توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عنف الطفولة يتحول جحيم السيكوباتية

  مصر اليوم -

عنف الطفولة يتحول جحيم السيكوباتية

بقلم : سارة السهيل

تمتلأ صفحات يومنا بالعديد من مشاهد العنف بين الاطفال والكبار والرجال والنساء، وكأنه متلازمة من متلازمات الحياة كالطعام والشراب. وللاسف فاننا نتعايش مع هذا العن الذي يدمر ذواتنا الانسانية حتى صارت عمليات الاجرام من قتل وسرقة واغتصاب وحروب شيئ طبيعي !!!
وللأسف الشديد، فان العلم الحديث بكل تقنياته لم يستطع منع العنف لدى بني البشر لسبب بسيط لان مختلف هذه العلوم لم تشكل انسانية الانسان على قيم الرحمة والحب والتسامح، بل ان تكنولوجيا العصر ساهمت بشكل كبير في نمو ظاهرة العنف لدى الاجيال المتعاقبة بما تحويه الدراما والأفلام والكارتون والعديد من الفنون والالعاب من عناصر تكرس للعنف وتغذيه في نفوس الناشئة.
ولاشك ايضا ان غياب الامان داخل المحضن الاسري السليم والدافئ المشاعر، وجهل الابوين بسبل التربية الحنونة والرؤوفة أدى الى  الحرمان العاطفي لدى الصغار مما أصابهم باعتلالات نفسية جعلت الكثير منهم غير اسوياء نفسيا وانعكس ذلك على اصابتهم بانحرافات سلوكية عنيفة تجاه الأسرة والمجتمع معا.
فالعنف الذي يتلقاه الصغار من أبويهم بدعوى تقويم السلوك والتربية، ومن المدرسة بعصا الطاعة وتحفيز تحصيل العلوم، ومن قرنائهم او التعرض للاعتداء الجسدي او التفكك الاسري  وما يعانيه من اهمال الوالدين للطفل، كل هذه العوامل مجتمعة بجانب بعض العوامل الوراثية ناهيك عن ضعف الوازع الديني والاخلاقي في المجتمعات بفعل سيطرة المادية على حياتنا واهمال الجوانب الروحية، كل ذلك خلق العنف في المجتمع المعاصر وجلب العديد من الانحرافات السلوكية والشخصيات المعادية للمجتمع ومنها الشخصية السيكوباتية.
 
حقائق علمية
والحقيقة التي أثبتتها دراسات علماء النفس أن العنف الشديد في الطفولة يترك أثرًا سلبيا دائمًا على الروابط العصبية في المخ.  فمَن يتعرض للإساءة والعنف في مراحل الطفولة، قد يتحول إلى مسيء عند الكبر و يميل إلى إظهار السلوك العنيف في مرحلة لاحقة من حياته والذي يتطور الى الجريمة.
ولذلك، كما ينصح الاطباء المختصون، الاسرة الاسراع  بتوجيه الطفل المتعرض للإساءة لعلاج نفسي، خاصة الاطفال الذين يعانون إهمالاً ونقصاً في العاطفة أو أبناء العائلات المفككة قبل ان يتطور عنفهم الى ارتكاب الجرائم او يزيد مرضهم في الكبر يصبحوا سيكوباتيين.
 
جحيم السيكوباتية
الشخصية السيكوباتية  مدمرة لمن يقترب منها ويعايشها نتيجة ما تتمتع به من جنوح للعدوان والانتقام والتخريب وحب السيطرة والانانية المفرطة وعشق الذات، فالسيكوباتي شخص يبدو جذابا وساحرا ومعسول الكلام وشديد الذكاء ويجيد اظهار المشاعر من الخارج فقط  وليس من قلبه،  لكنه يستخدم هذه الملكات الظاهرية في اعمال الشر والدمار والتخريب، وارتكاب أية جريمة دونما اي  شعور بالذنب  أو العار.
وبحسب دراسات الاطباء النفسيين، فان مثل هذه الشخصية، نتاج لتربية قاسية، وغالبًا تظهر بسبب عدم وجود الأبوين، وتعرض الطفل للكثير من القهر والظلم والاعتداءات المتكررة. ، لذلك يميل السيكوباتي الى الكذب الدائم والنصب والاحتيال  ولا يتعاطف  ولا يشعر بتأنيب الضمير، بل أنه يستأسد على الآخرين ويؤذيهم لفظيًّا وجسديًّا غير عابئ بالقوانين والأنظمة والحدود، فما يهمه هو اشباع شهواته وغرائزه ونفسه المريضة، بل انه يتلذذ بتدميرالاخرين حتى لوكانت امه او اخته او ابناء وطنه.
فالازدواجية  لدى الشخصية السيكوباتيه توقع المحيطين به في شراكه وحبائله، حيث قد تراه وديعا  يخفي وراء ابتسامة وجهه وحسن مظهره عصبية وشراسة انفعالات وسوء خلق  وغياب الرحمة والتسامح، ومن يقترب منه يجد انه لا يعرف معنى الحب، بل انه قد يستغل حب الآخرين في خدمة أهدافه، ولايتورع عن أية خيانة.
ولما كانت الشخصية السيكوباتية تعتمد اشباعاتها الداخلية على ايذاء من حولها في العمل، أو المنزل، أو المجتمع، فهي تتهور في اتخاذ القرارات القاسية والمؤلمة، دونما الاعتراف بآلام الاخرين، بل تتلذذ بظلم الناس المحيطين بها.
وقد يتطور ايذاء الاخرين لدى السيكوباتي من تعدد الزوجات وتطليق اكثر من زوجة له، والهروب من المسئولية ، والوشاية بزملاء العمل لطردهم وصولا الى القتل في بعض الأحيان.
تضخم الذات والشعور بالكبرياء والظن بأنها أذكى من غيرها  وأقوى من الآخرين وغياب الضمير يدفع الشخصية السيكوباتية الى اختراق القانون، وارتكاب جرائم القتل والاغتصاب، وممارسة أقصى  درجات القساوة  في التعاطف مع الآخرين، بل يقابل عواطف الحب والرحمة بالسخرية  نتيجة عدوانيتها الداخلية والتي تدفعها الي الكراهية والانتقام بصورة دائمة ومن ثم الاجرام المؤهل له تماما.
 
الانقاذ من الجحيم
لعل ما يفعله الارهابيون من قتل بشع وتمثيل بضحياهم ونشر مقاطع فيديو للتعذيب والقتل  للخويف انما يعكس حقيقة شخصيات مضطربة سيكوباتية تدمر من حولها دونما اي وخز للضمير، بل تعتقد انها الافضل ولا تحاول ان تحسن من نفسها، ولذلك عرفها علم النفس باضطراب الشخصيات المعادية للمجتمع.
ورغم ان علماء النفس يؤكدون أنّ سمات الشخصية السيكوباتية  تتشكل في مرحلة المراهقة، الا ان البعض الاخر منهم يؤكد انها تتشكل في الصغر، حيث يبدو على الطفل السيكوباتي سلوكا عدوانيا يميل إلى ضرب وأذية الأطفال الآخرين وأخذ حاجتهم  بالقوة، ليس له أصدقاء، و يلجأ للصراخ العالي  والعند عند العقاب ولا يستمع لأي إرشادات، وقد يحاول ضرب والديه اذا  لم ينفذا ما يطلبه منهما، ويغير من إخوته وتبرز أنانيته بشكل مفرط.
من هنا، فان هذه العلامات لدى الاطفال يجب على  الاسرة اكتشافها مبكرا حتى يمكن علاجها قبل ان تتحول الى قنابل موقوتة تدمر المجتمع، عبر العلاج النفسي، ومحاولة إيقاظ الضمير والمشاعر لديه من خلال تقوية الجوانب الروحية  بالكتب السماوية، أو اللقاءات الدينية، وأداء الفروض والمناسك الدينية، والتحدث أمامه عن عظمة الله في خلق سمواته وأرضه.
كما ان قراءة قصص  للشخصية السيكوباتية مهم جدا  تبين ان المؤمن مبتلى، وأن مرور الإنسان بالتجارب القاسية ضرورة يستفيد  في اكتساب خبرة محاربة الشر، وان اللجوء الى الله تعالى واتخاذ  القدوة الحسنة في الرحمة  والحب والحنان يقوي قدراتنا الداخلية على مواجهة الظلم الذي نتعرض له.
ورغم ان هناك العديد من الحالات السيكوباتية الميئوس منها، وثبتت على اجرامها  كمسجلين خطيرين، فان هناك حالات اخرى يمكن علاجها واعادة تأهيلها ودمجها في المجتمع من خلال اشغال اوقاتهم بالانتاج الزراعي والصناعي وتربية الدواجن او المهن الحرفية التي يخرجون فيها طاقتهم وجهدهم  بدلا من ان يفرغوا شحناتهم العدائية بحق المجتمع مع استمرار العمل على ايقاظ ضمائرهم  وتقديم النماذج ا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عنف الطفولة يتحول جحيم السيكوباتية عنف الطفولة يتحول جحيم السيكوباتية



GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

هل للطفل مطلق الحرية ؟

GMT 13:40 2023 الأربعاء ,17 أيار / مايو

كبار السن بين الألم و الأمل

GMT 15:36 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

الذوق من القلب للقلب

GMT 15:50 2022 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

إيه فيه أمل!

GMT 09:13 2022 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

اذا طرق العنف بوابة الزواج

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon