توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المدرسة وترسيخ ثقافة المسؤولية في المجتمع

  مصر اليوم -

المدرسة وترسيخ ثقافة المسؤولية في المجتمع

بقلم: عماد بنحيون

ما دام العلم هو التجسيد الأكمل للعقل في محاولة فهم الإنسان للعالم، فقد حافظ العقل على ثقة الإنسان فيه مشرعا يمنح صاحبه الوسائل والآليات لسن قوانين الحياة وتنظيم المجتمعات، حتى أصبح كل ما يرتبط من نواميس وقوانين وعادات وتقاليد في هذا العالم من صنعه سواء كان توليدا أو استنباطا أو استدلالا وفق قواعد المنطق الموضوعة من طرفه أو تحكيما عن طريق الاستشهاد بتجارب أو بواسطة افتراضات أساسية يسلم بها ويستند إليها ليدرك طبيعة العالم المحيط به، أو مسلمات من الكتب السماوية عن طريق تأليف نسق الفكر أو المعتقدات أو الرموز، مستعملا حواسه للتفاعل مع العالم المحيط به ومتجاوبا بواسطة عقله مع واقعه الموضوعي ومحيطه الطبيعي والاجتماعي وثقافته التي تزوده برؤية محددة لهذا العالم.

 المدرسة إذن، الفضاء الأمثل الذي يصور نموذجا لحياة اجتماعية كما يطلبها العقل، وكما يخطط لها، فهي التي يتشكل ضمنها مجموع الأنشطة المعرفية والقيمية والمهارية، تشاركية كانت أم فردية، التي تستهدف تكوين شخصية التلميذ وتطعيم ثقافته وتنمية رصيده المعرفي والثقافي، بهدف تعزيز إيمانه بإمكاناته الذاتية واستقلاليته، وتدعيم مبدأ احترام الآخر، وترسيخ ثقافة المسؤولية في المجتمع وتطوير معناها الاجتماعي، ووضعها في سياق التعاون والتكافل والتآزر والتضامن والتكامل.

والحرص على التقاء أهدافها وتقاربها مع أهداف المدرسة وخلق التوازن المنشود مابين متطلباتها ومتطلبات المجتمع الإنساني، وإنتاج وتوفير ما يشبع الحاجات الأساسية لأفراده الذين تتشكل ذات العنصر الواحد منهم وهويته من خلال اجتماعه بالآخرين وتفاعله معهم، مع الحفاظ على الممارسات الثقافية والاجتماعية الأصلية وتطويرها بشكل يتلاءم مع النموذج المجتمعي الذي يطمح العقل إلى تكوينه وتطويره.

وبما أنه لا يختلف اثنان أن المدرسة أينما كانت تحتاج إلى دعم ومساندة دائمة من محيطها المجتمعي، سواء كان من طرف الآباء أو أولياء الأمور بصفة خاصة، باعتبار الأسرة مدرسة أولى ترافق الإنسان منذ ولادته إلى وفاته أو من طرف مختل البنيات المكونة له بصفة عامة، لتحسين جودة التعليم بالمؤسسة المخول لها من طرف المجتمع تربية الفرد وترسيخ ثقافة المسؤولية لدى أبنائه، وجعلهم نموذجا لهم في تحمل المسؤولية التي يجب أن تكون شعارا وواقعا في نفس الآن، تنعكس عليهم بواسطة مشاركتهم الدائمة ورغبتهم في المشاركة الفعالة في جهود تحسين التعليم، وزيادة فاعلية المدرسة في تحقيق وظيفتها التربوية، وترسيخ ثقافة المسؤولية لدى جميع أفراد المجتمع الذي لا يمكن أن يؤدي وظائفه الأساسية إلا من خلال تماسك بنياته الأساسية، لأن المدرسة الجيدة هي تلك التي تمكن من بناء علاقة جيدة ما بين أفراد محيطها المجتمعي وهي التي تستطيع أيضا زرع العادات الإيجابية وترسيخ ثقافة الحق والواجب، والإحساس بالمسؤولية، عن طريق زرعها في أفراده الصغار باعتبارها ثاني آلية للتنشئة الاجتماعية داخل المجتمع بعد الأسرة.

دعم المجتمع للمدرسة إذن لا يمكن أن يصل إلى الشكل المطلوب الذي يمكنها من تحقيق أهدافها، إلا إذا كان دعما نابعا من إحساس بنياته الأساسية المكونة من أفراده، بمسؤوليتهم تجاهها وتجاه عناصره. فالفرد المكون له يجب عليه أن يشمر عن سواعده وأن يتحمل المسؤولية ويرسخ لها في محيطه للتغلب على الثقافات المتعددة التي سادت و انتشرت لدى الصغير قبل الكبير، فتبنت ثقافة التبرير والنقد السلبي الذي ينبني على المؤامرة وتصفية الحسابات، التي تساهم في مزيد من التمزق الاجتماعي وخلق العداوات والتملص من المسؤولية وتحميل مسؤولية الاخفاقات للآخر بدلا من الاعتراف بمنجزاته لكي يتحمل هو الآخر مسؤوليته عند الخطأ قبل الصواب.

فترسيخ ثقافة المسؤولية وتحقيق التماسك الاجتماعي يفرض ضرورة تعايش وتفاعل أفراده مع بعضهم البعض للوصول بها إلى التكامل و الاقتناع بترابط مصالح أعضائه بمصالح الآخرين، ذلك لأن استقراره وتماسك أي مجتمع رهين بقدرته على استيعاب التغيرات التدريجية وقابليته للتحول والتجديد وفق مقاربة يتحمل جميع عناصره مسؤوليتهم كاملة فيها بإقرار الحق والاعتراف بالواجب وبواسطة أداة من صنعه ووضعه تدعى المدرسة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدرسة وترسيخ ثقافة المسؤولية في المجتمع المدرسة وترسيخ ثقافة المسؤولية في المجتمع



GMT 11:15 2023 الجمعة ,01 أيلول / سبتمبر

عام دراسي يتيم في اليمن

GMT 11:37 2024 السبت ,02 آذار/ مارس

أطفالنا بين القيم والوحش الرقمي

GMT 21:34 2021 السبت ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

في متاهات التعليم

GMT 14:13 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

العنف ضد المرأة حاجزا فى سبيل المساواة والتنمية

GMT 06:33 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

مصر ونظام جديد للثانوية العامة

GMT 13:18 2018 السبت ,28 إبريل / نيسان

نداء إلى وزير التعليم قبل وقوع الكارثة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon