توقيت القاهرة المحلي 19:07:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف تصبح الصناعة محركا للنمو؟

  مصر اليوم -

كيف تصبح الصناعة محركا للنمو

بقلم - الدكتورة يمن الحماقى

حققت مصر فى السنوات الماضية نهضة تنموية قوية فى مجال مشروعات البنية الأساسية من طرق وصرف صحى ومياه وكهرباء، وكذلك تم إنشاء قناة السويس الجديدة وما يرتبط بذلك من ربط مصر بسيناء ما يتيح استغلال الموارد غير المستغلة فى تلك البقعة العزيزة على نفوسنا جميعا، كما تم إنشاء العديد من المدن الجديدة الذكية ما يعنى توزيع السكان واستغلال الموارد فى نطاق أوسع من مجرد الوجود على 6% من مساحة مصر كما حدث فى الماضى.

ولاشك أن تحقيق هذه الإنجازات كانت له تكلفة عالية تمثلت فى انخفاض قيمة الجنيه المصرى وارتفاع مستويات التضخم والفقر وما يرتبط بذلك من معاناة الإنسان المصرى، ويتطلب ذلك فى المرحلة القادمة التركيز على الأولويات التى تسهم فى ترجمة نتائج هذه الإنجازات لصالح المواطن المصرى فى الفترة القصيرة لكى يشعر بثمار الإصلاح ويواجه الآثار السلبية المترتبة عليه وتفعيل استثمار البنية الأساسية فى رفع تنافسية المشروعات وزيادة فرص طبقات  المجتمع سواء كانت غنية أو متوسطة أو فقيرة فى الاستفادة من أرباح هذه المشروعات بما يسهم فى تحسين مستوى معيشة المصريين وخفض عدم العدالة فى توزيع الدخول.

وهنا يأتى السؤال المهم: كيف يتم تحقيق ذلك؟

وأى القطاعات الاقتصادية لديها القدرة على تحقيق النتائج المطلوبة فى الفترة القصيرة؟

إن تجارب الدول التى حققت معجزات اقتصادية وعلى رأسها الصين والهند وجنوب كوريا وماليزيا وفيتنام مؤخرا إنما تشير كلها إلى أن القطاع الصناعى لعب دورا محوريا كمحرك للنمو فى هذه الدول، وفى الحالة المصرية فإن هذا القطاع مؤهل بشكل كبير لتحريك عجلة الإنتاج والنمو لصالح طبقات المجتمع بشكل متكافئ، والأكثر أهمية أنه الأقدر على تحقيق نتائج ملموسة فى الفترة القصيرة بما يسهم فى تحقيق استدامة النمو، أى تأمين نتائجه وهو ما ينعكس على الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى والسياسى فى مصر.

وقد طالعتنا الأخبار مؤخرا باهتمام رئيس مجلس الوزراء / د.مصطفى مدبولى باللقاء مع اتحاد الصناعات لمناقشة أهم المشكلات التى يواجهها القطاع الصناعى فى مصر وكيفية تذليل الصعوبات لانطلاق هذا القطاع مع اتخاذ قرار بتشكيل لجنة لبحث كيفية تحقيق هذا الهدف، ورغم أهمية هذا اللقاء من حيث إنه يعكس اهتماما على مستوى عال لتفعيل دور القطاع الصناعى فى تحقيق أهداف التنمية فى مصر، فإن الأمر يحتاج إلى ما هو أبعد من ذلك من حيث تحديد دور الدولة تحديدا واضحا وكيفية التعاون والتنسيق مع المجتمع المدنى بما يحقق أن يكون القطاع الصناعى محركا للنمو فى مصر فى المرحلة المقبلة

وتتمثل أهم معالم هذا التوجه فيما يلى:

أولا:

وضع الرؤية الاستراتيجية على المستوى القومى التى تتضمن أن يكون القطاع الصناعى محركا للنمو، ومن الطبيعى فى هذا الإطار الرجوع إلى رؤية مصر 2030 التى تحدد حتى الآن زيادة مساهمة قطاع الخدامات فى توليد الناتج القومى ما يعنى أنه القطاع الأكثر أهمية فى تحريك النمو حتى 2030، صحيح أن

د. هالة السعيد وزيرة التخطيط تقوم حاليا بتغيير شامل لرؤية مصر 2030 ، إلا أنه لم تتضح حتى الآن المساهمة النسبية للقطاعات الثلاثة: الزراعة الصناعة والخدمات فى تحقيق النمو المستهدف، ولعل السبب الرئيسى فى ذلك هو عدم قدرتنا كدولة ومؤسساتها على تحديد الفرص القائمة والمتوقعة للنمو الاقتصادى من قبل القطاعات الاقتصادية الثلاثة رغم الآفاق الهائلة لهذا النمو فى ظل المشروعات القومية الكبرى التى تمت حتى الآن، وتبنى دراسة الفرص القائمة على تحديد الطاقات العاطلة التى تتركز ليس فقط فى قطاع الأعمال العام ولكن الناتجة من ضعف كفاءة الأداء فى كثير من مصانع القطاع الخاص وعدم مواكبتها للتطور التكنولوجى وعدم استخدامها نظم الإدارة الحديثة، يضاف إلى ذلك عدد لا بأس به من الشركات المتعثرة وقطاع غير رسمى ضخم يعمل بشكل عشوائى غير مدروس، أما بالنسبة للفرص المتوقعة فترتبط بدعم تنافسية الإنتاج للتصدير واستكمال سلاسل الإنتاج من خلال إحلال الواردات، وهنا يثار التساؤل: هل هناك دراسات على مستوى الدولة تجيب على التساؤلات السابقة؟ بما يسمح بتحديد أى القطاعات الثلاثة يصلح أن يكون محركا للنمو؟؟

ثانيا:

إذا كانت الإجابة تشير إلى أن القطاع الصناعى هو المؤهل أن يكون محركا للنمو فى مصر، فما الصناعات التى يجب التركيز عليها؟ وما السياسات الاقتصادية التى يجب اتخاذها لتحقيق النتائج المطلوبة؟ وهل نسير فى الاتجاه الصحيح وفى هذا الإطار؟

ثالثا:

فى معظم تجارب الدول الناجحة السابق الإشارة إليها يحتل الإطار المؤسسى للتنمية أهمية كبيرة فى نجاح تجربة التنمية وهنا يثار التساؤل بالنسبة للحالة المصرية:

هل يوجد إطار مؤسسى فاعل يتيح تحقيق أن يكون القطاع الصناعى محركا للنمو، ويقصد بالإطار المؤسسى تحديد الأدوار والمسئوليات للأطراف المشاركة فى تحقيق الهدف، وفى الحالة المصرية تكون وزارة التخطيط المسئولة عن وضع الرؤية كما سبق أن ذكرنا ووزارة التجارة والصناعة مسئولة عن وضع السياسة الصناعية وتحديد الاستراتيجية المرتبطة بكل صناعة من حيث تشجيع الصادرات وإحلال الواردات وما يرتبط بذلك من سياسة تجارية وذلك بالتعاون مع وزارة المالية، كذلك يقع على عاتق وزارة التجارة والصناعة تحديد الحوافز المالية وغير المالية لدعم الصادرات  ومتابعة التنفيذ لتحقيق أهداف محددة فى فترات زمنية محددة، وتكون هذه الأهداف قابلة للقياس حتى لا نظل نتحدث عبر عشرات السنوات عن استراتيجيات التصدير دون نتائج على أرض الواقع، يضاف إلى ذلك دور وزارة القوى العاملة فى وضع استراتيجية التدريب للتشغيل لتوفير العمالة الماهرة، حيث إن الإنتاجية من أهم عناصر تنافسية الإنتاج، ويتضمن الإطار المؤسسى الفاعل دورا مهما للمجتمع المدنى الذى يتكون من الجامعات ومؤسسات البحث العلمى وجمعيات رجال وسيدات الأعمال واتحاد الصناعات والغرف التجارية والمدارس الفنية الصناعية، حيث يجب تحديد الأدوار والمسئوليات لكل من الجهات السابقة ومدى تكاملها وتعاونها مع الحكومة لدعم توجه أن يكون القطاع الصناعى محركا للنمو.

وهنا يثار تساؤل: هل المقومات السابق التعرض إليها تتوافر فى الحالة المصرية؟ وبأى درجة؟

هذا ما سنحاول الإجابة عنه فى المقال القادم بمشيئة الله.

(نقلاً عن جريدة الأهرام الاقتصادي)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تصبح الصناعة محركا للنمو كيف تصبح الصناعة محركا للنمو



GMT 11:27 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مفهوم الفساد الاقتصادي

GMT 18:50 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ازمة القطن وتسويقه

GMT 14:51 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

السياحة ومقوماتها الاقتصادية

GMT 14:44 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

السلامة الانشائية وقانون هدم المباني

GMT 12:34 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أهمية الكوميسا للاقتصاد المصري

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:28 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله
  مصر اليوم - قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
  مصر اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 19:42 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

قلق في "أرامكو" بسبب هجمات الخليج وارتفاع سعر النفط

GMT 02:08 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مي عمر تكشف عن حقيقة علمها بمقلب "رامز في الشلال"

GMT 07:15 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

كشف غموض وفاة 22 عالمًا بعد فتح مقبرة توت عنخ آمون

GMT 10:06 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

رسالة حسن الرداد إلى محمد رمضان بعد أغنية "نمبر وان"

GMT 22:21 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

روبرتو فيرمينو يُجدد شكره لزميله "محمد صلاح"

GMT 06:52 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

"مشاهير حول العالم راحوا ضحية "الالتهاب الرئوي

GMT 11:08 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعرَّف على أنواع السيارات الأكثر مبيعًا في عام 2018

GMT 15:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

علامة "كايلي" و"كاندال" تطلق حقائب زهيدة الثمن

GMT 14:17 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أفكار إضاءة رائعة لحفلة زفافك الخارجية

GMT 10:13 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

اكتشفي طرق مختلفة لتحضير الفول
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon