توقيت القاهرة المحلي 17:17:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النص الأدبي الجزائري مقصي من الكتاب المدرسي

  مصر اليوم -

النص الأدبي الجزائري مقصي من الكتاب المدرسي

بشير خلف

إن النص الأدبي الجزائري مُغيّبٌ من قديم، وما ظهر منه منذ الاستقلال ظهر على استحياء، فحتى النصوص المقررة في كل محطات النظام التربوي الجزائري، سواء ما كانت قبل المدرسة الأساسية، أو ما بعدها فيما أُطلق عليه النظام التربوي القاعدي أو الموسوم حاليًا بمرحلة الإصلاح ..على قلة هذه النصوص لا تقدم صورة مشرفة عن الأدب الجزائري، ولا عن تطوره من خلال نصوص معاصرة أبدع فيها أدباء أحياء معاصرون، وكأن المشرفين على البرامج ينكرون بروز هذه الأقلام، أو يريدون حجبها عن الناشئة..النصوص المقررة لا تسمح بالتقاط نبضات الوجدان الجزائري، وخصوصيته الإنسانية.غالبًا ما نلقاها نصوصًا نمطية للوطنية والحماسة، وإبراز مآثر الثورة والمجاهدين..هذا نعم ونؤكده بدورنا وندعّمه، لكن هذا لا ينفي أن الإنسان الجزائري له واقع يعيشه، وله نوازع إنسانية ينبغي إشباعها من خلال النص الأدبي الجميل، وليس الوصفي أو التاريخي فحسب. وفي العام 1988 خصّص الكاتب الروائي المرحوم الطاهر وطّار ملفًّا خاصًا في مجلة " التبيين " التي تصدرها الجاحظية في العددين12/13 حول تغييب النص الأدبي الجزائري في الكتاب المدرسي، شارك في الملف الكثير من الكُتّاب ممّن يهمهم الأمر، وكلهم من القطاع. وفي العام 2000 أعدّ الكاتب والروائي ورجل التعليم خدوسي رابح ملفًّا قيّمًا حول وجود النص الأدبي الجزائري بالكتاب المدرسي، وصدر الملف في العدد الثاني من مجلة" المعلم" التي يشرف عليها آنذاك الأستاذ رابح في شهر تموز/يوليو العام 2000 شارك في هذا الملف أساتذة من القطاع، ويعرفون الكثير عن الموضوع منهم كاتب هذه السطور، والأستاذ الشاعر لخضر فلوس، والأستاذة حشمان كريمة، والأستاذة خيرة حمر العين. وحتى نتمكن من المقارنة بين ما كان عليه حال النص الأدبي الجزائري من تغييب قبل المدرسة الأساسية وأثناءها..الكل يعلم أن الحركة الأدبية والثقافية التي شهدتها الجزائر في مرحلة السبعينات والثمانينات كانت مرحلة مميّزة، سواء من حيث غناء المشهد الثقافي الجزائري، أو من حيث الإصدارات، وعلى الرغم من ذلك، فالنص الأدبي الجزائري الذي عاصر تلك المرحلة ما وجد مكانه في الكتاب المدرسي، والدليل على ذلك أن كتاب الالعام الخامسة الابتدائي الذي كان مقرّرا حتى منتصف الثمانينات قبل أن يحل محله كتاب الخامسة للتعليم الأساسي في نظام التعليم الأساسي، من بين تسعين نصا به، فإن نصيب الأدب الجزائري ثلاث نصوص نثرية جزائرية، ونصان شعريان جزائريان من بين عشرة نصوص أدبية، أمّا كتاب الالعام السادسة لتلك الفترة فقد خلا من النصوص الشعرية، ومن بين نصوصه النثرية "105 نعثر على 5 نصوص فقط لأدباء جزائريين". كما أننا اِطلعنا على الكتب المدرسية المقررة آنذاك في مرحلتي التعليم المتوسط والثانوي، ونقّبنا عن النص الأدبي الجزائري بها، وخرجنا بخلاصة قارنّاها مع دراسات أخرى أجراها أساتذة ميدانيون، لاسيّما الدراسة القيمة والدقيقة التي قام بها الأستاذ إسماعيل حاجم، ونشرتها مجلة التبيين الصادرة عن الجاحظية في العددين:12/13 من العام 1998، كلها أجمعت على أن معدّي الكتاب المدرسي في كل مستويات مراحل التعليم وسنواتها مُجمعون على إقصاء النص الأدب الجزائري، لأنه يكلفهم البحث والتنقيب، فيفضلون النصوص الجاهزة في كتب جاهزة لكُتاب وأدباء مشارقة، أو لكتاب وشعراء جزائريين من مرحلة ما قبل الثورة أو أثناءها، أضفْ إلى ذلك أغلب النصوص التي يعتمدونها يغلب عليها الوعظ والإرشاد، وكأنها تسعى إلى ترويض الناشئة بذلك. وربّما القارئ الكريم يعتقد أنه بتنصيب المدرسة الأساسية الذي كان في أيلول/ سبتمبر 1980 ومواصلة تنصيبها حتى اكتمال سنواتها بعد ست سنوات سيكون حال النص الأدبي الجزائري أحسن وجودًا، غير أننا من خلال معايشتنا الميدانية في القطاع ودراستنا للكتاب المدرسي ظهر لنا أن التغييب ظل متواصلا بدليل ما يلي: ـ إذا أخذنا كتاب القراءة في السنوات الثلاث للطور الأول من التعليم الأساسي، باعتباره الكتاب اللغوي الوحيد، فلا نجد نصوصًا أدبية سواء لأدباء جزائريين أو غيرهم، على اعتبار أن هذه المرحلة تستهدف بالدرجة الأولى إكساب المتعلمين مهارات القراءة والكتاب، وأوليات التعبير الشفهي والكتابي. أمّا مرحلة سنوات الطور الثاني"4 ،5 ،6" وهي ما يطلق عليها مرحلة التعلّم واكتشاف المحيط، وبداية الولوج في فضاء المعرفة، والتواصل بالطرق والأساليب العلمية والمنطقية المتعددة، والاستفادة من التراث الإنساني، والتفتح على الآفاق الإنسانية الأرحب عن طريق حصص التعليم العادية، وحصص المطالعة الحرة، والشبه الحرة، وحصص دراسة النصوص الأسبوعية..لتحقيق تلكم الغايات، لا شكّ أن النص الأدبي الجزائري نراه جديرًا بتكوين التلميذ الجزائري هذا النص بحثنا عنه في سنوات الطور الثاني فما وجدنا منه إلاّ أقل القليل. .في الالعام الرابعة: نص شعري جزائري واحد من بين 10 نصوص مقررة.و3 نصوص أدبية نثرية جزائرية من بين 7 نصوص جزائرية مقررة. والالعام الخامسة: نصان شعريان جزائريان من بين 8 نصوص شعرية.ونصان أدبيان جزائريان فحسب. وفي الالعام السادسة: كتاب القراءة عدد النصوص به 103 نصًا ما بين شعري ونثري نعثر به على  نصيْن أدبييْن نثرييْن جزائريْين، ونص شعري جزائري واحد، والبقية نصوص بعضها، وهي قليلة من وضْع معدّي الكتاب، والبقية وهي الأغلبية نصوص لأدباء مشارقة أغلبهم من مصر، ونصوص أخرى مجهولة المصدر. إن النص الأدبي الجزائري يكاد ينعدم ممّا هو مقرر في هذه السنوات الثلاث المهمة في تكوين الناشئة، أما النصوص النثرية الأخرى، أغلبها نصوص موضوعة من معدّي البرامج، والبقية لأدباء غير جزائريين كلهم رحلوا، وما تتضمنه هذه النصوص، حتى وإنْ كانت تدعّم مكتسبات المتعلم لغويًا، وتربطه بأبناء أمته في الوطن العربي والإسلامي، إلاّ أنها غير معاصرة وبعيدة عن خبرات المتعلم، وما يجري في محيطه، وغير وظيفية، ونؤكد أن هذه  "الكتب درسناها، وقيّمناها،وعايشنا استعمالها منذ صدرت".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النص الأدبي الجزائري مقصي من الكتاب المدرسي النص الأدبي الجزائري مقصي من الكتاب المدرسي



GMT 11:15 2023 الجمعة ,01 أيلول / سبتمبر

عام دراسي يتيم في اليمن

GMT 11:37 2024 السبت ,02 آذار/ مارس

أطفالنا بين القيم والوحش الرقمي

GMT 21:34 2021 السبت ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

في متاهات التعليم

GMT 14:13 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

العنف ضد المرأة حاجزا فى سبيل المساواة والتنمية

GMT 06:33 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

مصر ونظام جديد للثانوية العامة

GMT 13:18 2018 السبت ,28 إبريل / نيسان

نداء إلى وزير التعليم قبل وقوع الكارثة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon