أن مصر تلعب دوراً محورياً في دعم الدول الافريقية في مجالات التحول الصناعي وبصفة خاصة مجالات التعدين وتعميق مختلف القطاعات الصناعية فضلاً عن العمل على تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع دول القارة الأفريقية من خلال العمل على تبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا الحديثة إلى الدول الأفريقية، أن مصر تمتلك 12 قطاعا مصدراً لأفريقيا منها 6 قطاعات تحقق معدل نمو مرتفع حيث تتمتع المنتجات المصرية بميزات تنافسية عالية الجودة وبصفة خاصة في السوق الأفريقي.
أن مصر كباقي الدول الأفريقية لم تحقق الاستفادة الكاملة من مواردها حيث تسعى إلى التعاون مع باقي الدول الأفريقية لتحسين استغلال مواردها وزيادة معدلات التصنيع والتجارة، أن مصر خطت خطوات كبيرة في برنامج الإصلاح الاقتصادي على مدار السنوات الماضية وهي حالياً في مرحلة جني الثمار.
وتقع العلاقات المصرية-الأفريقية ضمن علاقات الجنوب-الجنوب في مقابل حوار الشمال-الجنوب، والذي لم يثمر كثيرًا تحت وطأة سعي الدول الكبرى إلى تحقيق مصالحها القومية على حساب الدول الأفريقية ودول آسيا وأمريكا اللاتينية ما عدا مجموعة البريكس، والتي تضم إلى جانب روسيا والصين الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وهي أول منظمة مشتركة بين الشمال والجنوب وبين القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية،
وهي التي تحاول إنشاء نظام دولي جديد يحل محل النظام اليورو أمريكي، وذلك بإنشاء بنك التنمية الجديد، والذي يحل محل صندوق النقد الدولي، وهيئة الاحتياطي الدولي التي تحل محل هيئة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، وتقوم هاتان المؤسستان بتقديم الدعم المالي لدول الجنوب بشروط أكثر ملاءمة.
أن هناك شركاء دوليين يتفاعلون حاليا مع هذه الخطة، وذلك وفقا لأعمدة ستة هي: التحول الاقتصادي الهيكلي والنمو الشامل، وتكنولوجيا العلوم والابتكار، والتنمية التي محورها الناس، والاستدامة البيئية، والموارد الطبيعية وإدارة الكوارث، والسلام والأمن، والشئون المالية والشراكات.
أن القارة الأفريقية لديها واحدة من أعلى النسب لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي، بما يتفق مع الرغبة في تنويع مصادر تمويل البنية الأساسية، مع ضمان تقديم الخدمات بكفاءة، ونحن نقدر الأدوات المتاحة لتقييم المخاطر المالية لمشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص".
أن افريقيا تضم عدد من الدول ذات القوى الاقتصادية الكبيرة، لذلك على البلاد أن تمتلك رؤية شاملة لتقديم النشاط الاقتصادي بالقارة، من خلال تلك المؤتمرات الاقتصادية في مختلف المجالات، أن شرم الشيخ أصبحت مدينة سياحية هامة للمؤتمرات العالمية، وهو ما يدلل على استقرار الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية بمصر.
وتحرص مصر على تعزيز شراكة تضامنية مع أفريقيا هدفها دفع قاطرة الاقتصاد والتنمية، وتعبئة الطاقات بغية تطوير الشراكات وجذب الاستثمارات وكسب مواقع جديدة وتنمية التبادل التجاري، والتنسيق مع الفاعلين الاقتصاديين في القطاعين العام والخاص للتعريف بالمؤهلات الاقتصادية التي تذخر بها مصر خصوصاً في القطاعات الإنتاجية الواعدة مثل فرص الاستثمار في منطقة قناة السويس بهدف المساهمة في تنميتها، مع الأخذ في الحسبان البعد التنموي،وليس الاقتصادي فقط، وإدراك مصر قوة تأثير الديبلوماسية الاقتصادية في التحركات السياسية على الساحة الأفريقية ودورها في تحقيق المنافع المتبادلة. وتحتل أفريقيا أولوية متقدمة على صعيد السياسة الاقتصادية الخارجية المصرية خلال الفترة الحالية، بالنظر إلى العديد من المقومات التي ساهمت في تعظيم الأهمية الجيواستراتيجية للقارة الأفريقية،
من أبرزها، أنها ثاني قارات العالم من حيث المساحة، فضلاً عن كونها تحتل من المنظور الجغرافي موقعاً متوسطاً بين قارات العالم، ما جعلها مركزاً للسيطرة على طرق التجارة العالمية البحرية ارتباطاً بتحكمها في المضايق والممرات المائية المهمة. كما يعتبر الطرف الجنوبي للقارة نقطة وثوب من المحيط الأطلنطي إلى المحيط الهندي.
كن العديد من التحديات والمعوقات تبرز أمام جهود التكامل بين الدول الأفريقية تتمثل في ضعف وتيرة التعاون بين التكتلات والتجمعات الاقتصادية الأفريقية نتيجة لعدم فصل دول القارة بين العلاقات السياسية من ناحية والعلاقات الاقتصادية من ناحية أخرى، وعدم وضع استراتيجيات بعيدة المدى في ما يتعلق بالتعاون الاقتصادي البيني،
وعدم التوافق بين سياسات الاقتصاد الكلي، وكذا بين السياسات الاقتصادية، والمالية، والنقدية بصورة كاملة مثل قابلية تحويل العملات في ما بين الدول الأعضاء، وتوحيد أسعار الصرف، وصولاً إلى عملة موحدة، والافتقار إلى ثقافة التكامل الاقتصادي اللازمة لإنجاح جهود التكامل الاقتصادي بالقارة، واستمرار تفضيل بعض الأسواق الأفريقية المنتج المستورد من خارج القارة، فضلاً عن تحسب حكومات عديد من الدول الأفريقية من انتقاص التكامل الاقتصادي لسيادتها الوطنية، وتباين إجمالي دخل الأفراد والناتج المحلي من دولة لأخرى، وصعوبة الانتقال وعدم توافر وسائل النقل واللوجستيات، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الأخطار الطبيعية والسياسية في بعض الدول نتيجة طبيعة البلاد أو عدم الاستقرار ووجود صراعات، وكذا ضعف البنية الأساسية.
في ضوء ما تقدم، يبرز أن الفجوة الاقتصادية الحالية بين الدول الأفريقية تحد من فرص إقامــة حوار في ما بينها وفقاً لبرنامج مشترك، مما يعني عرقلة تحقيق تكامل اقتصادياتها في المنظور القريب لتصبح اقتــصاداً واحداً، فالمعاهدات والاتفاقات الســياسية لا تكفي وحدها في دعم عملية التكامل الاقتصادي، فالارتقاء بالتعاون الاقتصادي وإنشاء السوق المشتركة وصولاً الى التكامل اقتصادي تــســتلزم التوفيق بين السياسات بغية توفير حرية الحركة لعناصر الإنتاج وبما يعزز التنافســـية بين الأسواق،
ودعم التنمية الصناعية، والإنتاجية، ويكمن العائق الرئيس أمام تحقيق هذه الغاية في التباين الكبير الذي تشهده القارة في ما يتعلق بمستويات التنمية الاقتصادية والصناعية.
تعد السوق الافريقية سوقاً واسعة حيث يبلغ إجمالي سكانها حوالي 860 مليون نسمة وهي بمثابة قاعدة استهلاكية عريضة تتسم بالتنوع الكبير في الأذواق ومواسم الطلب وكذا مستويات الدخل وتبلغ اجمالي صادراتها 141 مليار دولار بنسبة 2 % من حجم الصادرات العالمية في حين تبلغ وارداتها حوالي 136 مليار دولار، وتبلغ التجارة البينية للدول الأفريقية 11 مليار دولار مما يعتبر نسبة ضئيلة من اجمالي تعاملاتها التجارية وذلك خلال عام 2003.
ومن ثم فهي سوقا واعدة للمنتجات المصرية في العديد من القطاعات السلعية والخدمية غير المستغلة وتبلغ اجمالي الصادرات المصرية الى افريقيا 500 مليون دولار ويرجع الانخفاض النسبي للتواجد المصري في الاسواق الافريقية الى ارتفاع تكلفة التجارة مع هذه الدول لصعوبة الشحن والتخزين وارتفاع المخاطر التجارية وغير التجارية في بعض هذه الأسواق بالإضافة الى وجود قنوات تسويقية وتمويلية أوروبية مستقرة في معظم هذه الدول
مما يزيد من صعوبة المنافسة فيها. التعاون مع أقطاب التنمية في القارة والمتمثلة في نيجيريا وجنوب أفريقيا وتنزانيا حيث تسيطر نيجيريا على اقتصاد الغرب الأفريقي كما تسيطر جنوب أفريقيا على اقتصاد الجنوب الأفريقي في حين ترتبط تنزانيا بالعديد من دول شرق وجنوب القارة لإقناعهم بمزايا إبرام اتفاق تجارة حرة مع مصر
إن إمكانات التعاون والالتقاء بين ضفتي القارة الإفريقية، أكثر من عوامل التباعد أو النفور، بل إنه لم يعد مسموحا للجانبين، الاستمرار في حالة الارتخاء التي يعانيها كل شطر إزاء الآخر فهل يستوعب العالم العربي هذه الحقيقة،
ويحوّلها إلى سيناريو للشراكة المستدامة مع دول القرن الإفريقي؟ إنه السؤال المركزي المطروح على صناع القرار في العالم العربي، وخاصة في دول ثورات الربيع العربي، التي يفترض أن تكون سباقة في إعادة صياغة العلاقات السياسية والدبلوماسية، على نحو يستجيب لاستحقاقات هذه الثورات ومقتضيات التحول في المجتمعات العربية