بقلم - محمد نبيه الغريب
الجامعات معقل الفكر الإنساني ومصدر للاستثمار والتنمية لأهم ثروات المجتمع على الإطلاق وهي الثروة البشرية.. ولذلك يشكل أساتذة الجامعات قطاعًا من أهم قطاعات المجتمع.. ومن ثم صار واجباً على الدولة رعاية أعضاء هيئة التدريس في كافة المجالات وخاصة الرعاية الصحية..
وللحقيقة فإن المشرع المصري كان منصفًا في صياغته للمادة 94 من القانون 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات المصرية والتي تكفل علاج أعضاء هيئة التدريس على نفقة الدولة.. وفي الواقع فإن الجامعات لا تدخر جهداً في مجال علاج أعضاء التدريس على نفقة الدولة داخل وخارج البلاد وأنا واحد من الذين إستفادوا وتمتعوا بهذه الرعاية.. وهذا فضل للدولة على ودين لها في رقبتي ماحييت..
والجامعات الكبرى مثل جامعة القاهرة وعين شمس لها مستشفيات على درجة عظيمة من التجهيز مثل القصر العيني الجديد ومستـشفى عين شمس التخصصي.. وهذه المستشفيات لا تقـل عن مستشفيات الخارج وأفضل كثيراً من عدد كبير من المستشفيات الخاصة سواء من ناحية الفندقة أو التجهيزات أو الخبرة الفنية للقائمين بالعمل بها.. وأعتقد أن باقي الجامعات تعالج أعضاء هيئة التدريس العاملين بها في مستشفيات خاصة بها..
أما في جامعة طنطا فالوضع مختلف تماماً.. فعلى الرغم من أن كلية طب طنطا أنشأت سنة 1962 وكانت تابعة لجامعة الإسكندرية قبل إنشاء جامعة وسط الدلتا في عام 1973 إلا أنه لم يتم بناء أو تخصيص مكان لائق داخل المستشفيات الجامعية لعلاج أعضاء هيئة التدريس...ومما يدعوا إلى الغرابة أن نصف عدد الأساتذة الذين تولوا رئاسة الجامعة في السنوات الماضية كانوا أساتذة بكلية الطب..!
ومع بداية إنشاء الجامعة كان أعضاء هيئة التدريس يعالجون بمستشفى مبرة طنطا التابعة لهيئة التأمين الصحي ... وكانت الجامعة تتحمل فرق تكاليف الإقامة بين الدرجة التأمينية والدرجة الممتازة..! ولكن مع زيادة عدد أعضاء هيئة التدريس، تعاقدت الجامعة مع عدد من المستشفيات الخاصة بمدينة طنطا لعلاج أعضاء هيئة التدريس بها.. وبدأ التعاقد مع مستشفى واحدة وبدلاً من أن تدبر الجامعة مكاناً في مستشفياتها ضاعف عدد المستشفيات التي تعاقدت معها عدة مرات وتعاقدت مع بعض المراكز المتخصصة في مدينة طنطا..!
وبمراجعة بسيطة للمستشفيات التي تعاقدت معها الجامعة وجدت أنها جميعاً بأسماء عائلات لها أصول أو فروع أو كلاهما من بين أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم يعملون في كلية طب طنطا، بل أن عدد منهم كان من أصحاب اليد العليا..!
ومن الظواهر الملفتة للنظر أن الجامعة تمتلك حالياً مستشفى خمسة نجوم تسمى المستشفى التعليمي الجديد وفيه جميع وسائل التشخيص المتطورة وعناية مركزة مجهزة بأحدث التقنيات وغرفتين للعمليات ويمكن تخصيص عدد من أسرة تلك لعلاج أعضاء هيئة التدريس وخاصة أن سعة المستشفى تسمح بذلك وأعتقد أن تخصيص أسرة لعلاج أعضاء هيئة التدريس بهذا المستشفى سوف يدر دخلاً يساعد على الأقل في تجديد عقود صيانة الأجهزة ..! لأن استمرار الوضع بصورته الحالية يسئ إلى الجامعة بصفة عامة وإلى كلية الطب بصفة خاصة ولا يخدم سوى مصالح أصحاب المستشفيات الخاصة التي تم التعاقد معها لأن الناس قد تعتقد أن إمكانيات المستشفيات الأهلية أفضل من إمكانيات المستشفيات الجامعية لأن أساتذة كلية الطب وباقي كليات الجامعة يتم علاجهم فيها، وقد آن الآوان للحراك وكفانا انتظارا ومجاملات لأصحاب المصالح والمستشفيات الخاصة...!