بقلم : هاني أبو الفتوح
لا يوجد تعريف واحد مقبول دولياً للشراكة بين القطاعين العام والخاص. ولكن البنك الدولي قد وضع تعريفاً عملياً يمكن الركون اليه حيث عرفه بأنه " عقد طويل الأجل بين قطاع خاص وكيان حكومي، لتوفير أصول أو خدمة عامة، يتحمل فيها القطاع الخاص مسؤولية كبيرة تتعلق بالمخاطر والإدارة، ويرتبط العائد بالأداء ".
ومن مزايا هذا التعريف أنه يشير إلى أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص للعمل معا في مشاريع تشمل الأصول الجديدة والحالية والخدمات ذات الصلة. كما يشمل التعريف إلى تلقي القطاع الخاص قيمة الخدمات من قبل مستخدمي الخدمة، بينما تقوم الجهة الحكومية بتحمل بعض المدفوعات أو جميعها. كما يشير إلى أن الشراكة التعاقدية في العديد من القطاعات وكثير من الخدمات، شريطة أن يكون هناك مصلحة عامة في تقديم هذه الخدمات، ويتضمن المشروع أصولا طويلة العمر مرتبطة بالطابع الطويل الأجل لعقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
إن مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص مازال حديث العهد في الدول العربية، على الرغم من ترسخه في معظم الدول المتقدمة ضمن منظومتها الاقتصادية وخصوصا في مشاريعها الخدمية. على سبيل المثال، نفذت إيطاليا شراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الري الحديثة في عام 1870، بينما شُيدت الخطوط الأولى لمترو باريس ومعظم الجسور بالشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وقد تبنت الحكومات في جميع أنحاء العالم الشراكات بين القطاعين العام والخاص لأنها توفر ثلاثة أنواع رئيسية من الفوائد:
• القدرة على تطوير خدمات البنية التحتية الجديدة على الرغم من القيود المالية القصيرة الأجل؛
• القيمة مقابل المال من خلال الكفاءة في المشتريات والتشييد والتشغيل؛
• تحسين جودة الخدمة والابتكار من خلال الاستعانة بخبرات القطاع الخاص.
كل هذه المزايا مجتمعة تعطى حافز كبير للدول العربية التي تسعى إلى تنفيذ خطط تنمية طموحة تعود بالنفع على مواطنيها للتوسع في الشراكات بين القطاعين العام والقطاع الخاص. لذلك ينبغي توفير البيئة القانونية المناسبة وطرح المشاريع التي يمكن للقطاع الخاص المشاركة فيها ، وخصوصا إنشاء وتشغيل مشروعات البنية التحتية والمرافق العامة بما يعود بالنفع من استغلال هذه الشراكة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية قدما إلى الأمام.
ومن ناحية أخرى، لكي تنجح مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ينبغي أن تتوفر عناصر تؤسس لهذا النجاح مثل وجود دعم سياسي قوى، وتحليل جيد لجدوى المشاريع قبل التعاقد، وتطوير إطار عمل محكم للمشاريع، وإجراء تحليل مفَصَّل للمخاطر يشمل الجانب الفني والمالي والسياسي والتجاري، وإعداد عقود الشراكة بما يكفل حفظ حقوق الأطراف بعدالة، ووجود منظومة رقابة فعالة تضمن المحاسبة والمسائلة.