الدكتور عادل عامر
شهد مجال الاتصال السياسي تطورات في الأربعين سنة الماضية ليس في مجال البحث العلمي فقط، بل امتدت لتشمل الإصدارات العلمية المتخصصة و التدريس في الجامعات و المؤسسات التعليمية و التخصص المهني و الممارسة التطبيقية في المؤسسات المتخصصة، مثل مراكز البحث و الدراسات السياسية و الإستراتيجية. ففي مجال البحوث بدأت في الخمسينات الميلادية من هذا القرن و كان الاهتمام منصبا على موضوعات ذات علاقة ذات وثيقة بالاتصال السياسي مثل تأثير التلفزيون في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1952 و تقويم الأثر المصاحب لاستخدام أساليب الدعاية و تحليل مضمون اللغة السياسية المستخدمة في الانتخابات.
و قد تنوعت موضوعات البحث في مجال الاتصال السياسي في السنوات التي تلت منتصف هذا القرن، و بلغت الذروة في اهتمام الباحثين و المتخصصين بها و بخاصة حملتي الاتصال و العلوم السياسية. ففي عام 1972 أصدرت مجموعة من أساتذة الاتصال في الولايات المتحدة الأمريكية قائمة ببلوجرافية بأسماء بعض الدراسات و البحوث التي أجريت في مجال الاتصال السياسي بلغت أكثر من ألف دراسة علمية و بعد ذلك بعامين. أي عام 1974. قام ثلاثة من الباحثين الأمريكيين المتخصصين في الاتصال السياسي بحصر البحوث و الدراسات التي تناولت الاتصال في الحملات الانتخابية السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية و بعض الدول الأخرى فكان مجموع ما استطاعوا حصره من البحوث و الدراسات يزيد عن 1500 دراسة متخصصة. هذه الدراسات و غيرها من البحوث التي تلتها و بخاصة في عقد الثمانينات الميلادية من هذا القرن لم تعد مقصورة على البحث في موضوع الاتصال السياسي كأحد المتغيرات التي تدرس العلاقة بين الحكومة و المجتمع فحسبه، بل توسعت لتشمل موضوعات متعددة و متنوعة مثل اللغة السياسية، الخطابة السياسية ، الإعلان السياسي، الدعاية السياسية، المناظرات في وسائل الإعلام.
و وسائل الاتصال التنشئة السياسية، الحملات الانتخابية، الرأي العام للدول و الحكومات، الحركات السياسية، العلاقة في الحكومة ووسائل الاتصال، و غير ذلك من الموضوعات التي تفرضها الظروف التي تمر بها المجتمعات المعاصرة فقد تنبه بعض من هذه الأخيرة على تباين أنظمتها السياسية واتجاهاتها الفكرية نتيجة كل ذلك إلى أنها قد أصبحت بحاجة إلى دعم ومساندة شعوبها لما تتخذه من قرارات وتوجهات وسياسات تنموية قائمة أو قادمة سواء كانت تلك القرارات قرارات تعالج أو تحتوي أو تسعى لتحقيق مصالح وقضايا راهنة، أو قرارات وخطط وتوجهات ذات بعد استراتيجي مستقبلي. وسواء كان ذلك على مستوى سياساتها الداخلية أو الخارجية، وما تقوم به من أعمال متنوعة في جميع الظروف والأوقات، لأنها وبدون ذلك الدعم الجماهيري من قبل مواطنيها ستبقى مهددة ومعرضة لخطر السخط والامتعاض والريبة والشك في أفكارها وتوجهاتها الراهنة أو المستقبلية، ما يمكن ان يؤدي ذلك الوضع على المستوى المتوسط أو البعيد إلى فقدانها الشرعية القائمة على الثقة، وبدون تلك الثقة تفقد الأنظمة السياسية والحكومات شرعية هي في غاية الأهمية في القرن الـ 21، ونقصد بتلك الشرعية، الشرعية الجماهيرية أو الشعبية. ينبع السلوك الخارجي للدولة من تصورها لوجود تهديد خارجي يهدد أمنها القومي أو يهدد بعض أهدافها السياسية.عندما يسيطر شعور التهديد على دولة ما يجب وجود بعض المؤشرات الواقعية التي تبرهن على وجود إمكانيات مواجهة نحو إلحاق الأذى بالطرف المستهدف بالتهديد ووجود نية مبيتة على الإيذاء.أن امتلاك الدولة مستوى معينا في إمكانيات القوة قد يشجعها على تبني أهداف ذات طبيعة تهديديه للآخرين.إن سعي الدولة إلى تنمية إمكانياتها من القوة عادة ما يكون في إطار هدف معين تحاول تحقيقيه مما يدفع الدول إلى التشكك في نوايا هذا النوع من الدول. وحتى يتحقق لها ذلك فإنها أخذت تسعى جاهدة إلى حل مشاكلهم والاستجابة لمطالبهم ورغباتهم وطموحاتهم المتنوعة من خلال مجموعة من الخطط والبرامج، وهو ما يطلق عليه بمفهوم السياسات العامة، والتي تهدف إلى تحقيق جملة من المنافع وتخفيف المعاناة عن الغالبية منهم،
وبالتالي يمكن تعريف مفهوم السياسات العامة بأنها: مجموعة البرامج والخطط التي تقوم بها الحكومة بهدف حل مشاكل أو للاستجابة لمطالب معينة لمواطنيها. عدم كفاءة قنوات الاتصال : فالبنى الاتصالية الأساسية تشكو من النقص في معظم الأقطار العربية في الاحتياجات التكنولوجية و المعدات الضرورية من حيث الإنتاج والصيانة... و ما زالت وسائل الاتصال المتوفرة متمركزة في العواصم و تغطي في إرسالها المناطق المكتظة و لا تولي اهتماما كافيا لسكان المناطق الصحراوية... و لم تتطور بعد عملية الانتشار لوسائل الاتصال بظهور الصحافة الريفية و الوحدات الطباعية زهيدة التكاليف في المناطق غير المديونية و البث التلفزي القوي و الصناعة السينمائية القومية و الإذاعات المحلية و الجهوية.
إن الدول العربية لم تصل إلى درجة التشغيل الذاتي لوسائل الاتصال دون الاعتماد على وسائل الإعلام الدولية لاسيما في التقاط الأخبار و جمع المعلومات و تغطية العالم على امتداد الكرة الأرضية، و من شأنها الاعتماد على الدول الصناعية في عملية التشغيل هذه أنها أي الدول العربية "ستكون معرضة للضغوط السياسية و استخدام إنتاجها الإعلامي الذي تفرضه الاحتكارات الإعلامية الدولية.
وما (يميز السياسات العامة هو شمولية نتائجها لشرائح واسعة من أبناء المجتمع ان لم يكن المجتمع كله، مما يحتم الاهتمام بصياغتها أو رسمها بشكل يؤدي إلى زيادة فرص نجاحها وتحقيق المنافع المتوقعة عند تنفيذها، وتقليل احتمالات فشلها إلى أقل نسبة ممكنة، فالسياسات العامة التي تصاغ بشكل دقيق بالاعتماد على معلومات ومعطيات صادقة وصحيحة، ومن خلال شخوص مناسبين ومتخصصين ولديهم ملكات الإبداع والتفكير المستقبلي ـ وبمشاركة من قبل المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني وجل طوائف المجتمع ـ تجنب المجتمع الكثير من التضحيات والآلام والإحباط والسخط الذي يمكن ان يصاحب تنفيذ السياسات العامة الفاشلة أو المرسومة بشكل غير صحيح). وتعد مراكز استطلاع الرأي واحدة من أهم الوسائل الحديثة لتحقيق أهداف وتوجهات السياسات العامة بشكل سليم وطريقة تزيد من فرص نجاحها وتحقيق المنافع المتوقعة عند تنفيذها، وتقليل احتمالات فشلها إلى أقل نسبة ممكنة على مختلف المستويات من خلال المشاركة الجماهيرية أو المشاركة السياسية،
و(يعتبر قياس الرأي العام المجتمعي إحدى أهم القنوات المهمة في المجتمعات التي تحاول كشف توجهات ورؤى المواطنين حيال القضايا المختلفة، والتي تكون بحاجة إلى التطوير أو إلى إصدار نظام يقنن توجهها أو يعالج القصور الذي أصاب وظائفها بهدف تصحيحها) كما تمثل (استطلاعات الرأي العام ابتكاراً اجتماعيًّا لا يمكن فصله عن النسيج المؤسساتي، ويعد وسيلة للتأكد من عادات وأولويات وميول الأفراد والجماعات الاجتماعية المختلفة، وأصبح هذا الابتكار يحتل مكانة مهمة في الدول الصناعية والمتقدمة، بل يعتبره البعض مؤشرا أساسيا على اتجاهات السياسات العامة في الدولة والمجتمع).
شهد مجال الاتصال السياسي تطورات في الأربعين سنة الماضية ليس في مجال البحث العلمي فقط، بل امتدت لتشمل الإصدارات العلمية المتخصصة و التدريس في الجامعات و المؤسسات التعليمية و التخصص المهني و الممارسة التطبيقية في المؤسسات المتخصصة، مثل مراكز البحث و الدراسات السياسية و الإستراتيجية. ففي مجال البحوث بدأت في الخمسينات الميلادية من هذا القرن و كان الاهتمام منصبا على موضوعات ذات علاقة ذات وثيقة بالاتصال السياسي مثل تأثير التلفزيون في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1952 و تقويم الأثر المصاحب لاستخدام أساليب الدعاية و تحليل مضمون اللغة السياسية المستخدمة في الانتخابات.
كاتب المقال دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام ومستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم امن المعلومات ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية.