توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

... أن نتعلّم من اعداءنا

  مصر اليوم -

 أن نتعلّم من اعداءنا

بقلم - حازم صاغية

 لماذا ليس من «نيويورك تايمز» الأميركيّة أو «غارديان» البريطانيّة أو «لوموند» الفرنسيّة؟

لأنّ المجتمع الإسرائيليّ، أي مجتمع «هآرتس»، أقلّ تقدّماً وأقلّ ديموقراطيّة من مجتمعات الصحف المذكورة. ولأنّنا في حالة عداء مع الدولة الإسرائيليّة ذات الممارسات الاستيطانيّة والعنصريّة حيال الشعب الفلسطينيّ. إذاً، القياس هنا ليس مع حالات سهلة أو مع موضع إجماعات. وهو ليس من قبيل التبشير القديم والمضجر الذي عرفته الثقافة العربيّة: «تشبّهوا بما يجري في الغرب البعيد. لماذا أنتم مختلفون؟».

مع «هآرتس» الجارة جغرافيّاً، يصعب العثور على نقد صارم لتلك الممارسات الإسرائيليّة ولنزعتها الشوفينيّة والحربيّة كالذي نجده على صفحاتها. هذا فضلاً عن نقدها الفسادَ والشعبويّة في بيئة الحكّام الإسرائيليّين، وبالطبع إدانتها الصريحة والثابتة والتي لا مواربة فيها لبنيامين نتانياهو وحزبه ووزرائه، وأيضاً لقادة الأحزاب المعارضة.

الدعوة إلى التعلّم من «هآرتس» جارحة لنرجسيّتنا، أو هكذا، في حدّ أدنى من الحساسيّة، ينبغي أن تكون. لكنّ بعضنا الكثير يؤثر الردّ على الجرح بالمكابرة و «الشنفخة»، مؤكّدين على انعدام أثرها بسبب ضعف توزيعها (فيما تُغلَق صحفنا)، أو على أنّها صهيونيّة هي الأخرى، لا تقول بتحرير فلسطين وإزالة إسرائيل من الوجود، أي بإزالتها هي نفسها!

حسناً... هذا يجعل الدعوة إلى التعلّم منها أشدّ إلحاحاً، لا سيّما اليوم.

فاليوم، في العالم العربيّ كلّه، وباستثناء بلدان قليلة جدّاً كلبنان والعراق وتونس، يستحيل نقد الحاكم أو حتّى تسميته من دون إرفاق الذكر بأفعال التفضيل في صيغتها الأكثر انتفاخاً بالمجد. ومن ذاك اللقاء بين جوع الحّكام إلى المديح، وهو جوع لا يشبع، واستعداد الكتّاب إلى المدح، وهو أيضاً استعداد لا يشبع، يتشكّل وضع قاتل ومهين للطرفين. الأمر عندنا كان دائماً كذلك، لكنّه لم يكن مرّة كما هو اليوم.

وحين يكون الحاكم والناشر والمحرّر شخصاً واحداً تقريباً، أو حين تنعدم المسافة بين الثلاثة، تكون النتيجة ما نراه الآن وما نعيشه ممّا تجهد اللغة لوصفه. هذا ما ينبغي أن يُقلق الحاكم الذي جعل صدى صوته الصوتَ الوحيد الممكن الوجود، واكتفى من الاستنتاجات الكثيرة التي يضجّ بها عالمنا الراهن باستنتاج وحيد هو أنّ الثورات العربيّة تركتْه غير ممسوس، بل أقوى ممّا كان. هكذا بات يستطيع أن يفعل ما يشاء متذرّعاً بمكافحة الإرهاب أو بمكافحة التطرّف الإسلاميّ، والاثنان واحد في الغالب، فيما يتطوّع بيننا المتطوّعون للقول إنّ مَن يتجاوز الكبيرة كبيرٌ بالضرورة، وهو تالياً لا بدّ أن يتجاوز الصغيرة بنجاح يُحسد عليه. والناجح، في هذا الحساب، هو المُحقّ. البرهان: أنّه نجح.

فلنذكّر بأنّ «هآرتس» تصدر أيضاً في منطقة مضطربة لا ينقصها التوتّر والنزاع والدعوات إلى التلاحم من أجل الشعب والأمّة والقضيّة.

ولنذكّر بأنّ الإسرائيليّين ليسوا أكثر استحقاقاً منّا لحرّيّة التعبير. ألا يثير تفوّق العدوّ الكريه غيرة أحد؟

نقلا عن الحياة اللندنية

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 أن نتعلّم من اعداءنا  أن نتعلّم من اعداءنا



GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 15:22 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

فصل من مذكرات الصحفي التعيس

GMT 13:41 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

مقتل المرء بين فكّيه

GMT 16:14 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

الاعلام الايجابي والاعلام السلبي

GMT 15:34 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

خانه التعبير واعتذر.. فلِمَ التحشيد إذن!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon