بقلم - مصباح قطب
يعيش العقاريون المصريون أوقاتا صعبة حاليا. السوق تهتز بشدة والطلب يتعثر. مضخات الأرباح الدوارة تكاد أن تتوقف. لهيب الخسائر يوشك أن يلفح بعضهم. إعلانات الصيف المبهرة لم تؤت أكلها كما جرت العادة. مصداقية بعض الكبار منهم اهتزت للتأخير المزعج فى التسليم أو بسبب النصب كليا أو جزئيا على العملاء وتدويخهم فى المحاكم والأقسام.
مزاحمة الدولة – ومصداقيتها أعلى عند الجمهور رغم كل شىء - دهمتهم. العقاريون يكابرون. ينفون فى الصحف كل يوم أن بمصر فقاعة عقارية. مبالغاتهم فى النفى تثير الريبة. يضغطون على الحكومة لتساعدهم على تصدير العقار، بما يوضح ثانية أن شراء العرب والأجانب متباطئ. يطلبون من الحكومة ألا تفرط فى عرض الأراضى والوحدات حتى «لا يتعطل السوق» (هكذا بالنص) أى أن مشاريع الحكومة تضغط على مبيعاتهم. يتهمون سماسرة البورصة بأنهم وراء شائعات الفقاعة مع أن عدد الشركات العقارية بالبورصة قليل. يقولون إن الطلب انخفض لوقت قصير بعد تعويم الجنيه لكنه عاود الصعود.
يلعبون على كون مفهوم الفقاعة السائد غير متحقق فى واقعنا، حيث الوحدات السكنية يتم تمويلها نقدا من راغبى الشراء وليس من البنوك كما جرى فى أمريكا 2007 أو غيرها. يتناسون أن لكل بلد فقاعته والوضع فى مصر هو إفراط فى العرض وفى الحجب معا مع تشدد فى الأسعار واتكال مخيف على مقدمات العملاء دون قدرة على الوفاء والتنفيذ ويتحتم أن تكون هناك نهاية لكل ذلك. بعض ما يقولونه صحيح ولكن ما الذى حدث بالضبط ليفترسهم القلق على هذا النحو.
قراءة المؤشرات الخاصة بالقروض والملكية العقارية والسلامة المالية للجهاز المصرفى فى تقارير البنك المركزى لا تدعو للقلق حقا. لكن دعونا نسرد على مسامع الذين يحرقهم الخوف من الفقاعة، والذين يحرقهم الشوق إلى حدوثها، حتى تهوى الأسعار فيستطيعوا الشراء، أهم العوامل المؤثرة على السوق، وبعدها نحكم.
تعويم العملة بما أضعف القدرة الشرائية للمواطنين وغير أولوياتهم – بدء عرض وحدات مشاريع الحكومة ذات الجاذبية الحداثية كالعاصمة الجديدة والعلمين بخاصة – إعلان جهاز الإحصاء بحضور الرئيس وجود نحو 12.5 مليون شقة غير مستغلة – بدء إجراءات جادة لتحصيل الضريبة العقارية ضريبة التصرفات العقارية - حيرة الجمهور العام إسكانيا بحيث لم يعد يعرف ما هو المكان المميز أو الذى له مستقبل وعليه حدث تجميد لقرارات الشراء - إعلان طرح أسهم شركات حكومية ستشد كتلة من المدخرات يقينا فالشركات المطروحة عالية الربحية – المشاكل التى تواجه الشركات العربية العاملة هنا فى بلادها – « نيوم» ومشاريع الأمير بن سلمان التى ستشد جانبا كبيرا من الأموال السعودية/ الخليجية التى اعتادت الاستثمار عقاريا فى مصر – توقعات انخفاض أسعار النفط – تحرير أسعار الطاقة مما رفع التكاليف – قيام عقاريون كبار بتحويل أرباحهم إلى الاستثمار فى دبى أولا بأول، وبالتالى الارتباك عند حدوث أى متغيرات، خاصة أن لهؤلاء تعاملات واسعة مع البنوك المحلية فعلا – وجود نوع من التشجع الجماعى غير المتفق عليه بين الجمهور بأنه: هانت كمان شوية ضغط وامتناع عن الشراء ستهبط الأسعار غير الطبيعية يقينا.. وخلينا نشوف يوم بقى فى اللى شعللوها – وأخيرا استمرار جاذبية أسعار الفائدة رغم التخفيضات التى حدثت والتوقعات بأنها ستستمر مرتفعة لفترة لم أتحدث عن الاضطرابات فى الأسواق الناشئة. ألا يوجب كل ما تقدم أن تهوى الأسعار بهذا القدر أو ذاك؟ أهلا بأى رد أو تعقيب، أو حتى تكذيب
(نقلاً عن جريدة المصري اليوم)
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع