عند أصحاب الفنادق، الغرفة التى لا تشغل فى إحدى الليالى فقد ضاع ايرادها العمر كله ولا يمكن تعويضها بالطبع. ونفس الشىء بالنسبة لأصحاب ملايين الغرف من البيوت والمنتجعات المغلقة معظم العام.
والخلاصة: هناك إهدار فى الإنفاق، وذلك على المستوى الشخصى لكل أصحاب هذه الوحدات، وعلى الاقتصاد الوطنى الذى كان سيستفيد من كل هذه الأموال المجمدة فى طوب وأسمنت دون استخدام، ودورانها فى شرايين البنوك لتمويل الأنشطة التجارية والصناعية ذات صفة الاستدامة.
يأتى القطاع العقارى فى المرتبة الثانية بعد البترول والغاز من حيث حجم الاستثمارات السنوية، وفى المرتبة الأولى من حيث مساهمته فى الناتج القومى ( ١٣٪ و١٦٪، على الترتيب). تأتى خطورة هذا التركز إذا ماعلمنا أن هذه النسبة أقل من ذلك بكثير فى معظم دول العالم الثالث، وهو ما يشير إلى وجود «فقاعة عقارية» محتملة، بل بدأت ملامحها فى فرض نفسها على واقعنا المصرى.
وسنعرض باختصار شديد هنا إلى الآثار السلبية المتعلقة بالفرق بين «إحداث» نمو، وبين «ديمومة» هذا النمو، أو باختصار هو الفرق بين إنشاء عقار وإنشاء مصنع.
1. أثر مضاعف التوظف والنمو: القطاع العقارى يشغل عناصر الإنتاج مرة واحدة أثناء عملية الإنشاء بينما الصناعة لها صفة الاستمرار فى التشغيل.
3. الأثر التصديرى: الإنشاءات غير قابلة للاتجار دوليا، بإستثناء المبيعات للأجانب، والمصريين بالخارج، والمنشآت السياحية، بينما الصناعة بالطبع يمكن تصدير منتجاتها.
4. الأثر التضخمى، حيث إن العقارات هى الآلية الوحيدة للهروب من الأثر التضخمى للتعويم، فأثرت زيادة الطلب على الاستثمار على إحداث المزيد من الركود والتضخم. أى كانت سببا ونتيجة فى نفس الوقت للركود التضخمى (سبب فيه، ثم زيادته!!!).
5. الأثر الضريبى، فالنمو فى الناتج العقارى لا يصاحبه نمو فى الايرادات الضريبية وذلك لعدم تفعيل منظومة الضرائب العقارية حتى الآن لأسباب سياسية واجتماعية.
التمويل العقارى: كالمقولة سابقة التجهيز عن أن ما حدث فى امريكا عام ٢٠٠٨ لا يمكن ان يتكرر فى مصر لعدم تفعيل نشاط الرهن العقارى، أصبحت تحتاج للتصحيح. فإذا لم يكن البيع بـ٥٪ مقدم والباقى على ١٠ سنين ليس رهنا عقاريا، فماذا يكون إذا!!!.
ومن ناحية أخرى، فإذا أفلس مصنع فقد أفلس وانتهت القصة، أما انهيار أسعار العقارات، فلها آثار سلبية على سلسلة المقترضين والمقرضين والشركات والبنوك ذات الصلة من بنوك ومطورين وشركات التخصيم والمسوقين العقاريين، الذين يدخلون جميعا فى سلسلة لاتنتهى من الإفلاسات المتتالية لكل المشاركين فى هذا القطاع.
والسؤال هو: هل حان الوقت لترتيب أولويات الإنفاق الحكومى وتشجيع الاستثمار فى الصناعات التحويلية والتصديرية والتشغيلية ذات صفة الاستدامة على حساب الانفاق على قطاعى المقاولات وإنشاء المدن!!!
وهل حان الوقت لتطبيق منظومة الشمول المالى، وايقاف هذا الطلب على العقارات كملاذ آمن لغسيل الأموال!!!
ملحوظة: تم للأمانة الاستعانة ببعض الأفكار التى وردت فى مقال منشور بجريدة الشروق من. اكثر من عام للاستاذ محمد يوسف (الذى لا أعرفه شخصيا والا كنت استأذنته).
(نقلاً عن جريدة الشروق)