بقلم : صلاح النادي
لقد كان لتعويم الجنيه المصري وتحرير صرفه في السوق تبعات على كل الأصعدة المعيشية والحياتية المختلفة، وتظهر أثار تلك التبعات بشكل يدعو إلى القلق، ويتضح ذلك جليًا، في الأزمة التي حدثت مؤخرًا، وتسببت في نقص الدواء داخل الصيدليات، فالأدوية الأساسية لم تعد متوفرة كما كانت، وحتى إذا توفرت ستجدون سعرها عالٍ بشكل ملفت، نتيجة لاعتماد شركات صناعة الدواء في مصر على استيراد 90% من المواد الخام المصنعة للعلاج من الخارج، وسط انخفاض ملحوظ لقيمة الجنيه المصري بأكثر من 85٪ مقابل الدولار الأميركي منذ عملية "تحرير الصرف" في مطلع نوفمبر/تشرين ثان الجاري.
مما جعل بعض شركات الأدوية تُحجِم عن استيراد المواد الخام الخاصة بتصنيع الدواء، بسبب عدم توفير السيولة الدولارية لهذه الشركات، الأمر الذي أثر بشكل واضح على صناعة الدواء في مصر، وأدى ذلك إلى ارتفاع غير مبرر في سعر الدواء بسبب عدم وجوده في أغلب الصيدليات، وكل هذا يحدث والحكومة عاجزة عن التحرك لإيجاد حل يُنهي الأزمة الحالية، فلماذا لم تتخذ الحكومة احتياطاتها مُسبقًا قبل أن تتخذ قرارها بـ "تعويم الجنيه" منعًا لحدوث أزمة نقص الدواء؟! سؤال لابد وأن تُجيب عليه حكومتنا الموقرة، لأن الوضع لم يعد مبشرًا بالمرة بالنسبة لهذه الحكومة.
فمرضى السرطان لا يجدون أدويتهم إلا بصعوبة، وكذا مرضى السكر يعانون من نقص عقار "الإنسولين" الأمر الذي أدى إلى ارتفاع سعره، والأطفال لا يجدون اللبن الخاص بهم، ولم تقف أزمة نقص الدواء عند هذا الحد، بل توجد أنواع أخرى من الأدوية غير موجودة أو موجودة بشكل محدود ولكن بسعر مرتفع عن الطبيعي، قد لا يستطيع المواطن "محدود الدخل" على شرائه، وكل هذا يحدث بسبب غياب الرؤية عن حكومتنا، فالأزمات الاقتصادية تتفاقم وتتوالى على كل الأصعدة، وليس في الدواء فقط، فعلى الحكومة أن تعي جيدًا أن المصريين قد يستحملون لفترة ما، نقص السلع الغذائية كالأرز والسكر وغيرهما من باقي السلع الرئيسية الأخرى، ولكنهم بالتأكيد لن يتحملوا نقص الدواء طويلًا، لذا يتوجب على الدولة أن تتحرك وبسرعة، لأن الوضع يتجه إلى طريق مسدود!