بقلم: هاني أبوالفتوح
هل ينتظر المواطن زيادة مرتقبة في أسعار الوقود؟ هل تتراجع الحكومة عن وعدها بعدم إقرار زيادة في الأسعار من خلال رفع الدعم جزئيا عن الوقود خلال العام المالي الجاري؟ هل توجد مبررات قوية تدفع الحكومة مضطرة إلى اتخاذ مثل هذه القرارات التي من شأنها وضع أعباء إضافية على كاهل المواطن الذي أنهكه انفلات الأسعار بجنون دون فعالية جهود السيطرة عليها؟ حسنا، يحتاج الأمر إلى عرض موجز للموضوع.
بينما تترقب الحكومة استقرار الأوضاع السياسية في مصر والمنطقة، ربما تُعجل بفتح ملف أسعار الوقود ومراجعة فاتورة دعم الوقود للعام المالي الجاري 2018/2017، خصوصا بعد زيادة أسعار البترول عالميا عن التقديرات الموضوعة بالموازنة.
إنّي أشفق على الوزراء في الحكومة حين يصدرون تصريحات ووعودا ثم تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ويصبحون مضطرين إلى الرجوع عن هذه التصريحات لاحقا لأسباب تكون خارجة عن إرادتهم. على سبيل المثال، صرح الدكتور عمرو الجارحي في شهر سبتمبر الماضي بأنه لا يوجد حاليا أي نية في ما يتعلق بتحريك أسعار الوقود، كما صرح المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية خلال مؤتمر صحافي عقد مطلع شهر نوفمبر الجاري، بأنه غير وارد زيادة أسعار المنتجات البترولية خلال العام المالي الحالي والمنتهي في 30 يونيو 2018.
والحقيقة أن صندوق النقد الدولي أشار إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة عالميا وعدم الاستقرار السياسي إقليميا، يمثلان أكبر المخاطر على تقدم برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، فالاضطرابات السياسية عربيا وعالميا تعتبر من ضمن العوامل التي تتحكم في أسعار خامات البترول، وكذلك قرارت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إذ أعلنت مؤخرا أن سعر سلة خاماتها ارتفع ليصل إلى 61.64 دولارا أميركيا للبرميل، هكذا ارتفعت أسعار البترول منذ بداية العام المالي الحالي في مصر، بنحو 25%.
لذلك تشير التوقعات إلى أن الحكومة سوف تدرس رفع أسعار الوقود في نهاية الربع الأول من 2018، أو بداية الربع الثاني في إطار خطتها لرفع الدعم تدريجيا عن الطاقة بنهاية عام 2019 كما هو متفق عليه مع صندوق النقد الدولي.
وتجدر الإشارة إلى أن موازنة العام الحالي حددت قيمة دعم الوقود بمبلغ 110 مليارات جنيه، بناء على سعر صرف للدولار 16 جنيها، بينما سعر الدولار في السوق يتم تداوله حاليا في حدود 17.70 جنيها، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط عالميا إلى نحو 61.64 دولارا للبرميل، وهو ما يزيد على الرقم المحدد في الموازنة العامة للدولة التي قدرته بـ55 دولارا للبرميل. ونتيجة لذلك، سوف ينتج عن التأخير في رفع سعر الوقود للعام لمالي المقبل ارتفاع تكلفة الدعم المستهدف في الموازنة، مما يؤدي إلى زيادة عجز الموازنة، فالأرجح أن تتجنب الحكومة التأخير في رفع أسعار الوقود حتى لا يكون رفع الدعم مرة واحدة مما يؤدي إلى موجة عنيفة من ارتفاع الأسعار تفوق قدرة المواطن على تحملها.
لا شك في أن الثمن الذي يدفعه المواطن المصري ومشاركته في تحمل نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي هو بالفعل عال جدا، ولكن الأمل يبقى دائما في المستقبل خصوصا أن التحسّن في المؤشرات الاقتصادية أصبح حقيقة ملموسة، وسوف تُجني ثمارها الأجيال القادمة.