الدكتورة هبة قطب
بالنسبة للرجل, ظلّت وسائل الإعلام لـزمن طويل, تُبرز التدخين في صـورة جذّابة مُبهــرة، فهو علامــة على إكتمال الرجولة, ونُضج الشخصية والصلابة في مواجهة الشدائد.
ولم تدّخر شركات السجائر وسعًا في الإعلان عن إنتاجها والترويج له في صورة تسحر عقول الشباب حتى تسقطهم في حبالها, ولكن في الحقيقة أن التدخين له تأثيـر سلبي على القدرة الجنسيــة والقدرة على الإنجــاب وهنــاك بعــض الأبحاث والدراسات قام بها الباحثــون حول هذا الأمر أجمعت بما فيه الكفاية على تأثير التدخين الضــار على الناحية الجنسية سواء من حيث الرغبة الجنسية أو من حيث القدرة الجنسيـة أو القـــدرة على الإنجاب وتشير الدراسات إلى تأثير التدخين على كل من:
الانتصاب, و قد يؤثر التدخين على القدرة على الإنتصاب لدى الرجل، إذ يرتفع معدل هرمـون النورادرناليــن في الدم مع التدخين، نتيجة لتأثير مادة النيكوتين على الجهاز العصبي السمبتاوي، مما يحــدث نوعًا من الإرتخاء يصاحبه إرتفاع في الضغط, وتوتر ورعشة في اليدين وإزدياد عدد ضربات القلب وجميع هذه الأعراض تؤثر في المدخن وقد تفقده الرغبة في ممارسة الجنس.
و القدرة الجنسية بالإضافة إلى ذلك فإن ضعف كفاءة الرئتين عند المدخن يجعله سريع (النهجان) والفتــور مما يضعف من قدرته على مسايرة النشاط الجنسي وتحمل أعباء المعاشرة الجنسية.
علاوة على أن أثار التدخين القبيحة كإسباغ الأسنـان بلون القطــران، ورائحة النفس المنفــرة تقلل من الجاذبية الجنسية للشخص المدخن.
وبالنسبة لأثر التدخين على البروستاتا في المدخنين، نجد أنّه لم يثبــت بصفـة قاطعــة وجــود علاقــة بينهما, وأن كان بعض العلماء قد لاحظ زيادة تضخم البروستاتا في المدخنين مما قد يؤدي إلى إنحبــاس البول وحدوث التهابات في مجرى البول. كما أن تضخم البروستــاتا قد يُمهد لظهــور ورم ســرطاني بهـا يستوجب أستئصاله جراحياً.
و لقد أظهرت العديد من الدراسات التي أجراها الأخصائيون والباحثون أن هناك علاقة هامة بين تدخين السجائر والإستنشاق لدخناها وسرطان المثانة ( للرجال فقط ) كما ثبت في بعض تلك الدراسات وجود صلة بين التدخين وسرطان البروستاتا أيضًا.
وأثبتت بعض الدراســات أن التدخين يؤثر على الحيوانــات المنويــة، إذ انه يقلل من عددهــا ويحد من
قدرتها على الحركة والمناورة التي تمكنها من تلقيح البويضة. وقد أشارت هذه الدراسات إلى إحتمال أن يكون للنيكوتين تأثير سام على الحيوانات المنوية.
ويُعلق دكتور ( جوستريان ) على هذه الناحيــة قائلًا : أن التأثيــر الضار للتدخين على حيوية الحيوانات
المنوية تأثير مؤقت أي يزول عن المدخن بعد الإقلاع عن التدخين، فبعد حوالي 6 – 10 أسابيــع تعود الحيوانات المنوية إلى طبيعتها.
و بالنسبة للمرأة يحاول منتجو السجــائر من خلال إعلاناتهــم أن يظهـــروا أن السيــدة المدخنــة تتميز بنصيــب وافــر من الجاذبية الجنسيــة، ويصفونها بالتحرر والطمــوح والإنطلاق، ويُحاولون بكل وسائل الخداع جذب أكبر عدد ممكن من السيدات بدعوى أن التدخين يعالج السمنــة ولكن الحقيقــة أن التدخيــن له مســاوى عديدة بالنسبة للمرأة.
وهي أن تأثير التدخين على الرغبة الجنسية للمرأة كان مثــار إهتمــام كثير من العلمــاء والباحثيــن. ورغـم صعوبة الحصول على معلومات وإحصائيات دقيقة أو نتائج موثوق بها يمكن تعميمها في هذا الموضوع، فان البيانات المتوافرة تشير إلى أن التدخين المستـمـر يقلل في كثيـــر من الأحيــان من رغبة المـرأة الجنسية, وخاصة في السيدات المدخنات لشيشة ( النرجيلة ) والجـوزة, وقد أكدت الدراسات المختلفة أن التدخين يصحبه جفاف المهبل، مما يُفسر كيفية تأثيره على مستــوى الإستجابة الجنسية في المرأة.
و تشير الدراسات إلى أن التدخين يقلل من الخصـوبة المــرأة. فقد ثبت إنخفــاض قدرة المرأة المدخنة على الإنجاب بواقع 50% بالمقارنة بمثيلتها غير المدخنــة, وقد أعطى بعض العلمــاء تفسيرات مختلفة لذلك منها: تأثيره على
و التدخين له أثارة الضارة على المبيض, إذ قد يقلل من إفراز البويضات. وأحيانا يؤثر في قدرة البويضة المخصبة على التعــلق بجــدار الرحم.
وتزداد حالات الحمل خارج الرحم مع التدخيـن وتُصاحبهــا عادة مضاعفــات, والآم مبرحة تتشابه مع الآم إلتهاب الزائدة الدودية وتحتاج للتدخل الجراحي العاجل.
كما أشارت بعض الدراسات إلى أن مركب البنزوبيرين الذي يدخل في تركيب مادة القطران في السجائر قد يحدث خللا في هرمونات الأنوثة. ويُقلل من معدل إفرازها مما يؤثر على درجة الإخصــاب في المرأة المدخنة ويُضعف من قابلية البويضة فيها لعملية التلقيح وبالتالي تتضاءل فرصة تعرضها للحمل.
ومن ناحية أخرى, فقد ثبت أن التدخين يؤثر على إنتظـام الدورة الشهريــة في المرأة ويختلــف ذلك من مدخنة لأخرى. فبعض المدخنات يزداد لديهن الحيض والبعـض الأخر يحدث لهن العكـس. كما يقل إنتظام مواعيد الدورة الشهرية نتيجة الإنعكاســات النفسيـة كما تؤثر تأثيــرًا نفسيًا مباشرًا على فسيولوجيــة الدورة.
ومن أثار التدخين الضارة على المرأة، ما لاحظه بعض العلماء من زيادة التهابات المهبل وعنق الرحم في المدخنات وكذلك شيــوع الأمــراض التناسليــة فيهن بالمقارنـة بغير المدخنــات ( تريكوموناس والتهابات المبيض، وأنابيب فالوب ) ويعـزو العلمــاء ذلك إلى أن التدخين يُقلل من مناعــة الجسم ضد الميكروبات، وأن النيكوتين بالذات له أثر سام على الغشاء المخاطي للجهــاز التناسلي الأنثــوي مما يجعله عرضــة للالتهابات المتكررة.
كذلك لوحظ زيادة معدل سرطــان عنق الرحــم وسرطــان المبيـض في المرأة المدخنة، وتشير التقاريـر الطبية إلى أن الإقلاع عن التدخين يقلل من الإصابة بهذين النوعين من السرطان ويحد من خطورتهمـا.
وقد يكون من المفيد أن نتعرف على بعض التجــارب العلميــة التي توضــح التأثير الضار للتدخيــن على الناحية الجنسية حيث حقنت بعض فئران بمقادير بسيطة من النيكوتين فارتفعت نسبة العقم فيها ارتفاعًا ملحوظــًا.
وحتى من قُدّر لها أن تنسل منها ظهر العقم في سلالاتها بعد ذلك.
وذكر ( جاكمار ) أن أحد موظفي فابريقات التبغ التابعة إلى الحكومـة الفرنسيــة, أصيــب بالعجز التــام عن الجماع فلما إستقال من وظيفته, وإنقطع عن التدخين عادت إليه قواه الجنسية.
ولوحظ أن أكثرية من يشتغلون في مصانع الدخان يحدث لهم أنواع مختلفة من الضعف التناسلي – وبعضهم إذا إنسلوا أطفالا – تموت ذريتهم في مستهل حياتها.
وثبت أن النساء المشتغلات في مصانع التبغ – إذا قدر لهن الحمل – يلدن غالبا قبل الميعاد – أو يحصل لهن ( السقط ) الإجهاض.
ونكتفي بهذه التجارب العلمية ونختمها بجملة ( جوتكور ) التي قالها في هذا الصدد " توجد عداوة بين المرأة والتدخين ، فمن أحب طرفًا منها فقد أضاع الطرف ".