توقيت القاهرة المحلي 19:12:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قطار الدروس الخصوصية في مصر

  مصر اليوم -

قطار الدروس الخصوصية في مصر

بقلم : أمير شفيق حسانين

تبدأ منظومة الدروس الخصوصية في مصر، في منتصف شهر يوليو من كل عام لطلاب الثانوية العامة، وتزداد انتشاراً في أول أغسطس لطلاب الابتدائية والإعدادية، ثم تتوقف لمدة شهر أو يزيد قليلاً مع الانتهاء من تأدية الطلاب للامتحانات، إلى أن يأخذوا قسطاً من الراحة والترفه والذهاب للمصايف، ثم يعاودون البدء في دروسهم المنزلية في ميعادها كالمعتاد..

ويتحرك قطار الدروس الخاصة من أولى محطاته برياض الأطفال مروراً بمحطة التعليم الأساسي بكلتا حلقتيه الابتدائية والإعدادية، وانتهاء بآخر محطاته، حيث التعليم الثانوي العام والفني بكافة أقسامه، والمعروف أن الهدف الأساسي والمقصود من الالتحاق بقطار الدروس الخاصة خارج المدرسة هو محاولة تقوية وتحسين الطلاب الذين يعانون من ضعف في المستوى العلمي والتحصيلي، أو هؤلاء الطلاب الذين لديهم بلادة واضحة في استيعاب ما يلقى عليهم داخل الفصل من شرح ومعلومات ومسائل، تحتاج لتفسيرها على مهل، بعيداً عن جو الفصول المزدحمة بمدارس مصر..

ولعلك تشاهد الإعلانات الورقية الملصقة على الجدران والحائط والأسوار في كافة شوارع مصر وعلى المباني والمحال التجارية، ويكثر انتشار الإعلانات في مناطق تجمع المواطنين للفت انتباههم، حيث تحمل تلك الإعلانات بيانات كل معلم، وتوضح مؤهلاته ومهاراته، بل وتوجد بالإعلانات عنوان وأرقام هواتف كل معلم للحجز والاستعلام، ويقوم كل معلم بإطلاق لقب ضليع على الإعلان الخاص به، فتقرأ مسميات مختلفة داخل كل إعلان مثل الكينج في الإنجليزية أو البروفيسور في الفرنسية أو الفيلسوف في الفلسفة، أو الإمبراطور في التاريخ، أو الفارابي في اللغة العربية، أو الخوارزمي في الرياضيات، وذلك من باب الدعاية والتفخيم لشأن ولخبرات كل معلم منهم..

وتراقب معلم الدرس الخاص، وهو يبدأ أولى خطواته العملية، بالذهاب إلى البيوت، بدراجة قديمة وصغيرة لإعطاء درس خاص لطلاب متوسطي الحال، ثم يستبدل الدراجة الهوائية، بدراجة بخارية لتوفر له المزيد من الوقت، ثم تمر السنوات، فتتحسن الحالة المادية من عائد الدروس الخصوصية، فيبادر بشراء سيارة ولو موديل قديم كي تحفظ هيبته أمام باقي المدرسين، أما القدامى من أباطرة الدروس الخصوصية فتجد منهم من يركب التمساحة، وآخر يستقل السيارة المرسيدس السوداء، أو الأوبل الفاخرة، والثالث يركب السيارة الأحدث موديل، والأغلى ثمناً، بل يكون في إمكانهم من يشتري أكثر من سيارة إذا أراد، وأكثر من شقة في أرقى الأحياء السكنية بما لديه من أموال وفيرة..

وكثيراً ما نجد فرقة من المعلمين، وقد فتح الله عليهم، بالأعداد الغفيرة من طلاب الدروس الخاصة، فيقومون بتقديم استقالتهم من مدارسهم أو الحصول على إجازة شبة مفتوحة، بأي سبب وهمي، حتى يتفرغون تفرغاً كاملاً لمزاولة مهنة الدروس الخصوصية دون قيود، فترى هؤلاء المدرسون يخرجون من بيوتهم، مع شروق الشمس، ويتنقلون من بيت إلى آخر لتغطية أكبر قدر من الدروس للطلاب، ولا يعودون لبيوتهم إلا عندما يحل سكون الليل المظلم، حتى أن أحد المعلمين أخبرني بأنه لا يجد وقتاً لخلع حذاءه عند العودة لبيته من شدة التعب اليومي.. حتى أن معلماً آخر، كان يعود إلى منزله في وقت متأخر كل ليلة، ليرتمي على أريكة صغيرة في مدخل البيت، ويضع بجواره دراجته البخارية، لا يتمنى إلا النوم والراحة من شدة التعب والإعياء..

ورغم كل هذا ، فالمعلم المصري وخاصة المعلمين المستقلين، الذين لا يعملون في أي مدرسة، يرغبون أن يقننوا أوضاعهم من حيث عملهم بمراكز الدروس الخصوصية التي تنوي الدولة إغلاقها، ومن ثم فلن يكون لهم دخل آخر ينفقون منه على أسرهم، فلعل وزير التعليم يسعى لمساعدة هؤلاء، ومثلهم من يعطون دروساً خاصة بالبيوت، فيكون ذلك الترخيص قانونياً مثله مثل عيادة الطبيب، وصيدليات الصيادلة، ومكاتب المهندسين، فلا دافع إذن، لمحاربة معلمي الدروس الخاصة الذين يسعون على أرزاقهم من تلك المهنة الشاقة، بدلاً من البطالة أو العمل في مهن أخرى تُحط من قدرهم، وتعليمهم الذي تعلموه!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قطار الدروس الخصوصية في مصر قطار الدروس الخصوصية في مصر



GMT 11:15 2023 الجمعة ,01 أيلول / سبتمبر

عام دراسي يتيم في اليمن

GMT 11:37 2024 السبت ,02 آذار/ مارس

أطفالنا بين القيم والوحش الرقمي

GMT 17:42 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

درس خصوصي.. حين مطلع الفجر!!

GMT 15:12 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تكنولوجية للنهوض بالتعليم

GMT 11:50 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تدني التعليم والدروس الخصوصية

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon