وكثيرا ما تمنع المرأة من حقها في شراء واختيار ما تحتاجه للمنزل، وتعاني كثيرا من التحكم في مظهرها و علاقاتها مع اهلها وصديقاتها وكانها طفل وليس كائنا بالغا عاقلا راشدا .
أظن اننا نعيش تناقضا صارخا، بين حال امرأة ناضحة تربت في بيت أهلها وتشكلت شخصيتها وفق منظومة القيم الاخلاقية التي تربت عليها ، وعندما جاءت لبيت الزوج، فاذا به يحاول تغيير كل شيء فيها وكانها دمية يحركها باصابعه، فاذا كانت طبائعها وتربيتها لا ترضيك فلماذا أقدمت على الزواج منها؟ !! من باب أولى ان يذهب لامراة من البداية على هواه ومن بيئته ومجتمعه بدلا من محاولات التغيير لزوجته الراشدة .
الطريف في الأمر ، ان هذا العنف يظهر حتى ايام الخطوبة، عندما تكون هي مازالت في رعاية اهلها، فيقوم الخطيب بالتحكم في خطيبته بفرض سيطرته على ارائها وحركاتها وسكناتها، وهذا دينيا لا يجوز ، فهو يجوز عندما تكون القوامة في حالة الزواج اولا والانفاق ثانيا وتأمين بيت الزوجية ثالثا و ان اختفى واحد من هذه الشروط لا يحق له ابدا التحكم بها.
بالضرورة، نحن لا نمنع ان ينصحها أو يوجهها اذا كان هناك خطأ، لكن ليس فقط ممارسة التحكم والتهكم والسيطرة وقهر ارادة الزوجة. فمن أهم مقومات الزواج الناجح التكافؤ من حيث البيئة والثقافة والمجتمع والخلفية القادم منها كل من الزوجين و ايضا التعليم والفكر والاهداف و التطلعات والقبول والرضا ايضا بين الجانبين ، فالزواج ليس علاقة قهر وارغام وانما قبول ورضا ومودة ورحمة وسكينة.
لكن للأسف، نجد بعض الرجال اذا شعر بالنقص يحاول انزال المرأة للحضيض، يعني ينزل من مستواها و يدمر نجاحها وشغلها تعبيرا عن شعوره الداخلي بتفوقها عليه وعدم التكافؤ معها فبدل من ان يصعد اليها يحاول هو انزال مستواها. وفي تقديري ان العنف من قبل الرجل العصبي الذي لا يسيطر على اعصابه، يرتبط بالغش لان أهله لم يعترفوا عندما تقدموا الخطوبة من البنت ان ابنهم يعاني من مرض اعصاب ومن العنف، وكان من الأجدر بهم ان يقوما بعلاجه أولا قبل ان يبلي ابنة الناس بلاء يجلب لها الامراض والسقم في النفس والجسد من سوء المعاملة.كذلك تربية الرجل في بيئة عنيفه يقوم الاب بضرب الام او تعرض الزوج بصغره للضرب مِن ابويه او اخوته او تلقى تربية صارمة و قاسية خالية مِن الحنان و العطف لهذا يشعر ان العنف هو السلوك الوحيد للتقويم وليس الحوار و ظبط النفس و التعامل بعقلانية.
فهذا الزوج يبرر الضرب و الاهانة بالاهتمام والرعاية و انه يحاول تربية وتقويم المرأة التي على الاكثر هي افضل منه خلقا وفهما وعلما، لكنه تعود ان اهله يظهرون اهتمامهم به عّن طريق التعنيف، فاعتقد ان هذا هو التعامل العادي والمقبول بين الناس ، و ربما يتعجب من الازواج الاخرين الذين يعاملون زوجاتهم بلين ومحبه ويتهمهم بالضعف او المسحورين
وهناك المنفصم نفسيا فيوم يدلل زوجته واليوم الثاني يضربها وهذا اخطر لانها تتأرجح و لا تعرف مصيرها. وكل هذه المظاهر وغيرها تتجافى مع الفطرة السليمة الواجب توافرها عند معاشرة الازواج لزوجاتهم والتي عمادها المودة والرحمة ثم السكن النفسي مصداقا لقول الله تعالي بسورة( الروم : 21 ) [ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} .
اخلاق المعاملة النبوية
ولنا في رسول الله اسوة حسنة فهو لم يضرب امرأة قط بل واستنكر موقف من يضرب امرأته كما في حديثه الشريف -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَجْلِدُ أحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، ثُمَّ يُجامِعُها في آخِرِ اليَومِ)، وقال “ما زال جبرائيل يوصيني بالمرأة، حتى ظننت انه سيورثها" كما دعا المصطفى الى ضرورة التعامل برفق مع النساء واليتامى لضعفهما، كما قال صلى الله عليه وسلم “اتقوا الله في الضعيفين النساء واليتيم:”. بل ان سيد خلق الله قد ربط في حديث له بين حسن معاملة الزوج لزوجته والتقرب من الله تعالى كما في قوله صلي الله اعليه وسلم " “ما أظن رجلا يزداد في الإيمان خيرا، إلا ازداد حبا للنساء”. وقال صلى الله عليه وسلم " «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»، فقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهن، ويضاحك نساءه.
وكان -صلوات الله وسلامه عليه- إذا صلى العشاء يدخل منزله فيسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام، يؤانسهن بذلك. وعلى الازواج ان يتأسوا بسلوك نبينا محمد ويقتدي به في معاملته لزوجته بما يحقق السكينة والمودة والرحمة والامان النفسي داخل الاسرة كلها. أكد الإمام الغزالي في كتابه «الإحياء» عند حديثه عن آداب معاشرة النساء، أن «من آداب المعاشرة حسن الخلق معهن، واحتمال الأذى منهن» ثم قال: «واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، والحلم عن طيشها وغضبها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أزواجه يراجعنه الكلام.. ومن آداب المعاشرة - أيضاً- أن يزيد على احتمال الأذى منها بالمداعبة والمزح والملاعبة، فهي التي تطيب قلوب النساء. وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمزح معهن وينزل إلى درجات عقولهن في الأعمال».
وقال عمر - رضي الله عنه - «ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبي. فإذا التمسوا ما عنده وجدوه رجلاً».. وكان ابن عباس- رضى الله عنهما- يقول: «إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي». يتبين لنا بموجب هذه الوصايا النبوية ان مفهوم الطاعة التي فرضها الإسلام على الزوجة ليست طاعة خنوع أو نزول عن مستوى الإنسانية كما يزعم البعض ، كما انها ليست بالنسبة للرجل قوامة استبداد وظلم وإنما هي علاقة تكامل يشوبها العطف والرحمة والتكامل . كما أن هذه الطاعة محصورة بما يرضي الله ورسوله عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " . وهنا تبرز حقيقة ان العنف الزوجي بحق المرأة ُ يعدّ انعكاسا لثقافة المجتمع والمفاهيم السائدة فيه، فالبعض لا يقر بوجود العنف، ولا يأخذ مخاطره على محمل الجد، باعتبارها لا تستدعي الرد أو اتخاذ أيّ إجراءات رادعة، ويُعزى هذا الاعتقاد إلى موروثات تعتبر تعنيف الرجل للمرأة أمراً مشروعاً ومبرَّراً ، بحجّة أنّ الرجل عنيف بطبيعته، ويصعب عليه التحكّم بغضبه.
لذلك فانه يقع على كاهل المؤسسات الدينية والقانونية العمل على تصحيح هذه المفاهيم المغلوطة الخاصة بالعنف الموجّه ضد النساء، فقد شرّع الإسلام من القوانين ما حمى به المرأة من التعنيف، حيث أعطاها الحق في طلب الطلاق، كما أعطى المرأة المغتصبة حق في المهر والأرث في بعض الحالات، وشدد الإسلام على مسألة إقامة الحدود، و بالنهايه، فان الزواج يجب ان يكون من نصيب من يقدر عليه نفسيا واخلاقيا وتعاملا طيبا بعشرة حسنة ، وغير ذلك فهو غير مجبر على انه يورط بنت الناس وأهلها الذين تعبوا عليها وانفقوا عليها وصنعوا منها كائن ناجح و بالاخر تعيش ضنك الحياة. و أيضا انجاب اطفال لم يكونوا موجودين فيوجدوهم ليعذبوهم فهذا اثم ، لان من ليس لديه القدرة على التربية والقدوة الحسنى لا داعي للانجاب .
آثار مدمرة
و للعنف ضد المرأة آثار مدمرة على واقعها ومستقبلها ومستقبل ايضا أولادها، فهذا العنف يجعل المرأة إنسانة محبطة المشاعر ومشوّهة الجسد جراء الضّرب والإهانة. وتتعدد هذه الآثار فمنها، الآثار الصحية مثل الإصابات الخطيرة، والكدمات والجروح، التي قد تُؤدي إلى اضطرابات داخلية، وبعض المشاكل في الجهاز الهضمي، والتأثير في الحركة، وتدني مستوى الصحة العامة، وقد تؤدي بعض حالات العنف إلى الوفاة. و الآثار النفسية مثل الاكتئاب الحاد والاضطراب النفسي، الذي يقودها الى محاولات الانتحار نتيجة للضغط النفسي الكبير الذي تقع تحته، أو إدمان شرب الكحول، والتدخين، وإدمان المخدرات، الأمر الذي ينعكس على صحة المرأة النفسية في مراحل مُتقدمة. وكذلك الآثار الاجتماعية فالعنف ضد المرأة يؤي لاضطرابات أسرية تنعكس بدورها على الأطفال، وقد تؤدي إلى إصابتهم بعدم استقرار نفسي وعاطفي، وهو ما يؤثر في سلوكياتهم المجتمعية في مراحل متقدمة من العمر. وايضا المشاكل الاقتصادية، حيث يمثل العنف ضد المرأة عائقاً كبيراً لنجاحها ونشاطها الاقتصادي .
الوقاية خير علاج
للتصدي للعنف ضد المرأة وإيقافه، فان المجتمع بكل اطيافه ومؤسساته لابد وان يتكاتفوا من أجل اعادة تصحيح المفاهيم المغلوطة في الحياة الزوجية، وتبدأ الوقاية من المناهج الدراسية التي يجب أن تضم برامج للتعريف بالعنف ضد المرأة وحمايتها منه، ونشر الوعي الصحي والثقافي حول هذا الموضوع، إلى جانب الخطط الاقتصادية التي تُمكّن المرأة من تعزيز دورها في المجتمع وإبرازها كعضو فاعل فيه من خلال تقديم الدورات التدريبة لها لدعم تطوير مهاراتها وقدراتها، وتشجيع الاستراتيجيات الوطنية التي تعزز المساواة بين الرجل والمرأة وتقديم فرص مُتساوية لكل منهما، بالإضافة إلى تضمين البرامج الوطنية التي تصون العلاقة بين الأزواج وتعزيز مفهوم العلاقة الزوجيةعلى مبادئ الاحترام والتفاهم لخلق مناخ أُسري صحي للأطفال والعائلة عامة.
و لك اقرا في تاريخ السيرة النبوية و الصحابه ان اي منهم منع زوجته مِن التعليم او العمل او القيادة حتى فالتاريخ حافل بقصص النساء العظيمات القويات و سير نجاحهم في عملهم و امورهم و كيف كان الرسول عليه الصلاة والسلام يستشير بعض النساء الفاضلات و ياخد برأيهن اذا العنف الزوجي و اهانة المراة ليس مِن الديانات كلها و انما مِن الارث الاجتماعي المغلوط ولعلي اختتم مقالي بفتوي لدار الافتاء المصرية تؤكد فيها، إن الشرعُ الشريف أمر الزوجَ والزوجة بإحسان عِشْرة كل منهما إلي الآخر، وقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم معيار الخيرية في الأزواج قائمًا على حُسْن معاملتهم لزوجاتهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي» لذلك كان منهج النبي كما تحكيه زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؛ قالت: «مَا ضَرَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأةً ولا خادمًا»
و أكدت الفتوي ان استنادُ البعض لانتهاك جَسِد المرأة بالضَّرْب الوارد الآية الكريمة: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34]، ما هو إلا فَهْمٌ سقيم يخالف المنهج النبوي؛ لأنَّ الآية لا يُقْصَد منها إيذاء الزوجة ولا إهانتها، وهذا يتفق مع ما صَحَّ عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه نهى عن ضَرْب النساء بقوله: «لاَ تَضْرِبُوا إمَاء الله» ومعلوم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان أعلم الناس بمقاصد القرآن الكريم وأحكامه وشددت الفتوى ، على ان أحكام الشريعة الإسلامية وقواعدها تقتضي تحريم العنف الجسدي والنفسي ضد الزوجة، لاسيما وأنَّ الحياة الزوجية مبناها على السكن والمودة والرحمة؛ مشيرة الى معالجة الخلافات الزوجية، خاصة ما يتعلق بنشوز الزوجة وخروجها على طاعة زوجها وفقا للضوابط الشرعية ومنها : تجنب الشتم والسب والتحقير، و اللجوء الى الحكمين عند استفحال الخلاف.
والالتزام عند المعالجة المباشرة مع الزوجة بالمنهج الشرعي المعتمد، بدءا من الوعظ ثم الهجر، وانتهاء بالضرب غير المبرح الذي يكاد ان يكون اقرب الى التلويح به دون فعله، واللجوء اليه خلاف الاولى، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ولن يضرب خياركم»، واقتداء بفعله صلى الله عليه وسلم الذي لم يضرب امرأة قط. و اللجوء الى نظام الطلاق وفق القواعد التي قررتها الشريعة في ضبط درجاته - الرجعي، البائن بينونة كبرى او صغرى، واوقات ايقاعه. فتكريم المراة برأيي يبدا مِن بين اهلها فوالدها يجب ان يعزز بها الثقه بالنفس و حفظ كرامتها و عدم اهانتها حتى لا تكون خانعه و خاضه لكل مِن تسول له نفسه ايذائها و مِن والدتها التي يجب ان تعلمها حقوقها وواجباتها و ان لا تتنازل عن حقوقها و تقدم واجباتها بحب و امانه فكل شيء يبدا مِن الاسرة اولا و مِن ثم التاكيد على تلقيها العلم حتى تكون معتمدة على نفسها حتى لا تضطر قبول الاهانات و التعنيف مقابل لقمة العيش او المأوى في منزل مِن ينتهك حقوقها و كرامتها كما يجب و ان ام تكن تعمل حاليا ان تكون متدربة على العمل حتى تعمل في حالة حدوث آي طارئ بحياتها كما يجب ان تاخذ المراة حقوقها الشرعية في الارث حتى تحمي نفسها بالمستقبل او تعرضت للعنف لتجد ما يسد رمقها في حالة طردها مِن منزل الزوجية او تخييرها بين الطلاق او العيش في الذل
كما يجب على الدولة فرض دورة تعليمية تدريبية لمدة ثلاث اشهر على الاقل لكل متقدم على طلب الزواج ليتعلم المقبلين على الزواج كيفية ادارة امورهم في ايام السرور و الازمات و تعريف كل منهم حقوقهم وواجباتهم لتتعلم كل امراة حقوقها فتطالب بها على ان لا يستغل الرجل جهلها في حقوقها .