ذكر أن شركات قطاع الأعمال العام هى 146 شركة تنظم بقانون 203 لسنة 1991، ويعمل بها ما يقارب من 325 الف عامل وهو يمثل 1.5% من إجمالى القوى العاملة، وبتكلفة أجور قدرها 7.5 مليار جنية مصرى، وفى إحصاء تم نشره فى مركز معلومات قطاع الأعمال تحت عنوان "ملخص أداء شركات قطاع الأعمال عام 2008/2009"،ذكر أن هذه الشركات يعاني العديد منها الخسارة والتعثر المالي والتوقف عن العمل والبعض منها بالكاد يغطى تكاليفة، وتلك الشركات فى أمس الحاجة الى ضخ أستثمارات جديدة، وذلك للخروج من دوامة الإنفاق الزائد والذي تعاني منه الموازنة العامة معاناه شديدة يتحملها المواطنون بكافة طبقاتهم.
ولما كان طريق الخروج من الوضع الاقتصادي المتردي -الحالي والمزمن- الذي يعاني منه المواطنين والاقتصاد -الكلي والجزئي على حد سواء- والذي كان أحد أسبابه الرئيسية هو دخول الدولة فى السوق كمنتج وموزع منذ عقد الخمسينات فى القرن المنصرم من خلال تأميم مليكات الأفراد وإنشاء ملكيات جديدة، مما دفع الإقتصاد المصري إلى الوقوف على هاوية الإفلاس لولا سياسات الخصخصة والإصلاح الاقتصادي التي تبنتها الحكومات المتتالية منذ التسعينات من القرن الماضري حتى توقف البرنامج فى عام 2010 ولما كانت جميع الأرقام والوضع الحياتي للمواطنين قد تطور بشكل ملحوظ تطورًا إيجابيًا خلال بدايات هذا القرن - بالرغم من الأزمة العالمية للاقتصاد والتي ظهرت فى أواخر فى أواخر العقد الأول من القرن الماضي - وقد أبرز المركز المصري لدراسات السياسات العامة فى أحد دراسته البحثية والتي تحمل عنوان "أداء الاقصاد المصري قبل وبعد برنامج الخصخصة" وضع الاقتصاد المصري آنذاك.
ولما كنا نؤمن ونرى أن على الدولة الإلتزام بدورها فى المجال الاقتصادي والمتمثل فى مراقبة السوق وعدم التدخل تحت ىأى مسمى فى آلياته، ونرى أن الأفراد يمكنهم تولى مسؤوليتهم أفضل مئات المرات من الدولة، ولما كان تدخل الدولة فى آليات السوق وإمتلاكها لعناصر الإنتاج لا مفر من تأثيره السلبي على الحريات الشخصية والدخل الفردي للمواطنين، كان علينا خلال هذا البيان الرد على تصريحات السيد الوزير وتوضيح أهمية إستكمال الدولة لبرنامج الخصخصة سواء لصانعي السياسات أو المواطنين، موضحين ذلك فى ستة نقاط نطرح خلالهم مزايا الخصخصة وعيوب تدخل الدولة فى آليات السوق من خلال الإمتلاك، وفيما يلي النقاط الستة التى نطرح من خلالها كيف أن تدخل الدولة فى السوق يؤدي إلى تردي إقتصادي على مستوى دخل الأفراد (الاقتصاد الجزئي) وعلى مستوى الدولة (الاقتصاد الكلي) واضعين كافة الحقائق أمام الحكومة وصانعي القرار والمجتمع المصري.
أولا: تحكم الدولة فى الأسعار صعودًا وهبوطًا بشكل منفرد. يعد الأمر الأول لتدخل الدولة فى السوق هو تحكمها فى الأسعار صعودًا وهبوطا بشكل منفرد مما يجعلها تتحكم فى حياة المواطنين حيث أنه لا منازع ولا منافس لها فى سوق السلع أو الخدمة التى تقوم بإنتاجها. ولذلك أثر سلبي على المستهلكين للخدمات والسلع والمستثمرين على حد سواء، فالمستهلكين تقدم لهم خدمات رديئة بأسعار مرتفعة ولا يجوز لهم ولا يمكنهم تغييرها حيث أنه لا وجود لخدمة أو سلعة دونها فى السوق، وعلى الجانب الأخر يتأثر المستثمرين محليين كانوا أو أجانب نتيجة تلاعب الدولة فى الأسعار بما يفقدهم إمكانية المنافسة والحفاظ على ممتلكاتهم. ويطلق على هذا الأثر السلبي إقتصاديًا تشوه آليات العرض والطلب.
ثانيَا: تحمل المواطنين لتكلفة خسائر الشركات العامة. فى تقرير صدر عن مركز معلومات قطاع الأعمال العام خلال عام 2009 بعنوان "ملخص أداء شركات قطاع الأعمال العام 2008/2009" ذكر التقرير (أن هناك 46 شركة خاسرة من شركات قطاع الأعمال العام خسائرها تقدر بـ 2872 مليون جنية مصرى)، أما الخسائر المرحلة من العام المالى 2010/2011 بلغت قيمتها 29126205 وذلك طبقا، لما نشرته مركز معلومات قطاع الأعمال العام فى تقرير بعنوان "إجمالى شركات قطاع الأعمال العام قائمة المركز المالى". ومن الأرقام السابقة يتضح بما لا يدع مجال للشك أن شركات القطاع العام وبشكل خاص شركات قطاع الأعمال العام تخسر خسارة بالغة وهو ما يقوم المواطنين والقطاع الخاص بتغطية هذه الخسارة من الضرائب والرسوم المرتفعة أو حتى سداد الديون التى تقترضها الدولة لسداد هذا النوع من الخسارة المتتالية والمتراكمة.
ثالثَا: حماية الدولة لمنشأتها وإلحاق الضرر بالقطاع الخاص عن طريق إستثناء ممتلكات الدولة من قواعد وقوانين المنافسة العادلة والشريفة. النقطة الثالثة تتمثل فى أن الدولة تحمي نفسها مقارنة بالمنافسين،فبإمتلاك الدولة للجهاز التشريعي فهي تشرع قوانين تضمن حماية القطاع العام مقارنة بكافة الأعمال الأخرى التي يقوم بها المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، فنجد على سبيل المثال أن قانون 3 لسنة 2005 والذي يعطى الحق للدولة بعدم الإلتزام بقواعد القانون الخاصة بالمنافسة بما يضر بالمنافسين من القطاع الخاص ويضمن للدولة الحماية حال إرتكابها لأي سياسة إحتكارية.
رابعَا: زيادة الأعباء الضريبية على المواطنين والأعمال الخاصة، تقوم الدولة بكافة مصروفتها عن طريق الضرائب المباشرة وغير المباشرة والتي تقوم بتحصيلها من المواطنين بكافة أعمالهم أو الأعمال الخاصة، ولما كانت الدولة فى حال إمتلاكها لأدوات ووسائل إنتاج تحتاج إلى أموال لبدأ هذا النوع من المشروعات، فأنه لا بديل لديها إلا تحصيل قيمة المشروع من المواطنين قسرًا وإن كانت هذه المشروعات تخسر فعلى الدولة تغطية هذه الخسارة من المواطنين بشكل قسرى أيضا، ففى جميع الأحوال تقوم الدولة بطرح عدد من الشعارات الذائفة فى هذا الإطار هادفة إلى تحقيق مكاسب سياسية يقوم المواطنين والقطاع الخاص بتغطية تكاليف هذه المشروعات فى النهاية.
خامسَا: التحكم فى الحرية الفردية للمواطنين, في كتابه الطريق إلى العبودية وصف فرديرك فون هايك كيف أن دخول الدولة فى المجال الإقتصادي يؤدى بما لا يدع مجال للشك بالإنتقاص من الحرية الفردية للمواطنين، وفى هذا الشأن نود أن نطرح مثال بسيط لحضراتكم، على سبيل المثال نجد أن الدولة حال إمتلاكها لوسائل الإعلام فى مصر فهى دومًا ما تردد وتجمل وتؤيد السلطة على إختلافها، وعلى العكس من ذلك نجد أن وسائل الإعلام الخاص هو الوسيلة الأهم فى الوضع المصري للحفاظ على مساحة الحرية والنقد وحتى المعارضة فى كثير من الأحيان، لذا فأحد الأسباب التي نسوقها للرد على السيد وزير الإستثمار ولوضعها أمام الرأى العام المصري والجماعات المؤثرة فى صناعة القرار تتلخص فى أن خروج الدولة من المجال الإقتصادي هو أمر بالغ الأهمية للحرية الفردية وحجم الدولة هو مرادف طبيعي لمساحة الحرية الفردية لدى المواطنين فى أى من الدول.
سادسًا: إمتلاك الدولة لوسائل وأدوات الإنتاج يؤدى إلى زيادة البطالة المقنعة والإضرار بفرص الإستثمار، تقوم الدولة بتعيين مئات بل والآف من المواطنين كل عام متفاخرة بهذا الأمر، وهو فى الحقيقة لا يخرج عن كونه بطالة مقنعه، فنسب الأجور فى القطاع العام كما يعلم الجميع متدنية إلى أبعد الحدود بما لا يسمح للمواطنين بحياة أفضل وإيضا نسبة العمل مقارنة بنسب الإنتاج ضئيلية بشكل ملحوظ، وفى الحالتين تضحى حياة المواطنين العاملين فى القطاع العام بائسة فهم أقرب لوضع ودخل العاطلين عن العمل ولكنهم ضمن العاملين فى الدولة ويطلق عليهم إقتصاديًا فى هذا الشأن بطالة مقنعه، على الجانب الأخر يؤثر إمتلاك الدولة لشركات كشركات قطاع الأعمال العام إلى التقليل من فرص القطاع الخاص فى بداية مشروعات جديدة يمكنها أن توفر فرص عمل لائقة بأجور جيدة، وذلك بسبب صعوبة مناخ المنافسة بسبب تدخل الدولة وحمايتها لنفسها من المنافسة العادلة والشريفة وإعطاء الحق لها دون منازع بإرتكاب ممارسات إحتكارية.
وفى نهاية هذا البيان نود أن نؤكد أن المركز المصرى لدراسات السياسات العامة، يرفض تصريحات السيد الوزير/ يحيى حامد. وزير الإستثمار، ونؤكد على أنه يجب على الحكومة مراجعة هذا الأمر والعودة إلى برنامج الخصخصة مع ضرورة تلافى كافة العيوب التى تمت خلال الفترة الماضية والتى كان عليها صخب إعلامي ورفض من المواطنين فى بعض من خطواتها، وضرورة تبني مشروع واضح للخصخصة وطرحه على المواطنين والقوى السياسية المختلفة وخلق توافق مجتمعي حول المشروع ومن ثم البدأ فى تنفيذه، وفى النهاية نود أن نؤكد على أنه لا يجوز للدولة أو للحكومة القيام بأى خطوات فى شأن الخصخصة إلا بعد طرحها على المواطنين والتأكد من الموافقة المجتمعية على البرنامج من مختلف القوى السياسية والإقتصادية الموجودة بالمجتمع، وذلك بالرغم من إيماننا الكامل بأن سياسات خروج الدولة من السوق كمنتج هى السياسات الأمثل لكننا وفى نفس الوقت نرى أنه لا يمكن لأى دولة أو حكومة تنفيذ برامج قسرًا على المواطنين.