن هذه الآثار المتوقعة تتطلب اهتماما كبيرا من الحكومة بمساعدة المجتمع المدنى لتحديدها بدقة بما يكفل اتخاذ الخطوات الجادة والفعالة لمواجهة آثارها.

 

وهنا يأتى التساؤل الثانى:

 

فبالنسبة لإجراءات الحماية الاجتماعية التى تم اتخاذها من قبل الحكومة لمواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار التى تتمثل فى رفع الأجور والمعاشات فإنها بالقطع - وفقا لتجارب سابقة- رغم أعبائها الكبيرة على الموازنة التى قدرت بـ 60 مليار جنيه، فإنها بالنسبة لكل مواطن من الطبقتين المتوسطة والفقيرة لن تستطيع مواجهة ارتفاع الأسعار، ومن ثم فإنها تسهم فى زيادة عجز الموازنة دون آثار إيجابية مهمة فى المواطن، هذا فضلا عن الآثار التضخمية لها التى تأتى من زيادة الأجور دون أن يقابلها بالقطع ارتفاع فى الإنتاجية.

 

وإذا أضفنا الجهود التى تتم من قبل الحكومة للحماية الاجتماعية فإن من أهمها بطاقة التموين التى تشهد تقدما كبيرا فى تنقية البطاقات لتذهب لمستحقيها، ولكن لا يمكن إغفال معاناة المواطنين من حذف بعض أفراد الأسرة دون مبرر وكذلك فقد البطاقات وصعوبة استعواضها وهو ما نراه فى كثير من البرامج التى تحاول مساعدة الطبقتين المتوسطة والفقيرة فى مواجهة عدم كفاءة بل الفساد فى إدارة هذه المنظومة المهمة.

 

وبالنسبة لتكافل وكرامة ورغم الجهود الجادة التى تتم لتفعيل دورها لمساندة الطبقات الفقيرة فإن الدراسات تشير إلى محدودية آثارها فى مواجهة الآثار القاسية للإصلاح الاقتصادى وبعد فإن العرض السابق إنما يوضح أن تكلفة الإصلاح الاقتصادى ستكون قاسية جدا على الطبقتين المتوسطة والفقيرة ما يحتم التركيز على أولويات المرحلة المقبلة .

 

هذه الأولويات فيما يلى:

 

(1) ضرورة استغلال الطاقات العاطلة فى مصر لصالح الطبقتين المتوسطة والفقيرة وتتمثل هذه الطاقات كما سبق أن ذكرنا فى:

 

- معالجة مشاكل المشروعات المتعسرة وفق خطة زمنية واضحة تتم متابعتها بدقة.

 

- وضع خطة لتحويل القطاع غير الرسمى إلى قطاع رسمى على أن يتم ذلك قطاعيا مثال ذلك الملابس الجاهزة، الجلود وغيرهما.

 

- تعظيم استغلال الطاقات العاطلة فى شركات قطاع الأعمال العام بأن تتضمن الخطة التى تتم حاليا استفادة العاملين فى القطاع بتطوير قدراتهم وكذلك إتاحة فرص لمستثمرين صغار للاستفادة من الطاقات العاطلة.

(2) التركيز على تعظيم استغلال الموارد البشرية وهو ما جاء فى خطاب الرئيس «السيسى» لحلف اليمين عن حق حيث لابد أن نعترف أن لدينا قصورا واضحا فى هذا المجال يتطلب ما يأتى:

- تصميم استراتيجية للتدريب والتشغيل تعمل على استغلال مراكز التدريب الكثيرة غير المستغلة فى مصر لتلبية الطلب فى سوق العمل، - تطبيق قانون الخدمة المدنية من حيث رفع مهارات الجهاز الحكومى، ومع احترامى للجهود التى تتم فى هذا المجال، فإنه دون توصيف وظيفى للعاملين وفقا لهيكل إدارى يحقق أهدافا محددة لن نتقدم خطوة فى هذا المجال.

- تشبيك وتكامل المجتمع المدنى مع الحكومة لتحقيق التنسيق بين جانبى العرض والطلب فى سوق العمل، - تنسيق الجهود الكبيرة التى تتم الآن فى مجال المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والاهتمام باستهداف شباب الطبقتين المتوسطة والفقيرة مع التركيز على المرأة.

(3) لا بد من تكثيف الجهود لإتاحة السلع الأساسية المهمة التى تمثل جزءا كبيرا من استهلاك الأسر المصرية المتوسطة والفقيرة بأسعار معقولة لكسر الاحتكارات ومواجهة ارتفاع التكاليف الناتجة من زيادة الوسطاء بين المنتج والمستهلك.

نقلاً جريدة الأهرام الاقتصادي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإصلاح الاقتصادى والطبقة المتوسطة الإصلاح الاقتصادى والطبقة المتوسطة



GMT 11:27 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مفهوم الفساد الاقتصادي

GMT 18:50 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ازمة القطن وتسويقه

GMT 14:51 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

السياحة ومقوماتها الاقتصادية

GMT 14:44 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

السلامة الانشائية وقانون هدم المباني

GMT 12:34 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أهمية الكوميسا للاقتصاد المصري

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:27 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني
  مصر اليوم - ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني

GMT 13:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى
  مصر اليوم - نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى

GMT 12:45 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية
  مصر اليوم - ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية

GMT 06:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان
  مصر اليوم - غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 12:57 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 10:39 2021 الأحد ,09 أيار / مايو

إطلالات شرقية لرمضان من وحي فاطمة المؤمن

GMT 17:26 2021 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

بايرن ميونخ يصف محمد صلاح بأنه "ميسي أفريقيا"

GMT 12:11 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ميلان يعلن إعارة كولومبو لـ كريمونيزي الأمريكى كولومبو

GMT 03:17 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فيديو تفاعلي يتكيف مع حركة الجسم أثناء التمارين

GMT 16:43 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أخطاء تفعلها عند ارتداء الكمامات

GMT 03:12 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

المعهد الأميركي يكشف السيناريو المرعب لـ"كورونا"

GMT 07:29 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

صلاح مع قطة تحصد نصف مليون إعجاب في ساعات

GMT 06:31 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الثلاثاء 13 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 05:06 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح ديكور هادفة إلى تنسيق حدائق منزلية

GMT 08:41 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وصلة رقص لـ ساويرس على أنغام رايحين نسهر لـ محمد رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon