توقيت القاهرة المحلي 10:19:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عنف الطفولة يتحول جحيم السيكوباتية

  مصر اليوم -

عنف الطفولة يتحول جحيم السيكوباتية

بقلم : سارة السهيل

تمتلأ صفحات يومنا بالعديد من مشاهد العنف بين الاطفال والكبار والرجال والنساء، وكأنه متلازمة من متلازمات الحياة كالطعام والشراب. وللاسف فاننا نتعايش مع هذا العن الذي يدمر ذواتنا الانسانية حتى صارت عمليات الاجرام من قتل وسرقة واغتصاب وحروب شيئ طبيعي !!!
وللأسف الشديد، فان العلم الحديث بكل تقنياته لم يستطع منع العنف لدى بني البشر لسبب بسيط لان مختلف هذه العلوم لم تشكل انسانية الانسان على قيم الرحمة والحب والتسامح، بل ان تكنولوجيا العصر ساهمت بشكل كبير في نمو ظاهرة العنف لدى الاجيال المتعاقبة بما تحويه الدراما والأفلام والكارتون والعديد من الفنون والالعاب من عناصر تكرس للعنف وتغذيه في نفوس الناشئة.
ولاشك ايضا ان غياب الامان داخل المحضن الاسري السليم والدافئ المشاعر، وجهل الابوين بسبل التربية الحنونة والرؤوفة أدى الى  الحرمان العاطفي لدى الصغار مما أصابهم باعتلالات نفسية جعلت الكثير منهم غير اسوياء نفسيا وانعكس ذلك على اصابتهم بانحرافات سلوكية عنيفة تجاه الأسرة والمجتمع معا.
فالعنف الذي يتلقاه الصغار من أبويهم بدعوى تقويم السلوك والتربية، ومن المدرسة بعصا الطاعة وتحفيز تحصيل العلوم، ومن قرنائهم او التعرض للاعتداء الجسدي او التفكك الاسري  وما يعانيه من اهمال الوالدين للطفل، كل هذه العوامل مجتمعة بجانب بعض العوامل الوراثية ناهيك عن ضعف الوازع الديني والاخلاقي في المجتمعات بفعل سيطرة المادية على حياتنا واهمال الجوانب الروحية، كل ذلك خلق العنف في المجتمع المعاصر وجلب العديد من الانحرافات السلوكية والشخصيات المعادية للمجتمع ومنها الشخصية السيكوباتية.
 
حقائق علمية
والحقيقة التي أثبتتها دراسات علماء النفس أن العنف الشديد في الطفولة يترك أثرًا سلبيا دائمًا على الروابط العصبية في المخ.  فمَن يتعرض للإساءة والعنف في مراحل الطفولة، قد يتحول إلى مسيء عند الكبر و يميل إلى إظهار السلوك العنيف في مرحلة لاحقة من حياته والذي يتطور الى الجريمة.
ولذلك، كما ينصح الاطباء المختصون، الاسرة الاسراع  بتوجيه الطفل المتعرض للإساءة لعلاج نفسي، خاصة الاطفال الذين يعانون إهمالاً ونقصاً في العاطفة أو أبناء العائلات المفككة قبل ان يتطور عنفهم الى ارتكاب الجرائم او يزيد مرضهم في الكبر يصبحوا سيكوباتيين.
 
جحيم السيكوباتية
الشخصية السيكوباتية  مدمرة لمن يقترب منها ويعايشها نتيجة ما تتمتع به من جنوح للعدوان والانتقام والتخريب وحب السيطرة والانانية المفرطة وعشق الذات، فالسيكوباتي شخص يبدو جذابا وساحرا ومعسول الكلام وشديد الذكاء ويجيد اظهار المشاعر من الخارج فقط  وليس من قلبه،  لكنه يستخدم هذه الملكات الظاهرية في اعمال الشر والدمار والتخريب، وارتكاب أية جريمة دونما اي  شعور بالذنب  أو العار.
وبحسب دراسات الاطباء النفسيين، فان مثل هذه الشخصية، نتاج لتربية قاسية، وغالبًا تظهر بسبب عدم وجود الأبوين، وتعرض الطفل للكثير من القهر والظلم والاعتداءات المتكررة. ، لذلك يميل السيكوباتي الى الكذب الدائم والنصب والاحتيال  ولا يتعاطف  ولا يشعر بتأنيب الضمير، بل أنه يستأسد على الآخرين ويؤذيهم لفظيًّا وجسديًّا غير عابئ بالقوانين والأنظمة والحدود، فما يهمه هو اشباع شهواته وغرائزه ونفسه المريضة، بل انه يتلذذ بتدميرالاخرين حتى لوكانت امه او اخته او ابناء وطنه.
فالازدواجية  لدى الشخصية السيكوباتيه توقع المحيطين به في شراكه وحبائله، حيث قد تراه وديعا  يخفي وراء ابتسامة وجهه وحسن مظهره عصبية وشراسة انفعالات وسوء خلق  وغياب الرحمة والتسامح، ومن يقترب منه يجد انه لا يعرف معنى الحب، بل انه قد يستغل حب الآخرين في خدمة أهدافه، ولايتورع عن أية خيانة.
ولما كانت الشخصية السيكوباتية تعتمد اشباعاتها الداخلية على ايذاء من حولها في العمل، أو المنزل، أو المجتمع، فهي تتهور في اتخاذ القرارات القاسية والمؤلمة، دونما الاعتراف بآلام الاخرين، بل تتلذذ بظلم الناس المحيطين بها.
وقد يتطور ايذاء الاخرين لدى السيكوباتي من تعدد الزوجات وتطليق اكثر من زوجة له، والهروب من المسئولية ، والوشاية بزملاء العمل لطردهم وصولا الى القتل في بعض الأحيان.
تضخم الذات والشعور بالكبرياء والظن بأنها أذكى من غيرها  وأقوى من الآخرين وغياب الضمير يدفع الشخصية السيكوباتية الى اختراق القانون، وارتكاب جرائم القتل والاغتصاب، وممارسة أقصى  درجات القساوة  في التعاطف مع الآخرين، بل يقابل عواطف الحب والرحمة بالسخرية  نتيجة عدوانيتها الداخلية والتي تدفعها الي الكراهية والانتقام بصورة دائمة ومن ثم الاجرام المؤهل له تماما.
 
الانقاذ من الجحيم
لعل ما يفعله الارهابيون من قتل بشع وتمثيل بضحياهم ونشر مقاطع فيديو للتعذيب والقتل  للخويف انما يعكس حقيقة شخصيات مضطربة سيكوباتية تدمر من حولها دونما اي وخز للضمير، بل تعتقد انها الافضل ولا تحاول ان تحسن من نفسها، ولذلك عرفها علم النفس باضطراب الشخصيات المعادية للمجتمع.
ورغم ان علماء النفس يؤكدون أنّ سمات الشخصية السيكوباتية  تتشكل في مرحلة المراهقة، الا ان البعض الاخر منهم يؤكد انها تتشكل في الصغر، حيث يبدو على الطفل السيكوباتي سلوكا عدوانيا يميل إلى ضرب وأذية الأطفال الآخرين وأخذ حاجتهم  بالقوة، ليس له أصدقاء، و يلجأ للصراخ العالي  والعند عند العقاب ولا يستمع لأي إرشادات، وقد يحاول ضرب والديه اذا  لم ينفذا ما يطلبه منهما، ويغير من إخوته وتبرز أنانيته بشكل مفرط.
من هنا، فان هذه العلامات لدى الاطفال يجب على  الاسرة اكتشافها مبكرا حتى يمكن علاجها قبل ان تتحول الى قنابل موقوتة تدمر المجتمع، عبر العلاج النفسي، ومحاولة إيقاظ الضمير والمشاعر لديه من خلال تقوية الجوانب الروحية  بالكتب السماوية، أو اللقاءات الدينية، وأداء الفروض والمناسك الدينية، والتحدث أمامه عن عظمة الله في خلق سمواته وأرضه.
كما ان قراءة قصص  للشخصية السيكوباتية مهم جدا  تبين ان المؤمن مبتلى، وأن مرور الإنسان بالتجارب القاسية ضرورة يستفيد  في اكتساب خبرة محاربة الشر، وان اللجوء الى الله تعالى واتخاذ  القدوة الحسنة في الرحمة  والحب والحنان يقوي قدراتنا الداخلية على مواجهة الظلم الذي نتعرض له.
ورغم ان هناك العديد من الحالات السيكوباتية الميئوس منها، وثبتت على اجرامها  كمسجلين خطيرين، فان هناك حالات اخرى يمكن علاجها واعادة تأهيلها ودمجها في المجتمع من خلال اشغال اوقاتهم بالانتاج الزراعي والصناعي وتربية الدواجن او المهن الحرفية التي يخرجون فيها طاقتهم وجهدهم  بدلا من ان يفرغوا شحناتهم العدائية بحق المجتمع مع استمرار العمل على ايقاظ ضمائرهم  وتقديم النماذج ا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عنف الطفولة يتحول جحيم السيكوباتية عنف الطفولة يتحول جحيم السيكوباتية



GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

هل للطفل مطلق الحرية ؟

GMT 13:40 2023 الأربعاء ,17 أيار / مايو

كبار السن بين الألم و الأمل

GMT 15:36 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

الذوق من القلب للقلب

GMT 15:50 2022 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

إيه فيه أمل!

GMT 09:13 2022 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

اذا طرق العنف بوابة الزواج

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:27 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني
  مصر اليوم - ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني

GMT 00:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف عن مشاركته في دراما رمضان المقبل 2025
  مصر اليوم - محمد فراج يكشف عن مشاركته في دراما رمضان المقبل 2025

GMT 06:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان
  مصر اليوم - غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 12:57 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 10:39 2021 الأحد ,09 أيار / مايو

إطلالات شرقية لرمضان من وحي فاطمة المؤمن

GMT 17:26 2021 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

بايرن ميونخ يصف محمد صلاح بأنه "ميسي أفريقيا"

GMT 12:11 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ميلان يعلن إعارة كولومبو لـ كريمونيزي الأمريكى كولومبو

GMT 03:17 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فيديو تفاعلي يتكيف مع حركة الجسم أثناء التمارين

GMT 16:43 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أخطاء تفعلها عند ارتداء الكمامات

GMT 03:12 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

المعهد الأميركي يكشف السيناريو المرعب لـ"كورونا"

GMT 07:29 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

صلاح مع قطة تحصد نصف مليون إعجاب في ساعات

GMT 06:31 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الثلاثاء 13 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 05:06 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح ديكور هادفة إلى تنسيق حدائق منزلية

GMT 08:41 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وصلة رقص لـ ساويرس على أنغام رايحين نسهر لـ محمد رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon