توقيت القاهرة المحلي 09:14:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فصل من مذكرات الصحفي التعيس

  مصر اليوم -

فصل من مذكرات الصحفي التعيس

صالح المنصوب
بقلم : صالح المنصوب

كنت شديد الأيمان منذ بداية مسيرتي الصحفية ان أبقى وفيا للذاكرة والذكريات ، فمنذ ايامي الاولى كان قدري ان اعيش حياة اليتم ، لم احصل على حنان الأم التي لم أعرفها ابدا رحلت وانا طفلا صغيرا ، كتب لي العيش سنوات من القهر والوجع واليتم، مع الجده والجد رحمهما الله الذي تولوا تربيتي .كانت والدة أمي هي أمي وأبي واعطتني من الحنان والشفقة الكثير ، وظل عطفها وحنانها في ذاكرتي مستوطن الى اليوم ،ظليت هكذا من أول عام لطفولتي الى اللحظة ، كانت حياتي مشردا هناء وهناك كل عمري مواجع وأحزان .

لكن بذكريات الجده اقتبس جذوة النور والدفىء الروحي بحنانها الحقيقي .

تعلمت من وجع الأيام الكثير الصدق والأمانة و التواضع والإحساس لمعاناة الناس و الإرادة سلاح للطموح والنجاح .

كانت أيامي كلها مواجع وقهر، ابحث عن ريالات فلم اجدها لقساوة ما أعيش وتعرضت لهجوم معنوي يحتاج مئات الصفحات لسردة ،كان حلمي كبيرا يفوق التصورات وتبدد جزاً من حلمي الكبير.

 نمت وانا افترش كرتونا من مخلافات حانوت احد التجار وكانت وسادتي مجمعات ثياب عفى عليها الزمن، لم تفارقني الاحزان يوما وتهزيأت الناس ومع هذا لم انحني او انكسر.

كان قدري الذي انا شديد الايمان به ان اعيش ايام الألم وحيدا بعد ان التهمت النار جزء من جسمي مكافئة لي في حانوت قضيت سنوات من العمر فيه ، فقدت حنان امي الذي لا اعرفها. وكان قدري ان اناضل من لاشي بتحدي لمواجع الحياة عملت في مهن عدة وتنقلت هناء وهناك لمواجهة متاعب الحياة، هددت وتخلى عني الجميع لانني كنت متيم وغارق بوطنيتي الذي اوجعتني.

 
تعلمت دروس كثيرة في الحياة سقلت من مواهبي وزادتني قوة وصلابة ، فقدري الذي اقتنعت فيه ان اعمل طوال اليوم من اجل التعليم واجمع ريال فوق آخر لأدفع رسوم الدراسة، وتحمل اعباء الأسرة ،كان حلمي ان اكون كاتبا ولي اسم في الصحف في محيط لا تجد فيه صحفيا او كاتبا .

كان قدري ان التحق بمهنة المتاعب وزادتني وجع مضاف لوجعي بدأت كتاباتي لمعاناة الناس ونقل همومهم ومن القرية انطلقت واصبحت صحفيا كان حلمي ان أطل على قنوات واكتب في صحف محلية وخارجية وهذا ما تحقق، مدركا ان الإرادة هي خلف كل نجاح.

شاركت الناس همومهم وأوجاعهم السجناء، والمهمشين والموجعين بمواقف عدة ، استمعت لهموم الطفل بائع البيض القادم من زبيد والطفل الذماري الصغير صاحب ادوات الطهي والمجنون الذي تخلى عنه الجميع شاركت الأطفال افراحهم ، طرقت باب الخير لمساعدة الناس وأراد الله ان يتحقق.

انتكاسة ومعاناة عشتها في اول مشواري وتعذبت وكدت أن أهزم نفسيا وألحق بقائمة المجانين ، لكن لم انحني أو استسلم لأني اعرف ان القدر ليس بيدي وان الله على كل شيء قدير.

كل يوم أتعلم وأعيش مع خير جليس ومن قرأتي لمذكرات السعدني وشقاوته وجدت نفسي اكثر شقاوة منه، وروايات نجيب محفوظ ومجلة العربي كانت منهلي. أما الزعيم جمال عبدالناصر فقد قرأت لأكثر من كاتب عن حياته النضالية وتأثرت به وفكرة وأحببته الى حد كبير.

تغيرت نظرتي للحياة فكانت تلك الأيام هي الأحلى بالرغم من وجعها هي تلك التي كان صعبا ان تحصل على الريال بسهولة.

توسعت علاقتي بأصحاب الصفات لكن لم يغيروا شيء من حياتي بالرغم من حبي الكبير لهم ، القدر والمكتوب بيدالله ، لكن يكفيني ان علاقتي بالله كبيرة واعرف ان كل خطوة في الحياة هي منه.

يتصور البعض ان لي ثروة ووظيفة تساعد أسرتي بالعكس لم يكن لي متر في أرض او وظيفة ،وتركتي الوحيدة هم اطفالي السته ، كان طموحي كبير لكن قدري كان حائل دون ذلك، فثروتي هي الحب للناس والوفاء والصدق ومقارعة الظلم والوقوف في صف المظلومين.

 

قساوة الحياة جعلتني اختار طريقي الذي ترضي الله واسعى نحو اسعاد الناس لأنني عرفت معنى الحزن والوجع ولازالت أثارة باقية الى اليوم، منها تعلمت ان لا استسلم ولا أعادي أحد ، تهم تلاحقني وتهديدات ومحاولات استمالتي لأطراف للعمل لحسابهم لكنني رفضت ذلك و ثقتي بالله وبالقدر تزيدني صلابة .

طموحي مستمر وإرادتي لاتنكسر بالرغم من القهر ، عرفت ما لايعرفه الكثير وتبخرت احلامي ، ناس تجوع وناس تموت وهناك من لايلتفت لهم.

أشكر كل من قوف الى جانبي معنويا وماديا الذي يجب أن اعترف انني بدونهم لا شيء.

هذا جزء من مذكرات الولد التعيس الذي حقق جزء من أحلامه وكتب له أن يكمل المشوار الذي بدأ في أيامه الأولى و مهما كانت التحديات لن نكون في مؤخرة الركب وسنواصل والله خير حافظا وهو ارحم الرحمين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فصل من مذكرات الصحفي التعيس فصل من مذكرات الصحفي التعيس



GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 13:41 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

مقتل المرء بين فكّيه

GMT 16:14 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

الاعلام الايجابي والاعلام السلبي

GMT 15:34 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

خانه التعبير واعتذر.. فلِمَ التحشيد إذن!

GMT 13:16 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

... أن نتعلّم من اعداءنا

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:27 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني
  مصر اليوم - ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني

GMT 00:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف عن مشاركته في دراما رمضان المقبل 2025
  مصر اليوم - محمد فراج يكشف عن مشاركته في دراما رمضان المقبل 2025

GMT 06:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان
  مصر اليوم - غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 12:57 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 10:39 2021 الأحد ,09 أيار / مايو

إطلالات شرقية لرمضان من وحي فاطمة المؤمن

GMT 17:26 2021 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

بايرن ميونخ يصف محمد صلاح بأنه "ميسي أفريقيا"

GMT 12:11 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ميلان يعلن إعارة كولومبو لـ كريمونيزي الأمريكى كولومبو

GMT 03:17 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فيديو تفاعلي يتكيف مع حركة الجسم أثناء التمارين

GMT 16:43 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أخطاء تفعلها عند ارتداء الكمامات

GMT 03:12 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

المعهد الأميركي يكشف السيناريو المرعب لـ"كورونا"

GMT 07:29 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

صلاح مع قطة تحصد نصف مليون إعجاب في ساعات

GMT 06:31 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الثلاثاء 13 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 05:06 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح ديكور هادفة إلى تنسيق حدائق منزلية

GMT 08:41 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وصلة رقص لـ ساويرس على أنغام رايحين نسهر لـ محمد رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon