هاجر هشام
أتعرف ...
عندما أنظر قليلاً إلى الوراء، إلى فتاة تشبهني عاشت في عصر كان حلمها الأكبر فيه أن يسمح لها بالنظر إلى من ستتزوجه قبل ليلة دخلتها، عصر كانت فيه رؤيتها داخل جامعة تثير الاستغراب، أو ذاك العصر الذي كانت تناضل حتى يكون لها الحق في أن يظهر وجهها للعامة، عندما كانت مثيلاتي أداة لإفراغ شهوة، لا إنسانة تستحق الحياة والوجود، ليست إنسانة من حقها أن يكون لها صوت، كائن شيطاني يستحق الكبت لأن خروجه وتمتعه بالحرية خطر على أمتهم ومجتمعهم.
أتعرف ....
أرجع وأنظر إلى حالي هنا الآن، بعد هذا التطور والتغيير، أجد أني لا أختلف عنهن، "أنا عايشة في نفس القمقم" الذي عشن فيه قبلي، فقط قد غيروا لي ما يظهر على جدرانه، نعم، أنا لا ألبس البرقع، وجهي مكشوف وصوتي موجود وعال، لكني في عيونهم مازلت سافرة، وصوتي ليس أكثر من "أداة تنفيس"، نعم من حقي أن أمشي ولكن أيضاَ من حقهم أن يمتهنوني بكل الأشكال، من حقي أن أشتكي، ومن حقهم أن يتجاهلوا شكوتي بل وأن يعاقبوني عليها إذا رغبوا.
أتعرف ....
لقد سئمت منك، سمئت من نظرتك ونظراتك، أريد أن أخلع عينيك لأحس أني آمنة، لأشعر أني حرة، سئمت أبحث في عيونك وعيونهم عن احترام، لكنني لا أجده إلا قليلاً .
أتعرف ....
أعلم جيداً أنا من ينظر ليه بهذا الرخص لن يفهم ما كتبته الآن، وأعلم أن من يشعر بمعاناتي يفهم كل كلمة قبل أن أكتبها، لكني قررت أن أستخدم حقي في التحدث بصوت عالِ، حتى إن كنت مازالت أصرخ من داخل القمقم.